....... من خلال الخطابات التي ألقاها نتنياهو وأوباما،يتضح بشكل جلي وواضح،أنه لا تسوية في الأفق،فنتنياهو يقول بأنه لا عودة لحدود الرابع من حزيران،لأن ذلك على حد زعمه يشكل تهديداً لأمن إسرائيل،أما اوباما فرغم انه في خطابه تحدث عن دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران بدون ذكر للقدس أو قضية اللاجئين،لكنه أما ضغط اللوبي الإسرائيلي منظمة "ايباك" كما هو الحال في موضوع الاستيطان لم يصمد أو يثبت على موقفه،بل تراجع عن موقفه هذا هذه المرة سريعاً ً وبزمن قياس وبما لا يزيد عن ثلاثة أيام،حيث قال بأن العودة لحدود الرابع من حزيران،يجب ان تأخذ بالحسبان التغيرات الديمغرافية على الأرض،وهذا يعني تشريع الاحتلال،وإدارة الظهر لمقررات الشرعية الدولية.
باختصار وبالفم المليان عمق التحالف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتطابق مصالحهما في المنطقة،يجعل من الصعوبة بل من الاستحالة،أن تجد إدارة أمريكية تستطيع أو تتجرأ على أن تفرض حلاً على إسرائيل،أو حتى مجرد التلويح بفرض عقوبات عليها لخروجها وتمردها على قرارات الشرعية الدولية،وبالتالي ما تعمل عليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة في ظل ضعف الحالة العربية،وعدم وجود تهديد جدي وحقيقي لمصالحها في المنطقة،هو الاستمرار في إدارة الأزمة ،وتقديم وعود وشيكات بلا رصيد للعرب والفلسطينيين،مع منح إسرائيل الوقت الكافي،من أجل أن تستكمل مشاريعها ومخططاتها في التهويد والأسرلة وفرض الوقائع والحقائق على الأرض،من تكثيف وتصعيد الاستيطان في القدس والضفة الغربية،وبما يتفق مع خطة نتنياهو بتأبيد وشرعنة الاحتلال،مقابل تحسين الشروط والظروف الاقتصادية للسكان الفلسطينيين تحت الاحتلال،وبمساعدة دول الخليج العربي والاتحاد الأوروبي ودون تحمل حكومة الاحتلال لأية مسؤولية هنا.
إن هذه المواقف الأمريكية والإسرائيلية المعادية لحقوق الشعب الفلسطيني،والرافضة لأية تسوية سياسية تلبي الحدود الدنيا من حقوق الشعب الفلسطيني،حتى لو كانت دولة في حدود الرابع من حزيران،تجعل من المتعذر على أية قيادة فلسطينية،مهما تحلت بالواقعية والاعتدال،أن تعاود تجريب نهج المفاوضات العبثية،والتي هي ليست اكثر من مضيعة للوقت ولحقوق الشعب الفلسطيني،فمن يصرح أنه لا لدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران،ولا انسحاب من القدس ولا حق عودة ولا عودة لاجئين،يقول للفلسطينيين كما يقول المثل والمأثور الشعب"صحيح لا توكل ومقسم لا توكل وكل تتشبع"،وأيضا أوباما الذي عقب خطابه في جامعة القاهرة حزيران/ 2008،هذا الخطاب الذي هلل وطبل له الكثير من زعامات النظام العربي البائد وجوقته من جهابذة السياسة والإعلام والصحافة والفكر والثقافة،بأن هناك تغير استراتيجي في المواقف الأمريكية من القضايا العربية والقضية الفلسطينية،تتكشف حقيقة هذه الموقف على انها تكرار على نحو أسوء لمواقف الإدارات الأمريكية السابقة.
ومن هنا فإنه بات من الملح والضروري للفلسطينيين،سلطة ( رام الله وغزة ) وأحزاب وفصائل ومؤسسات مجتمع مدني وأهلي)،بعد كل هذا الانكشاف السافر والصلف والعنجهية والتنكر والعداء من قبل الإدارتين الأمريكية والإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية،وبعد التوقيع على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس في القاهرة في الرابع من هذا الشهر،العمل بشكل جدي وسرع لوضع اتفاق المصالحة موضع التنفيذ وبمشاركة كل ألوان الطيف السياسي،وحماية هذا الاتفاق من التخريب والإفشال،حيث أن إسرائيل وأمريكا تسعيان بكل قوة من أجل إفشال هذا الاتفاق،فإذا أتم أبو مازن المصالحة مع حماس أتهم بأنه يشجع "الإرهاب" واذا لم تتم المصالحة،يتحدثون عن ضعفه وعدم وجود شريك فلسطيني!!،ومن جهة أخرى أوباما يريد من حماس أن تعترف بإسرائيل وتلتزم بالاتفاقيات السابقة،وبالمقابل كل أحزاب اليمين والتطرف من" اسرائيل بيتنا" ومروراً بالأحزاب الدينية وانتهاء بالتوراتيين المتطرفين،لا يطالبهم اوباما بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية.
أي نفاق وازدواجية هذه؟،وأي ديمقراطية وعدل وحرية وحقوق إنسان وتقرير مصير التي يتحدثون عنها؟،والتي يحرمونها ويتخلون عنها عندما يتعلق الأمر بالشعب الفلسطيني،ويردون من هذا الشعب أن يمتثل لشروطهم وإملاءاتهم ورؤيتهم لما يسمى بالسلام،وأن يتخلى عن حقوقه وأهدافه الوطنية.
القيادة الفلسطينية الآن أمام اختبار جدي،اختبار في ظل لحظات حاسمة وتاريخية،فبعد استكمال مشروع المصالحة وتشكيل حكومة التكنوقراط،عليها أن تبني إستراتيجية بديلة تقوم على الصمود والمقاومة،إستراتيجية تلتف خلفها كل فصائل العمل الوطني والإسلامي والمجتمعي،وتعيد الاعتبار للبرنامج والحقوق الوطنية الفلسطينية،وكذلك ان تنقل ملف القضية الفلسطينية الى الأمم المتحدة وإخراجه من يد الرعاية الأمريكية واللجنة الرباعية،فالرباعية بوق وصدى للمواقف الأمريكية،ولا تمتلك أي رؤية أو صلاحيات أو قرارات مستقلة،وأمريكا تتماثل وتتطابق مواقفها مع المواقف الإسرائيلية،بل تشعر أحياناً أنها أكثر تطرفاً من المواقف الإسرائيلية.
إزاء ذلك على القيادة الفلسطينية أن تتمترس خلف موقفها،وعدم الرضوخ أو الاستجابة لأية إغراءات وضغوط واشتراطات أمريكية بالعودة للمفاوضات،فهذه المفاوضات لن تنتج لا دولة ولا قدس ولا حق عودة،فمن يتخذ قرار حق النقض "الفيتو" ضد اعتبار الاستيطان الإسرائيلي في القدس والضفة الغربية غير شرعي وغير قانوني،وكذلك من يهدد بحق نقض"فيتو" آخر ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عند عرض ذلك على مجلس الأمن الدولي في أيلول القادم،والقيام بزيارات لقادة الدول الأوروبية من أجل حملها على رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عند عرض ذلك على مجلس الأمن الدولي،فهو لن يقف الى جانب حقوق شعبنا الفلسطيني،ولذلك على القيادة الفلسطينية أن تستمر في جهودها وخطواتها،وتجنيد كل الطاقات والإمكانيات الإقليمية والدولية،من أجل تأييد الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل مجلس الأمن في أيلول القادم،وحتى لو اتخذت أمريكا حق النقض "الفيتو" ضد ذلك،فعلى القيادة الفلسطينية أن تستمر في فضح وتعرية المواقف الأمريكية وخوض معركة الاعتراف من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة،فلم يعد من المجدي الرهان واللهاث خلف وعود أمريكية وأوروبية غربية كاذبة،تم تجريبها واختبارها على مدى عشرين عاماً،لم تنتج سوى مزيداً من الاستيطان ومصادرة للحقوق الفلسطينية،وعلى ضوء الثورات العربية،فلا بد من إعادة القضية الفلسطينية الى حاضنتها القومية العربية،فهي الكفيلة بتقوية الحلقة الفلسطينية،كذلك يجب أن تشعر أمريكا عربياً بان هناك تهديد جدي وحقيقي لمصالحها في المنطقة،وبما يجبرها على إحداث تغير جدي في مواقفها لصالح الحقوق العربية والفلسطينية.
فالواضح على ضوء المواقف الأمريكية والإسرائيلية التي عبر عنها بخطابات اوباما ونتنياهو أنه لا تسوية في تلوح الأفق،وأن المنطقة مقبلة على مرحلة من الاحتمالات المفتوحة.
0 comments:
إرسال تعليق