نعم هي جبهة الحكيم، لكنها تفتقر للحكيم، وقد لا يختلف اثنان على ذلك، فشتان ما بين الكلمة والكلمة، الكلمة التي هي السيف المجاهر بالحقيقة ووضوح الموقف في تفاصيل التفاصيل، وبلا شك أن تعليق الجبهة الشعبية لاجتماعاتها في اللجنة التنفيذية عبر عن وضوح في الرؤيا، وجاءت العودة لتكون نتيجة طبيعية للمصالحة التي نتمنى أن لا يكون اليسار الفلسطيني شاهد زور على عملية محاصصة قد تدفع بشعبنا وقضيتنا لما لا تحمد عقباه على اعتبار أن السياسة لا تُأخذ بالنوايا.
بالأمس حضرت الجبهة الشعبية اجتماعات اللجنة التنفيذية، وقد رحب الرئيس عباس خلال الكلمة التي ألقاها بعودتها، لكن الملفت للنظر أن الرئيس قال إننا نرحب بعودة الجبهة الشعبية بعد حل الخلافات الداخلية لديها، وهذا هو مربط الفرس، والسؤال هل تعليق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطينية حضورها اجتماعات اللجنة التنفيذية جاء بناء على الخلافات كما جاء على لسان الرئيس عباس؟؟ كانت الجبهة أعلنت وقتها أن التعليق جاء بناء على عودة السلطة للمفاوضات المباشرة، ولا أريد أن أخوض بالتفاصيل على اعتبار أن التصريحات التي صدرت عن قيادات الجبهة استنكرت نهج التفرد والاستكانة للنهج الأمريكي الإسرائيلي وكان هناك وضوح في الموقف تجاه تعليق حضور اجتماعات اللجنة التنفيذية، وبالطبع وبعد رجوع الجبهة لحضور الاجتماعات يطرح السؤال نفسه، هل تغيرت المعطيات والأسباب التي أدت إلى وقف التعليق؟ بالطبع نتمنى ذلك.
دعونا نبتعد عن التلاعب في الكلمات، فالقضية ليست قضية إعلان بتعليق الحضور أو العودة، والقضية ليست قضية بروتوكولية وحضور شكلي يؤدي إلى إضافة كمية هي عبارة عن شاهد زور على مرحلة لا تحتمل المتغيرات الغير مدروسة، وبالتالي هناك حاجة لإقناع الشعب الفلسطيني الذي شاهد عصي الأجهزة الأمنية الفلسطينية المتصالحة تنهال على رؤوس من نادوا بعدم الذهاب للمفاوضات المباشرة في رام للة، والذين خرجوا في مسيرة سلمية مطلبيه في غزة، ورغم ذلك المطلوب من كل فلسطيني عفا اللة عما مضى بشرط عدم العودة للذي مضى.
أحاول أن استحضر كلمات مواقف الحكيم جورج حبش، وخاصة أن شعبنا يفتقر للحكماء الذين لم يرهنوا مواقفهم للحالة وتصميمهم على التمسك بما نادوا من أجلة وإخلاصهم لما انطلقوا من أجلة حتى اللحظة الأخيرة والرمق الأخير على اعتبار أن القضية ليست شخصية، وان فلسطين ليست ملكاً لأحد، وبالتالي التقدم على العادي الذي ينادي بالممكن الآني على صعيد القضية الفلسطينية ببعدها الداخلي والنضالي، فهو الذي لم يؤمن بالحدود ونادى بتحطيمها وبشر واستبشر بذلك وهو على فراش موته عندما صمم أن يعرف أخبار غزو من ماهر الطاهر لتكون الابتسامة الأخيرة لرجل عاش غمار الفكر والثورة وربط بين النظرية والتطبيق، وها نحن نشهد وبعد رحيله عنا بسنوات انبعاث أبناء اللد من رفاقه يجتاحون الحدود في الذكرى الثالثة والستين لنكبة شعبنا ليصولا إلى حيفا ويافا ويعلنوا عودتهم ولو إلى حين، وفي ذلك رسالة واضحة لكل الأطراف.
لا يمكن لأي عاقل رفض الوحدة الوطنية، ولكن الوحدة الوطنية لا تؤسس على الكم، للوحدة الوطنية روافع تاريخية علينا التمسك بها، ولا يمكن الاستكانة للشكل الذي هو الوجهة الأخر للتبعية، ولا يمكن ربط الحضور والتعليق باستحقاقات هذا الفصيل آو ذاك كما حدث مع الجبهة الشعبية التي أوقفت السلطة استحقاقاتها أو مخصصاتها، ولا يمكن ربط العودة للجنة التنفيذية بالضائقة المالية التي هي حالة دائمة.
لماذا العودة عن التعليق؟؟؟ واضح أن هناك مستجدات وطنية، لكن ماذا لو عدنا إلى المفاوضات المباشرة وبدون شروط؟ ماذا لو تعرقلت المصالحة؟ وما العمل إذا فشلنا في تشكيل الحكومة؟ وما هو الموقف العملي من الاعتقال السياسي وخاصة آن المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية وقطاع غزة يهددون بالإضراب المفتوح عن الطعام؟
عادت الجبهة الشعبية لتحضر اجتماعات اللجنة التنفيذية، هل يعني أننا بصدد مرحلة جديدة؟؟؟ هل هذا الموقف يعبر عن وضوح رؤيا واستحقاقات مرحلة؟؟؟ هل كما قال الرئيس عباس حل للخلافات الداخلية؟ هل للجانب المالي دور في اتخاذ القرار؟ هل في الجبهة الشعبية حمائم وصقور؟ داخل وخارج؟؟ غزة وضفة؟؟ هل تسرعت الجبهة في العودة؟ وهل تَسرعت بالأصل في تعليق حضور اجتماعات اللجنة التنفيذية؟هي مجرد تساؤلات لا تصل إلى درجة الاتهام، لكن من المهم اعتماد وضوح الرؤيا وخاصة في ظل الضبابية التي تغلف الأجواء الفلسطينية حتى في ظل اتفاق المصالحة الذي انتظرناه طويلا.
قد نكون بصدد مرحلة جديدة وخاصة بعد توقيع اتفاق المصالحة الذي وقعته فتح وحماس، وإذا افترضنا أننا تجاوزنا أثار الانقسام ودخلنا كفلسطينيين حالة من الحراك الديمقراطي ولا اقصد الانتخابات فقط وإنما ترسيخ الحياة الديمقراطية وحقوق الإنسان الفلسطيني على صعيد حرية الرأي والتعبير وإعادة الاعتبار لشعبنا وقضيتنا، واستبعد أن من مصلحة الحركتان المتصالحتان تعزيز الديمقراطية إلا في الجوانب التي تخدم أجندتهما ومن خلال إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية التي لن تأتينا إلا بالديمقراطية الشكلية التي هي انعكاس للعشائرية السياسية.
إن الوضع الفلسطيني بعد المصالحة على مفترق طرق ويحتاج لفعل حقيقي تقوده فصائل المعارضة التي لم يعد مقبولا أن تمارس المعارضة الناعمة المعتمدة على فلسفة التلقي والترحيب الغير مستندة إلى التغيير الحقيقي الذي طالما انتظره الشعب الفلسطيني، ومن الصعب أن نشهد التغيير طالما أن المعارضة غارقة في نرجسيتها التي تقف عائقاً أمام الشعار والممارسة التي تشكل الضمانة الحقيقية للجم أية تجاوزات تستهدف النسيج المجتمعي والمشروع الوطني، والفرصة سانحة وناضجة لتشكيل جبهة معارضة تقودها فصائل منظمه التحرير الفلسطينية أو بعضها لإحداث تغيير في موازين القوى الداخلية، وما لعبة تشكيل الحكومة إلا دليلاً صارخاً على أننا نعيش الحالة الخلافية ولكن بشكل آخر، فالذي اطلع على الأسماء المرشحة للحكومة الجديدة يستنتج وبسهولة أن المشهد السياسي يدور في حلقة مفرغة، وان أطراف الصراع انتقلت من الحالة لتناحريه إلى لعبة عض الأصابع التي ستفضي إلى تقسيم الكعكة.
قال احدهم الحمد للة أنهم وقعوا اتفاقية المصالحة قبل ذكرى النكبة فقد جاءت فعاليات ذكرى النكبة أل 63 مختلفة فقد رسمنا بروفة العودة، وقال لي صديق من غزة كسروا احد أضلاعه لن نخافهم وسنستمر في النزول إلى الشارع ورفع صوتنا، كان ذلك قبل توقيع الاتفاق، وقال أخر نريد أن نتنفس الهواء النقي بعيداً عن الحسابات الضيقة الأفق، وقد تكون الفرصة مواتية للجم أية محاولة للعودة إلى الوراء ما يفرض على الجبهة الشعبية وقوى اليسار وكل الرافضين حشرنا في عنق الزجاجة استحقاقات لا بد منها.
0 comments:
إرسال تعليق