....... يعاني الأسرى المرضى،القابعون في سجون الاحتلال ،الأمرين،فهم لا يستطيعون استيعاب مرضهم،الذي ألم بهم وهم داخل السجون الإسرائيلية،لا يعرفون هل سيتم الإفراج عنهم أحياء أم أموات؟ كما أنهم يعانون من بطش قوات "النحشون" و"المتسادا"-وحدات قمع السجون- خلال تنقلهم بين المعتقلات،وإجراءات التفتيش المذلة،والتي تصل حد التعرية وامتهان الكرامة الشخصية،ناهيك عن الإنهاك والتعب خلال السفر،حيث ينقلون في "البوسطات"-السيارات الخاصة بنقل الأسرى - التي هي أقرب إلى علب الصفيح المغلقة،حيث تنعدم فيها التهوية،وكذلك الاكتظاظ الشديد،ناهيك عن مقاعدها الحديدية المصممة لزيادة عذاب الأسير ومعاناته،والنقل فيها يضيف لمعاناة الأسير المريض معاناة إضافية،ويذكر بصهريج الشهيد الكاتب،الأديب،المناضل المبدع غسان كنفاني في رائعته "رجال في الشمس" وعبارته الشهيرة "لماذا لا يدقوا جدران الخزان" نعم إنها رحلة عذاب وموت بطيء،فالأسرى المرضى في سجون الاحتلال معاناتهم مضاعفة،فعدا عن الظروف والأوضاع الكارثية التي يعيشها أسرانا في سجون الاحتلال بشكل عام،فأن الأسرى المرضى يتعرضون إلى عمليات إهمال طبي وتعذيب ممنهجة ومنظمة تشارك فيها إدارات المعتقلات وأجهزة مخابراتها والمستوى السياسي،والأطباء والممرضين في السجون ليس لهم علاقة بالإنسانية أو مهنة الطب،فهم أداة من أدوات الاحتلال خادمة لمخابراته وإدارات سجونه،فكثير من الأسرى المرضى يتعرضون الى الابتزاز من قبل أطباء وممرضي السجون،بربط استجابتهم للتعامل مع الاحتلال مقابل تقديم العلاج لهم،أو تقديم الاعترافات أثناء التحقيق مقابل العلاج،وهناك عشرات الأسرى المصابين بأمراض مزمنة وخطيرة كالسرطان والقلب والسكري والفشل الكلوي وغيرها،20 حالة مصابة بالسرطان و88 مصابة بالسكري و25 حالة تعاني من الفشل الكلوي و20 حالة تعاني من إعاقة وتحتاج للمساعدة في الحركة منها 10 حالات تعيش في مستشفى سجن الرملة بشكل دائم 3 حالات منها مصابة بشلل نصفي،وأيضاً هناك العديد من الأسرى المصابين بأمراض نفسية وعصبية،ويضاف لهم الأسرى المصابين بالرصاص أو شظايا قنابل أو انفجار عبوات ناسفة يتمنون الموت على الحياة،حيث جروحهم تتعفن وأعضائهم تتلف أمام أعينهم،وفي أحيان كثير تصل بهم المعاناة والألم إلى حد تمني الموت على الحياة،وهناك العشرات من الأسرى المرضى فقدوا بصرهم أو بترت واستأصلت أعضائهم جراء سياسة الإهمال الطبي ورفض تقديم العلاج،أو الأخطاء الطبية أو إجراء التجارب الطبية عليهم والعقلية السادية لإدارات السجون وأجهزة مخابراتها،ولكم أن تتصورا كيف تتحول حياة الأسرى في غرفة من غرف المعتقل،أو قسم من أقسامه إلى جحيم لا يطاق،حيث تتعمد إدارة المعتقل الزج بالأسرى الذين يعانون من أمراض نفسية في غرف الأسرى،أو تقوم إدارة المعتقل بالزج بأسير مرضي نفسي مع أسير آخر معزول لا يعاني من مرض،وهنا القصدية واضحة،بقصد تصفية هذا الأسيرالمعزول أو جعله يتمنا الموت على الحياة،وعليك تصور هذه الحياة وهذا الجحيم؟،والأمر لا يقف عند هذا الحد فالعديد من الأسرى المصابين بأمراض خطيرة استخدمتهم إدارات السجون الإسرائيلية لإقامة وإجراء تجارب طبية محظورة عليهم،من خلال فحص مدى نجاح أو فشل أدوية جديدة لم تمنح التراخيص للتسويق ولم تثبت نجاعتها طبياً،وهي ترفض تقديم العلاجات لهم كنوع من الإذلال والعقاب وامتهان الكرامة،وأيضا هناك الكثير من الأسرى المرضى تعرضوا للعزل في الزنازين وأقسام العزل الخاصة عقاباً لهم على المطالبة بالعلاج وتوفير الرعاية الطبية،وكم من إضراب خاضته الحركة الأسيرة من أجل توفير العلاج لأسير أو من أجل أن يتم نقله الى المستشفى نظراً لخطورة حالته؟،وإدارات السجون لا تماطل فقط بتقديم العلاجات أو توفير الأدوية الضرورية للأسرى،وعدم إجراء العمليات الجراحية لهم في موعدها،والنقص الحاد في الأطباء التخصصين من عيون وأسنان وانف وأذن وقلب وسكري وغيرها،بل في كثير من الأحيان تكون الأدوية والعلاجات ليست أكثر من مسكنات،كما أن إدارات السجون إمعاناً في تعذيبها وامتهانها لكرامة الأسير،ترفض إدخال أطباء من الخارج ولو على الحساب الشخصي للأسير،والأسير في معتقلات الاحتلال يتعرض إلى موت بطيء،حيث الإهمال الطبي والظروف المعيشية السيئة فكثير من غرف المعتقلات والتي كانت اسطبلات خيول في زمن الانتداب البريطاني تفتقر الى الشروط الملائمة للحياة البشرية حيث الرطوبة المعشعشة في الجدران وانعدام التهوية والإضاءة الكافيتين والاكتظاظ الشديد،يضاف لذلك حملات وغارات التفتيش المذلة النهارية والليلية لقوات ووحدات قمع السجون المسماة"بالنحشون والمتسادا"،وما تتركه تلك العمليات والتفتيشات المذلة والعارية من آثار تدميرية مادية ومعنوية على حياة الأسرى.
إن هذه السياسة التدميرية والممنهجة من قبل إدارات السجون الإسرائيلية،ضد أسرانا بشكل عام والأسرى المرضى بشكل خاص،تهدف بالأساس الى تدمير الأسير الفلسطيني والانتقام منه،ودفعه الى الانتحار أو الجنون أو الخروج من السجن بعاهات جسدية مستديمة أو أمراض نفسية لا شفاء منها،وهذا يستدعي من المؤسسات الحقوقية والإنسانية الدولية المتشدقة بحقوق الإنسان ومبادئ القانون الدولي أن تتدخل بشكل فوري من أجل إنقاذ حياة هؤلاء الأسرى،فالأسرى المرضى الفلسطينيون يتعرضون إلى موت بطيء ويتحولون من شهداء مع وقف التنفيذ الى شهداء فعليين،كما أنه على السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب ووزارة شؤون الأسرى والمؤسسات الحقوقية والتي تعنى بشؤون الأسرى محلياً،ان تقوم بأوسع تحرك شعبي ورسمي فلسطيني لطرح قضية هؤلاء الأسرى على كافة المحافل الدولية من أجل إلزام إسرائيل بتطبيق الاتفاقيات الدولية عليهم،والعمل على إطلاق سراح الحالات المرضية المزمنة،وخصوصاً أن حكومة الاحتلال ترفض الإفراج عن أي أسير فلسطيني أو عربي مريض دون ان تكون متيقنة أنه لا أمل له في الشفاء،وهناك العديد من الأسرى المرضى الذين أطلق سراحهم،والذين استشهدوا بعد فترة قصيرة من تحررهم من الأسر مثل الأسيرين مراد أبو سكوت وهايل ابو زيد وكان آخرهم الأسير المحرر العربي السوري الشهيد سيطان الولي والذي استشهد في 23/4/2011،بعد أن قضى في سجون الاحتلال 23 عاماً،هؤلاء الأسرى وغيرهم من الأسرى المرضى غيبهم الموت واستشهدوا بعد فترة قصيرة من إطلاق سراحهم.
هؤلاء الأسرى المرضى وخاصة القدماء منهم،بالضرورة أن تكون أسماؤهم حاضرة وواردة في أية صفقة تبادل تجري بالجندي الإسرائيلي المأسور "شاليط"،والتنازل عنهم أو تركهم في السجون وبالذات منهم من أسرى الداخل الفلسطيني- 48 – أو القدس،يشكل طعنة غادرة لنضالات وتضحيات هؤلاء الأسرى.
0 comments:
إرسال تعليق