إن الاحتفالات الرسمية في لبنان بما يسمى زوراً وبهتاناً، "عيد تحرير الجنوب" في 25 أيار من كل سنة، هي مسرحيات مهينة لذاكرة وذكاء وعقول وتضحيات اللبنانيين، وخيانة فاضحة لدماء الشهداء الأبطال، كما أنها عروض مبتذلة وهزلية واستعراضية مفرغة من كل مضامين الحقيقة والمصداقية والوطنية.
هذا، ومن المحزن والمستغرب والمخيف في آن، أن خطاب حزب الله الشعوبي والمذهبي والتحريضي والغزواتي الذي يروج لحروب طواحين الهواء لا زال يُفرح بعض العقول المسطحة وهي مستنسخة عن تلك العقول الغبية التي كانت تحتفل في شوارع بغداد بعد هزيمة صدام حسين الأولى وقبل سقوطه بتظاهرات تهتف للانتصارات التي حققتها أم المعارك؟ هذه العقول للأسف ما زالت تطرب لخزعبلات الانتصارات الوهمية التي سمعها العرب قبل حرب الأيام السة سنة 1967، والتي كانت تلوح برسوم صواريخ "الظافر" و"القاهر" وبإلقاء اليهود في البحر، والكل بالطبع مدرك للهزائم المدوية التي حصدتها شعوب المنطقة بسبب تلك السخافات.
هذا العيد "الكذبة والإهانة" فرضه على دولة لبنان المحتل السوري الذي انكشف الآن أمره وسقطت عن وجهه المزيف والحربائي كل أقنعة التحرير والمقاومة والممانعة والعروبة والوحدة الكاذبة، وها هو هذا المحتل منذ ثلاثة أشهر وبشكل يومي مستمر يقتل أبناء شعبه واهانة كراماتهم وتدمير مدنهم وبلداتهم، وقد تفوق في إجرامه المستشري على فظائع أعتى المجرمين وعلى كل دموية جماعات المافيا وتوابعها. وبما أن الاحتلال البعثي المجرم هذا قد انتهى إلى غير رجعة، فمن الحق والعدل بمكان أن تنتهي فصول "مسخرة" عيد تحرير الجنوب" ويشطب من سجلات الدولة اللبنانية ومن العقول والذاكرة إلى غير رجعة وغير مأسوف عليه.
وحتى تتوقف مهازل الذمية والتقية، ومن أجل أن لا تتكرر مأساة حرب تموز 2006، "حرب لو كنت أعلم"، وغيرها من الحروب الجهادية التي يبشرنا فيها السيد نصرالله، وحتى لا يُستنسخ إجرام غزوة أيار 2008، وحتى لا تُعاد مسرحيات التحرير والمقاومة الخادعة، وخزعبلات "وحدة المسار والمصير"، وحتى لا يموت أولادنا مرة أخرى من أجل قضايا خادعة وغير لبنانية، من أجل كل هذا نطالب بإلغاء القرار الحكومي الذي جعل من 25 أيار عيداً وطنياً، كما نطالب القيادات اللبنانية الوطنية أن تعلن بشجاعة أن حزب الله لم يحرر الجنوب، ولا هو عربي أو حزب تحرير ومقاومة، إنما نتاج عسكري ميليشياوي أصولي لحقبة احتلال سوريا البغيضة لوطننا، وفرقة عسكرية إيرانية تحتل أراضي لبنانية وتقيم عليها مربعات أمنية ودويلات خارجة عن شرعية الدولة اللبنانية
نريد أن نقطع إجازة العقل ونطلب من القيادات اللبنانية بكافة أطيافها وقف مسلسل التكاذب والدجل والخروج من عقلية وفخاخ التقية والذمية. عليهم الشهادة للحق والإعلان بصوت عال إن حزب الله أعاق وآخر تحرير الجنوب ما يزيد عن 14 سنة، ولم يكن له أي دور في تحريره، وهو انهزم وهزم معه كل لبنان في حرب تموز، وأن لا قيامة للدولة اللبنانية في ظل وجود دويلته، كما أن الاستقلال لن يصبح ناجزاً وكاملاً قبل عودة أهلنا اللاجئين في إسرائيل معززين ومكرمين وتعويضهم عن كل أنواع الظلم والتجني والإفتراءات التي تعرضوا لها.
الكل يعرف، وبالكل نعني أصحاب العقول الراجحة، والضمائر الحية، والجباه الشامخة، والرؤوس العالية، الكل هذا يعرف أن حزب الله لم يحرر الجنوب، بل أعاق وعطّل وأخر تحريره لسنوات، وأن كل ما يبني عليه مشروعية مقاومته منذ عام 2000 وما قبل ذلك هو مفبرك وملفق ولنا في ما كان ميشال عون، حليف حزب الله الأول اليوم، قد قاله يوم كان لا يزال قريباً من الله ومن الحقيقة وقبل أن يسقط في فخاخ أطماعه ونزواته الأرضية.
في أسفل أقول "حرفية" للعماد ميشال عون، هي غيض من فيض في هذا السياق قالها يوم كان يخاف الله ويشهد للحقيقة، وهي تتناول واقع حزب الله المقاوماتي وكذبة التحرير وفبركة ملف مزارع شبعا:
2/5/2000/: "وإلى أن يحين العيد الحقيقي، نرفض الاشتراك بأعياد التخدير، ونترك نشوتها للمدمنين على المخدرات؟""
29/5/2001/: "إن الحقيقة المرة التي نلمسها اليوم هي تحوّل المقاومة إلى أداة سياسية تسخّرها دمشق في خلق المعادلات الداخلية، لتركيز سياساتها في لبنان، وتدعيم نظامها في سوريا"
14/7/2001/: "لقد قاومت سوريا عملية الانسحاب الإسرائيلي، ولما لم تفلح في منعها، أجهضت بضغطها على لبنان تنفيذ القرار 426، وابتدعت قضية مزارع شبعا بغية إبقاء لبنان خاصرة رخوة لإسرائيل ومنطقة واقية لسوريا".
9/4/2002/: "قضية مزارع شبعا كذبة، وأنا مسؤول عما أقول، لا يمكننا تعديل الخريطة على مزاجنا، مزارع شبعا ليست لبنانية، وحتى ولو كانت الأرض لبنانية فهي مضمومة سورياً منذ زمن ولبنان سكت عنها، والحكومة اللبنانية لم تذكر مرة أن لديها أرضاً محتلة خاضعة لتنفيذ القرار 242، على العكس قالت أنها لست معنية بالقرار 242، وليس لدي أرض محتلة، فلا يمكن أن تتراجع وتتبناها بعد تنفيذ القرار 425 وتقول أن لديها أرضاً محتلة".
23/6/2000/: "وبالمناسبة ننصح الذين يريدون الاحتفاظ بالسلاح، بسحبه من الأيدي وخزنه، فمقاومة الاحتلال انتهت بزواله، ولا أمل بامتدادها إلى ما بعد الحدود، ولن يؤذي هذا السلاح بعد الآن سوى حامليه، كما لا معنى لأي تحرير لا يتحول إلى سيادة وطنية مطلقة".
من هنا فإن لا صدق في هذا العيد كما أن غالبية الذين يشاركون الاحتفال به هم من طينة ميشال عون، ومن جماعات المنافقين والذميين والوصوليين، وسوف يكونون في مقدمة من يتخلون عن حزب الله وينقلبون ضده عندما تتغير رياح الأمر الواقع وهذا يوم قريب لا محالة.
في الخلاصة، حزب الله لا يمت للبنان ولا للبنانيين بشيء، فهو جيش ملالي إيران في لبنان، وإيراني بالكامل في عقيدته وفكره وتمويله ومشروعهً وتنظيمه وقيادته ومرجعيته وتسليحه وقراره، وهو ليس مقاوماُ ولكنه يتاجر بشعارات المقاومة والتحرير، ويهزأ بأرواح وكرامات وسلامة وأمن ولقمة عيش اللبنانيين، ويأخذ بالقوة المسلحة "والبلطجة" و"التشبيح" والإرهاب لبنان الدولة والشعب رهينة. حزب الله تنّين إيراني يقضم ويفترس ويهمش مؤسسات الدولة اللبنانية، ويضطهد وينكل باللبنانيين بهدف إقامة دولة ولاية الفقيه الإيرانية على كامل التراب اللبناني، وكل كلام في غير هذا الإطار هو هراء ونفاق وقيض ريح.
0 comments:
إرسال تعليق