الهمجية من بيروت إلى نجع حمادى/ مجدى نجيب وهبة

** أجرت الخارجية المصرية إتصالات بالسلطات اللبنانية لإبلاغها إستياء مصر من جريمة قتل مواطن مصرى والتمثيل بجثته ، ودعت الخارجية المصرية إلى إستدعاء السفير اللبنانى بالقاهرة لتبليغه إستياءها ، هذا بجانب تكليف "أحمد البديوى" السفير المصرى فى بيروت بإجراء إتصالات مع السلطات اللبنانية للوقوف على ملابسات مقتل مواطن مصرى والتمثيل بجثته على أيدى أهالى قرية "كترمايا" اللبنانية ، كما طالب النائب العام بسرعة التحقيق والوقوف على أسباب الجريمة ، كما تقدم 20 نائب بمجلس الشورى بطلبات إحاطة للخارجية المصرية للوقوف على ما تم من إجراء بصدد هذا الحادث ... على سياق أخر قال مصدر مضطلع بجهاز الأمن الداخلى اللبنانى أن تحليل الـ "DNA " الذى وجد على "التيشرت" وسكين وجد فى مسكن المواطن المصرى كشفت تطابق الدماء مع دماء الضحايا الأربعة وهو ما يعنى مبدئياً إنه مرتكب الجريمة ، كما أكد المصدر أن محمد مسلم إعترف بإنه مرتكب جريمة قتل اللبنانيين الأربعة ، هذا وقد إنتقدت معظم الصحف اللبنانية الجريمة وإعتبرها البعض إدانة صارخة لكل المؤسسات الأمنية والإدارية والسياسية وعودة إلى زمن "الهمجية" ... أما صحيفة "السفير" اللبنانية فقد إعتبرت أن ما حدث دليل على أن لبنان بأنظمتها الفكرية والثقافية والإجتماعية تعيش فى عصر ما قبل الدولة !!! ، ولأن الجريمة تمثل العودة للعصور الجاهلية فقد أدان الجميع الحادث وإشتعل الشارع المصرى بالغضب فى الوقت الذى تجاهل وتناسى الجميع حدوث أحداث ووقائع مماثلة ، فعلى مشارف بعض المراكز والقرى القابعة على الطرق السريعة فى المحروسة ، إذا تعرض أحد المواطنين لحادث طريق نجد أن الأهالى يخرجون فى ثورة عارمة لتدمير وحرق كل ما تطوله أيديهم فإذا طالت أيديهم صاحب المركبة المتسببة فى الحادث ، يعتدون عليه وقد يلفظ أنفاسه من قسوة الإعتداء والضرب ، وأخر هذه الأحداث خروج الألاف من أهالى قرية منشية عبدالله بالفيوم وقاموا بقطع الطريق بعد مصرع أحد أبناء القرية تحت عجلات سيارة مسرعة .. كما فى صعيد مصر حوادث مماثلة للثأر من الخصوم والجناة دون إنتظار لكلمة القضاء .. ولا ينشر الخبر إلا فى بضعة سطور فى بعض الصحف ... هذا وقد طالب بعض المواطنين القصاص من القتلة وتحويل الأمر إلى أزمة بين الشعبين المصرى واللبنانى .. كما طالب البعض إعلان الحرب على الجنوب السنى اللبنانى بل وقطع العلاقات مع الجنوب اللبنانى .
** هذا عما حدث فى قرية "كترمايا" اللبنانية فهل يذكرنا هذا بما يحدث فى قرى ونجوع ومحافظات مصر المحروسة ، وأخر هذه الحوادث الهمجية البشعة هو إطلاق وابل من الرصاص على شباب صغير السن فى عمر الزهور لم يرتكبوا أى جريمة ولم يسفكوا أى دماء ، بل أن جريمتهم كما يرى الكمونى "السفاح الإرهابى" إنهم أقباط خرجوا للإحتفال بليلة عيد الميلاد وأثناء عودتهم لأهاليهم عقب إنتهاء صلاة العيد كان هناك أمام الكنيسة بعض السفلة والإرهابيين فى إنتظارهم أمطروهم بوابل من رصاص السفالة والغدر .. لم يكونوا سوى عصابة من مصاصى الدماء الإرهابيين يقودهم بلطجى يدعى الكمونى والذى سبق أن إعتقل أكثر من مرة فهو مسجل خطر بلطجة وفرض إتاوات وسرقة ، ولم يجد هذا الإرهابى إلا صديق عمره عضو مجلس الشعب عن الدائرة "حزب وطنى" عبد الرحيم الغول ليقف بجانبه ... بل أن الأخير تعهد للشرطة بضمانه على أن يتم الإفراج عنه فى إحدى قضايا البلطجة والمحبوس على ذمتها وذلك قبل تنفيذ هذه الجريمة البشعة ، ورغم بشاعة الجريمة وسرعة تحرك النائب العام وسرعة القبض على الجناة إلا أنه يبدو أن هناك عملية تبريد وتسقيع للقضية تمهيدا لحصول المتهم الأول على البراءة وعلى رأى المثل "اللى فات مات وخلونا ولاد النهاردة" ، وللأسف الشديد وقف مجلس الشعب متمثلا فى أمين الحزب الوطنى المهندس "أحمد عز" بجانب صديقه الغول رافضا رفع الحصانة عنه للتحقيق معه فيما نسب إليه من شبهات حول الحادث أو فى علاقته بالكمونى أو الدواعى التى تدفع بعضو مجلس شعب بإقامة مشاريع "مصالح بيزنس" أو فى البلاغ المقدم من النائبة جورجيت قلينى بسبب الإتهامات والألفاظ البشعة التى وجهها الغول للنائبة داخل البرلمان الموقر .. لم يراعوا النواب مشاعر أهالى الضحايا ولم يشغلهم الحادث الإجرامى البشع ولكن كل ما كان يشغل النواب وأمين الحزب الوطنى هو إنقاذ الغول والوقوف بجانبه والتأثير على النائبة لسحب شكوتها التى تقدمت بها للنائب العام .
** هكذا تكيل الدولة بمكيالين فى الجريمة الأخيرة رغم كونها ثأر إلا أن الجميع أدانوا الحادث ومازالت الصدور مشتعلة ، وفى الثانية جريمة بشعة قتل أرواح 6 من شباب نجع حمادى وهم فى فى طريقهم إلى أسرهم بعد إنتهاء عيد قداس عيد الميلاد وللأسف لم تكن الإدانة سوى "نقل التعازى" و "جبر الخواطر" بل لقد وجدنا بعض البرامج الفضائية تضلل العدالة لطمس الحقيقة والواقع وجعل الحادث هو القصاص من الضحايا وجعله حادث جنائى وليس طائفى بسبب أحداث فرشوط والتى إتهمت فيه صبية من أهالى قرية فرشوط شاب مسيحى بإغتصابها والمطلوب أن نصدق هذه الفزورة بل وتحرق القرية بأكملها ويقتل ويحرق أبناء القرية من أجل فتاة إدعت فى القسم أن شاب إغتصبها ونتساءل أين دم هذه البكر المغتصبة والذى بالقطع سيكون عالقا على ملابسها لماذا لم يتم الكشف عليها من قبل الطب الشرعى .... ألا تدركون إنها قمة المسخرة والسفاهة والإدعاء الباطل أن يتم الإتهام دون دليل واحد .. هكذا عزف الجميع سيمفونية الكذب والتضليل وتحول المجنى عليه إلى جانى وقلبت الحقائق والموازين .. وليت الأمر يقتصر على ذلك بل يتم إسكات جميع الأصوات التى تطالب بالقصاص من القتلة وذلك بتوجيه الإتهامات للمعترضين أو الثأرين بالتحريض على إشعال الفتنة الطائفية ومرة بإتهام أقباط مصر العاملين بالخارج بالخيانة والإستعانة بأجندة أجنبية لزعزعة الإستقرار بين عنصرى الأمة كلام ماسخ مكرر وخضار حمضان ، بل فى معظم الأحوال تخرج الأصوات لتعلن بأن هذه الأحداث هى شأن داخلى حيث لا يسمح النظام بأى تدخلات خارجية "يعنى نتضرب بالجزم وليس لنا حق الإعتراض .. نقتل وتسفك دماءنا وليس لنا حق الصراخ أو القصاص من الجناة" ، فهناك من يطلق النار ومن يحرق كنيسة ومن يحرق منازل الأقباط ومن يسلب أموالهم وممتلكاتهم والجرائم كثيرة ومرعبة فأين العدالة والمطالبة بالقصاص من القتلة والإرهابيين ، بل من المضحكات أن يتم إجبار الجناة على توقيع عقود الصلح العرفى بطعم المهانة والمذلة مع تبادل الأعناق الزائفة والمضللة وقبلات الأفاعى !!! .
** إن قضية نجع حمادى لن تختلف كثيراً عن الألاف من القضايا أو الإعتداءات التى مورست ضد الأقباط داخل الوطن .. فمتى يكف نزيف هذا التمييز والسفالة والإجرام ... وفى النهاية نقول عيب يابلد .. عيب يابلد ، فقد سئمنا وسئم العالم هذه الأعمال الإجرامية التى يجيد عزفها جماعات الإرهاب الدموى والتمثيليات القذرة والإدعاءات الباطلة فهل نتصالح مع أنفسنا ويتم القصاص من جناة نجع حمادى أم يحفظ البلاغ مثل غيره وكالعادة تصدر أحكاماً بالبراءة لعدم ثبوت الأدلة مثل أحداث الكشح والخانكة والزاوية والعديسات وأبو فانا وبنى والمس والأقصر و... و... و... و...
** نتمنى ألا تطول المحاكمة حتى لا ننسى ضحايا مجزرة ليلة عيد الميلاد ، ثم نفاجئ بمجزرة أخرى وسقوط ضحايا جدد وذلك إستمراراً لمسلسل "الهمجية الفاشلة" على أرض المحروسة ... لنبدأ من جديد .


رئيس مجلس إدارة جريدة النهر الخالد
Email:elnahr_elkhaled2009@yahoo.com

CONVERSATION

0 comments: