قدسية الحب وممارسته عند الشاعر يحيى السماوي/ المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري

تحيتي القلبية الخالصة يا أيها السماوي ...
وسلام على السيد شربل بعيني ...
ما قولي بهذا إلا لأنني ما هضمت عنوان القراءة التي تفضل بها السيد الكريم : شربل بعيني ... حيث قال إباحية يحيى السماوي (الشعرية) قمة  (ذروة) القداسة ... حيث أني ما وجدت بلسان العرب ما يطابق اللفظ إلا من خلال إقحام المفهوم الجنسي له ليس من باب ما ورد في لغتنا العربية بل من باب الفهم الحاصل من إقحام التعريف الغربي له على لغتنا ... - وقد أكون مقصرا في بحثي عن اللفظ ودلالته في قواميسنا ومعاجمنا - 
لكن كيف لنا أن نجعل للإباحة قداسة .؟؟؟
....لكني أقول من باب أن لغة القرآن بها حياء كما جاء في قصة يوسف إذ تجعل منا نمج الفعل ونستنكره ... فأقول بأن العنوان الذي يليق بنصوص الشاعر يحيى السماوي ....
يكون كما أراه :
قدسية الحب وممارسته عند الشاعر يحيى السماوي ...
.وذلك لما أرى من أن الشاعر اعتمد في نصه هذا الأفاظ الدالة على الجمال تبتلا...عفيفا طاهرا ...وعليه لو رجعنا لنص الشاعر لوجدناه أنه استعمل أولا : الخلع . 
والخلع فيه مهلة وإرادة قيام بفعل طلبا لحال كما في قوله تعالى : إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى طه (12)وهنا صورة من صور اللإمتثال للمحبوب في أبدع صور الجمال .
والنهد لا يطلق عليه هذا اللفظ إلاّ إذا كعب وهنا اذكر قوله تعالى : وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا النبأ (33) وارتبطت في سياقه بالجزاء الحسن في طلب متعة الخلود ...كما ارتبطت بما لها من طهر مادي ومعنوي ... ثم ارتباط المعنى بأن أغشى النور المنبعث بيان غياب وتغييب الشهوة لتصير عفة الرؤية من غير مشاهدة نظر تجسيمي مادي للبدن ومفاتنه ... 
وحينما وظف ما جاء في القرآن من قوله : "هَيْتَ لكْ" بنبرة الصراخ والصراخ لا يكون إلاّ من تشتت تفكير عقل وبُعد عن السيطرة عن النفس مع إشارة لما للفظ من حياء بأن صار الفعل مما تمجه النفس ويستنكره العقل ... وهكذا يكون توظيفه اللفظ في بناء العبارة يرتقي بحيائه دلالة على الطُهر الجواني والبراني ...
وقول الشاعر :
ما أذكره أن حريقاً بارد النيران 
شقّ البحر
صار الموج عشباً
طلعت من بينه حورية
تلبس فستاناً من الورد
عليها هالة ضوئية..
أو ربّما شبّه لي.
بداية صار من الشاعر التذكر يكون من استعادة صور سطرت معنا بالذاكرة وكأنه هنا مراجعة بفعل حدث يثير النفس لتعيد " برمجة " شعورها بمقتضى الحدث الحاصل ... 
وهكذا أرى أن الشاعر يحيى السماوي صار إلى تأثر بقوله تعالى : قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ الأنبياء (69) 
وقوله تعالى: وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا النساء(157) -
فالشاعر قد شابك في انسجام رحلة التاريخ بين إرادة الله في بيان حقيقة أن لا جمع بين الضدين إلاّ بأمره حيث صارت النار بردا وسلاما كما حقيقة الإنسان بأنه الكائن الوحيد الذي يحمل الضدين شعورا من انعكاس صور الوجود معه ... وحقيقة ما شُبه من قتل عيسى الذي تقول رسالته بممارسة السلام ... وما قتل عيسى دليل بقاء خالد في الدارين فهنا يريد الشاعر أن السلام حال ممارسة دنوية بمقتضى الإرادة وحال خُلد أخروي ... 
كما جمع بين جمال الصورة " حورية " ولين الشعور " الوردة " واهتداء السبيل من انتشار ضوئي ." هالة ضوئية: 
فصار الشاعر بين نوعين من السلام كل منهما يفوق الآخر نقاء وجمالا في الوقت والزمان ... 
لا أريد أن أطيل لأصل إلى قول الشاعر يحي السماوي :
فخّخت بالقبلات ثغري..
وارتديت حزام شوقي..
يا التي
أضحت لبستاني الربيعَ السومريّ
وجدولَهْ
وصنعتُ من عطشي لمائك
قنبله!
وهنا في لسان العرب أن الفخ هو مصيدة أو فخة هي نومة وكل منهما فيه طلب المتعة والراحة ... وهنا أميل لمعنى الصيد لأنه يوحي هنا بأنه تم إمساك الثغر بالقبلات ليكون الصمت عابرا للشعور قربة شعور في متعة اللقاء 
والحزام كل ما يشد به حتى لا يصير افلات ولا انفلات وارتداؤه وكأنه بذلك أراد من كله أن يكون مشدودا لمحبوبة لا بعُد يرتضيه ... واعتمد الشوق حزاما . ومن شده الشوق صار إلى التماهي فما بال من صار كله شوقا ...
والقنبلة في لسان العرب في ما ذهب إليه الشاعر تدور حول معنيين هما المصيدة أو الإشعال ...وفرق بين المتفجرة والقنبلة لما لهما من واقع حال بين الإنتشار الضار والبقاء على الحال نفعا 
وأميل إلى معنى الإشعال هنا ليكون العطش من شوقه السابق الذكر زيادة ونماء بتزكية طاهرة طلبا لاستمرار وجود لبقاء رسالة الوجود من خلال طهر اللقاء تحت ظل رسالة السماء ...
لأن خاتمة النص تبين وتبلغ أن الحب حرف وامرأة في ظل الوطن تحت راية السماء ...
اعتذر عن الإطالة كما اعتذر عن الخطأ إن ورد مني فلقد كتبت هذه في عجالة ...
**
انقر هنا لقراءة مقال شربل بعيني
**
تعليق الشاعر يحيى السماوي على المقال
المختار لعروسي البوعبدلي الجزائري : السلام عليكم أخي الأديب المضاء بنور التقى ورحمة الله وبركاته .
تعدد الرؤى في فهم النص دليل عافيته ، وبقدر تعلق الأمر برؤى الصديق الشاعر شربل بعيني، فهي تلتقي مع رؤيتك إذ أن القاسم المشترك بينكما ـ كما بالنسبة لدراسات أخرى تناولت قصائد المجموعة كدراسة الشاعر الناقد سردار محمد سعيد والشاعر الناقد عبد الستار نور علي ـ هو أن قصائد المجموعة تتناول موضوعة العشق وتجلياته وموضوعة الجنس لا باعتباره شهوة آنية إنما باعتباره ضرورة وجودية وممارسة جسدية وروحية معا أفضى إليها ذوبان العاشق بالمعشوق في تماه ٍ يجعل من الإثنين واحدا .
الإباحية كلمة قاموسية موجودة في لسان العرب يا صديقي مشتقة من " البوح " الذي يعني ظهور الشيء كما يعني بثّ السرّ كقولنا : باح لي الصديق شوقه، ومن اشتقاقاته الإباحة التي تعني الإنتهاب كما في الحديث الشريف: ( تى يَقْتُلَ مُقاتِلَتَكم ويَسْتبِيحَ ذَرَارِيكم) أو كقول عنترة العبسي: حتى اسْتَباحُوا آلَ عَوْفٍ عَنْوَةً بالمَشْرَفِيِّ
ومن اشتقاقات الفعل أباح الباحة وتعني وسط الدار أو "حوش الدار" كقولنا: هذه دار باحتها واسعة. كما أن من معاني الباحة: البستان الصغير الكثير النخل .
كل المعاني موجودة في قصائد المجموعة بمعناها الإباحي لأنني فعلا ً " أبحتُ " لنفسي الجنس كممارسة أرضية ولكن : بسموٍّ روحيّ ـ وهذا ما توصّل إليه الصديق الشاعر شربل بعيني كما توصّلتَ أنتَ إليه في قولك إن المجموعة تتناول "قدسية الحب وممارسته " .
أنتما ملتقيان يا صديقي الأديب القدير .
**

CONVERSATION

0 comments: