مروحِـيّـة الـمُزارع ملحم/ محمود شباط

في الساعة السادسة من صبيحة يوم مشمس من صيف العام 2055،  مشهدُ القرية الريفيّة الجبليّة عاديٌّ ككل يوم، المزارع ملحم الساعي يجلس مع زوجته في مروحيَّته الصغيرة التي تعمل بالطاقة الشمسيَّة كي يذهبا معاً لحصاد القمح. 
المُزارعة الشابة في مقعد القيادة. الأنامل الناعمة تتحرك على لوحة التحكم بسرعة أنامل عازف مُحترف. انطلقت الطائرة بالزوجين المزارعين إلى حقلهما وحطّت في سهل تصغر فيه البقَعُ الزراعية كلّ يوم لحساب أبنية جديدة وطرق جديدة. 
ما إن حطّت المروحيّة في الحقل حتى ضغطت السيدة زراً أدى إلى فتح بابَـي كوّتين بجانبي الطائرة، كلّ منهما بحجم شاشة تلفزيون متوسط الحجم، خرج منهما صفٌّ من الرجال الآليين يعملون بالطاقة الشمسيّة، لا يزيد ارتفاع قامة أطولهم عن شبرين، تقدم خمسة منهم تنتهي أذرعتهم بمقصَّاتٍ معدنية وشرعوا بالحصاد بسرعة فائقة ودقة متناهية، بينما الخمسة الذين خلفهم يجمعون ويربطون ويُكوِّمون الحصاد وينقلونه رزماً محكمة التوضيب إلى جانب طريق على تخوم الحقل حيث سكة القطار. 
وبينما الرجالُ الآليُّون يعملون بجدّ ودون توقُّف قامت السيدة بتسخين القهوة على سخَّانة تعمل بالطاقة الشمسية. ومع انتهاء جلسة القهوة كان الرجال الآليُّون قد أنهوا مهمَّتهم وعادوا بصفٍّ مستقيم للجلوس في الكوَّتين اللتين خرجوا منهما. 
في تلك الأثناء مرَّ قطارُ الحصادِ الذي يعمل دون سائق، وعلى الطاقة الشمسيّة، توقَّف بجانب رُزَمِ الحصاد وأدخلها إلى جوفه بواسطة ذراع معدنية آليَّة، وحين وصل إلى محطة القرية نزلت منه شاحنتان إحداهما تحمل القمح والأخرى تحمل التبن واتجهتا دون سائقين نحو دار المزارع ملحم كي تفرغا حمولتهما هناك. 
عَكَّر صفو مزاج ملحم المبتهج بجني موسمه دون جهد جسدي سماع ابنه يبكي ويشكو لأبيه بأن ابن جيرانهم عَـيَّرهُ بتخَلُّفِ مروحيَّتهم. 

الخبر في 01/02/2015 

CONVERSATION

0 comments: