الفيلم المسيء للإسلام/ فاطمة ناعوت

الوطن
هل شاهدتم الفيلم المسيء للإسلام؟ شاهده العالمُ أجمع، واستاء منه العالمون، إلا النكرات من أعداء الحق والخير والجمال. استنكره المسيحيون والبوذيون والهندوس والطاويون والزرادشتيون واللادينيون والملحدون، تمامًا مثلما غضب منه المسلمون الحقيقيون. ورحّب به الإرهابيون تجارُ الدين سارقو الفرح من العيون. وكيف يستاءون وهم صنّاعُ الفيلم ومنتجوه ومُخرجوه وممثلوه وكومبارسه وكُتّاب سيناريوه وقابضو ريعه! 
صُناع الفيلم ليسوا مجموعة من الطائشين في الدنمارك أو أمريكا. أصحابنا الدنماركيون والأمريكان سُذّج أغرارٌ صنعوا أفلامًا هلاميةً عبيطة قصدوا بها محاربة الإسلام، فإذا بهم ينصرونه بل تسببوا في دخول الكثيرين من غير المسلمين في الإسلام. كان هذا بسبب سذاجة المحتوى وزيف الأداء ورداءة التمثيل وضعف الإنتاج الفالصو. على أن الفيلم الجديد الذي يُعرضُ الآن على أرض المحروسة، تسبب في خروج المسلمين من الإسلام زرافاتِ ووحدانا. السبب: لأن الَمشاهدَ واقعيةٌ، والممثلين حقيقيون، وتكلفة الفيلم محترمة والمنتجين من الحيتان المترهلة والغيلان السمينة، والثيران المتضخمة ثرواتهم.
الرصاصُ الذي ينطلق في وجوه الأبرياء: رصاصٌ حقيقيّ؛ وليس "فشنك" صوت كما في الأفلام العادية. دماءُ الضحايا: حقيقية من صنع الله؛ وليست صبغةً حمراءَ في كيس نايلون يُخرم بدبوس. دموعُ الأمهات الثكالى، والزوجات الأرامل، والأطفال اليتامى: حقيقيةٌ حارقةٌ تصهرُ الأكباد وتصدّع الأفئدة؛ وليست قطراتٍ ساذجةً من الجلسرين تلمعُ فوق الوجوه. دموعٌ كاويةٌ نازفةٌ داميةٌ، كالتي شاهدناها تطفرُ من عيني والدة الضابط الشريف "محمد مبروك"، الذي اخترقت جسدَه أربعُ عشرة رصاصةً حيّة. الكنائسُ والمساجدُ والمنشآتُ والمؤسساتُ التي تُهدَم وتُفجّرُ في كل مشهد: ليست ديكورًا قشريًّا وماكيتات زائفة كما في هوليود ومدن الإنتاج السينمائي؛ إنما هي مبانٍ حقيقية تُهدَّم على رؤوس مَن فيها. والجثاميُن التي تُنتَزعُ من تحت الأطلال، والأشلاءُ التي تتطاير أمام العدسات: حقيقيةٌ من لحم ودم وأحلام موؤدة وغدٍ لن يأتي، وليست دُمَى قشٍّ، وعرائسَ من البلاستيك! 
مدة الفيلم: أطول فيلم في التاريخ. ليس ساعتين أو ثلاثًا، بل استغرق وقت العرض خمسةً وثمانين عامًا. لوكيشن المناظر: أرضُ مصرَ، وإحدى وسبعون دولة أخرى. المؤلف: إبليس. الإخراج: مشترك؛ البنّا، الهضيبي الأب، التلمساني، أبو النصر، مشهور، الهضيبي الابن، عاكف، بديع. مساعدو المخرجين: مرسي، العريان، الشاطر، البلتاجي، علاء صادق، أم أيمن، الظواهري، وجدي غنيم، أبو إسلام، القاعدة، طالبان، وآخرون. الإنتاج: ضخم، مجهول المصدر. لوجو شركة الإنتاج: سيفان متقاطعان مثل مقصّ سفاح يحيط بكتاب القرآن الكريم يحاول أن يشطره نصفين. الممثلون: مجموعة من العواطلية والمرتزقة. الكومبارس: مجاميع من الخاملين المقاطيع لهم تسعيرة معروفة يُؤمرون فيطيعون. مهندس الإضاءة: لا يوجد؛ الفيلم تم تصويره في الإظلام التام بمخابئ سرية تحت الأرض. مهندس الصوت: لا يوجد؛ الأصواتُ طبيعيةٌ يؤديها الضحايا بأنّات نبيلة خافتة قبل صمت الاحتضار، وصرخاتُ ذويهم تظلّ تدوّي في فضاء الكون إلى الأبد. مدير التصوير: كلُّ كاميرات الدنيا وشاشات الفضائيات وعيون البشر. فكرة الفيلم: استخدام اسم الله من أجل سرقة الأوطان. مضمون الفيلم: تقديم صورة شائهة للخالق، وزرع الفتن والضغائن بين البشر، وتكريس قيم الفساد والانتهازية والدموية والطمع والكذب. تقييم النقاد والجمهور: رديء جدًّا فنيَّا، مُسِفٌّ وهابطٌ أخلاقيًا، وإن كان الإنتاجُ هائلا، والتكلفةُ باهظةً. 
وكعادة الأفلام المتواضعة فنيًّا، تتعقد الدراما، وتتأزم العقدةُ، وتتكدّسُ الأحداثُ قرب انتهاء الفيلم؛ فيزداد القتل والترويع والبشاعة مع تتكاثف خيوط الحبكة الدرامية لتشكّل غيمةً سوداء يأتي بعدها الفرج بإذن الله حين ينتهي الفيلم الركيك. وبالفعل، أوشك الفيلمُ على كتابة كلمة: "النهاية" قريبًا، لينزل التترُ بأسماء الممثلين والكومبارس وهم واقفون خلف القضبان. أما لوكيشن مشهد النهاية، فسوف يكون هو ذاته كما في بداية الفيلم، قبل ٨٥ عامًا، على أرض "أم الصابرين"، مصر.

CONVERSATION

0 comments: