ألوانُكَ إشراقةُ فرحٍ، طفولةٌ مزدانةٌ بأريجِ النّعناعِ البرّي/ صبري يوسف

إهداء: إلى الفنّان التَّشكيلي المبدع صدرالدِّين أمين
فنَّانٌ مسربلٌ بهفهفاتِ بوحِ الطَّبيعة
مجبولٌ من حليبِ الحنطة!


أرقصُ فرحاً من بهجةِ انتعاشِ الرُّوح
أعبرُ ربوعَ غابةٍ حلميّة متناغمة 
معَ همهماتِ كائناتٍ مبهرة في روعةِ حبورِها 
تعانقني أغصان الجّمال 
قلبي في رحلةِ فرحٍ نحوَ فراديسَ القصيدة
روحي مسربلة بأهازيجَ الإبتهال! 

تتناهى إلى مسامعي 
تغاريدُ طيورٍ خرافيّة  
كأنّها منبعثة من أزمنة غابرة 
قبلَ أن يولدَ هذا الزّمان
كأنّي في حضرةِ تجلِّياتِ جموحِ الخيال!

تلهو الطُّيورُ معَ كائناتٍ متماهية 
     مع آفاقٍ أسطوريّة 
مموسقة بإيقاعٍ خلَّاب
توحي لنا بقصصٍ وحكاياتٍ منسوجة 
من شهقةِ انبهارِ تدفُّقاتِ الجّمال!


بهاءٌ موشوم على رحابةِ حلمٍ متراقصٍ 
بإنسجامٍ مدهش 
ينقشُ الفنَّان خميرةَ عشقٍ
     فوقَ ضفائر الحنين 
كائناته متلألئةٌ بخيوطٍ مذهّبة 
كأنّها منبعثة من نضارةِ سديمِ الصَّباح 
تزهو عناقاً معَ سموِّ الرُّوحِ 
وهي تحلِّق عالياً 
نحوَ تيجانِ المحبَّة 
كي تستلهمَ من ضرعِ السَّماء
     ابتهالاتِ الألوان! 

تلملمُ بمهاراتٍ شفيفة 
حميميات طفولة معشَّشة 
في كينونتنا منذُ فجرِ الإنبعاثِ  
تناغي أعشابَ الرّوحِ 
من خلالِ خيالٍ تبرْعمَ فيه
كنوزُ مناراتٍ مشرئبّةٍ 
     من أشهى شموخِ العطاءِ
كأنّها متطايرة في ليلةٍ قمراء 
     من بساتينَ الجَّنّة
منسابة من خيالِ فنّانٍ منعتقٍ 
     من شوائب الحياةِ!

يتهاطلُ موشورُ ألوانه ألقاً 
     على إيقاعِ شهوةِ المطرِ 
بحثاً عن عرينِ الجّمالِ المتناثرِ
     فوقَ خدودِ الدُّنيا 
يستنهضُ عوالم طفولة شفيفة 
     من أحلامِ كائناتٍ برّيّة 
توّاقة إلى كائناتٍ أهليّة 
تتلملمُ حولَ تنّورٍ يشعُّ وهجاً 
مرشرِشاً رذاذاتِ الألوانِ
     فوقَ خيوطِ الحنين 
يهفو إلى اكتنازِ خبزٍ محمّصٍ 
     بأصفى بركاتِ الحياةِ! 

كرنفالٌ لوني مخضّلٍ بجمالِ الرّوح 
كأنّه يناجي أنغام سيمفونيّة منبعثة 
من تلألؤاتِ أحلامٍ غافية 
بين ينابيعَ روحٍ ظمآى
     إلى ابتهالاتِ قلبٍ 
في ليلةٍ مبلَّلةٍ بالقرنفلِ
هائماً أن يغفو بين أجنحةِ مملكةٍ 
متعانقة بأزاهيرَ الحنين!

تتوهَّجُ بانتعاشٍ 
تدفّقاتُ ألوانِ فنّانٍ مقمّطٍ 
بشغافِ مروجِ الطُّفولة 
فوقَ موشورِ حلمٍ مستوطنٍ 
في مآقي غيمةٍ حُبلى بأسرارِ الحياة 
حلمٌ باذخٌ يجنحُ 
     نحوَ شهقةِ السَّماءِ الظَّليلة 
ينفرشُ انبعاثُ ضوءَ الرّوحِ 
     فوقَ خدودِ اللَّيلِ 
يزدادُ جموحاً 
     نحوَ آفاقِ سموِّ السّنابل!

فنّانٌ مسكونٌ بشغفِ العبورِ 
     إلى جمالِ الكائنات
ينثرُ رحيقَ عشقِهِ 
     فوقَ ينابيعَ الطّفولة
يزرعُ بذورَ حبِّهِ 
     فوقَ تيجانِ الصَّباحِ 
منتظراً خصوبةَ غدٍ مجبولٍ
     ببياضِ أريجِ الياسمين 
يرسمُ حنين ألوانِهِ 
     على مسارِ انبلاجِ القصيدة 
يهفو إلى حبّاتِ المطرِ 
     وباقاتِ السَّنابل
فنَّانٌ مسربلٌ بهفهفاتِ بوحِ الطَّبيعة
كأنّه منبجسٌ من أسرارِ البحرِ
مجبولٌ من حليبِ الحنطة 
مستنبتٌ من سديمِ السَّماء!

يرسمُ في أوجِ تدفُّقاتِ الحلمِ 
     حوارَ الكائنات 
متعانقةً بكلِّ حبورٍ 
     معَ أمواجِ البحارِ
يعبرُ هلالاتِ القصيدة 
بألوانٍ مذهّبة بنورِ الحياة 
يرسمُ وهجَ الرّوح وهي تسمو 
نحوَ هلالات السّماء
يصيغُ بهاءَ الألوانِ 
من ألقِ تجلّياتِ الإبتهالِ 

لوحاتٌ مستنبتة من خيالٍ منسابٍ
     من خريرِ الأحلام 
تختالُ عذوبة الألوان زهوَّاً 
     فوقَ أسرابِ اليمامِ 
أشبهُ بنضارةِ رذاذاتِ الماءِ الزُّلال!

شوقٌ مفتوح إلى منعرجاتِ الذَّاكرة البعيدة 
قبلةُ عشقٍ ممهورة فوقَ خدودِ عاشقة 
مسترخية فوقَ طراوةِ عشبٍ 
     في الهواءِ الطَّلقِ 
ألوانُكَ اشراقةُ فرحٍ  
طفولةٌ مزدانةٌ 
     بأريجِ النّعناعِ البرّي

تنسجُ بوحَ الحنين من مآقي الزُّهورِ
كأنّك خلاصة طينٍ معجونٍ 
من مذاقِ أحلامِ الرّوح 
كيفَ لملمْتَ كلّ هذه الأنوار السَّاطعة 
     فوقَ جفونِ هذه الكائنات؟!
هل جُبِلْتَ من وهجِ عشقٍ مندلقٍ 
     من شهوةِ الأزلِ؟ 

تبدو كأنّكَ وميضُ نيزكٍ متناثرٍ 
     فوقَ خدودِ القصائد 
خيالُ حبٍّ متأصِّلٍ 
في شموخِ جبالٍ مكتنزةٍ 
     بأسرارِ همهماتِ اللَّيل 
تناغي ألوانُكَ بكلِّ ابتهالٍ 
استمطارَ يراعِ الرُّوحِ  
غائصاً في توهُّجاتِ شوقِ الأرضِ 
لأسرارِ إنبلاجِ هلالاتِ السَّماء! 

تنبثقُ أحلامُكَ من عطشِ الرُّوحِ 
     إلى مهدِها الأوَّل
كأنّكَ في انتظارِ هديلِ اليمامِ 
من جوفِ الوادي المبرعم بالزّنبقِ البرّي 
كأنّك مصهورٌ في انبلاجِ فرحٍ 
     من بحبوحةِ الخيال 
طقوسٌ لونيّة راعشة كمرحِ الغابات 
تزدهي في ظلالِ الرُّوح  
هل نحن أنشودةُ عشقٍ مستولدة 
     من مآقي الغمام 
أم أنَّنا تدفُّقات نسيم مندّى 
     بأريجِ الصَّباح؟!     
عناقاتٌ بهيجة على اِمتدادِ بوحِ الخيالِ 
كأنّنا إزاء كرنفالٍ عشقي 
بين كائناتٍ منسابة ألقاً 
     في أحضانِ الطَّبيعة 

يرسمُ الفنّان بحبورٍ دافئ 
عالماً مضمَّخاً بنضارةِ الإخضرار 
مسحةٌ أليفةٌ تضيءُ جفونَ الغابات 
تهفو طفلةٌ إلى طائرٍ موشَّحٍ بازرقاقٍ فاتح 
يرنو إلى سمكةٍ صغيرةٍ مسترخيةٍ 
بين أحضانِ طفلةٍ حالمةٍ بمرجانِ البحرِ  
                                                                                            
تنطلقُ غزالة جامحة بكلِّ شموخٍ 
فوقَ تلالِ البساتين 
تصغي إلى هسيسِ دبيبِ الأرض 
     وخشخشاتِ الأرانب ... ... ...! 


أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
sabriyousef56@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: