هل أتاك حديث الجاهلين بأمريكا/ نافزعلوان



يا أخي لا أعلم من أين يأتي بعض الكتاب العرب والصحف العربية بأمنياتهم عن قرب إفلاس أمريكا وإنهيار أمريكا وهذا السيل من الخرافات التي لا تنم إلا عن جهل ليس بأمريكا وماهي أمريكا بل ينم أيضاً عن جهلهم بأبسط قواعد الإقتصاد الأمريكي وعلي ماذا يعتمد، والمضحك أن في كل ما ( يقصون ويلصقون ) الأخوة الكتاب العرب عن بلوغ الولايات المتحدة الحد الأقصي الذي يسمح للحكومة الأمريكية بالإقتراض وإن دل هذا علي شيئ فهو يدل علي جهل عميق وراء السبب الحقيقي في أن الولايات المتحدة تقوم بالإقتراض بل وما الذي يمكنها من الإقتراض بهذه الكثافة المالية وهل تستطيع أي دولة في العالم أن تقترض كما يمكن للولايات المتحدة أن تقترض من أي دولة تشاء في هذا العالم?

أولاً لا يوجد هناك دولة في العالم لديها حصيلة ومدخرات ودخل عام كالذي لدي الولايات المتحدة تمكنها من الإقتراض، وقبل أن نطلعكم علي الأسباب التي من أجلها تقترض الولايات المتحدة نحب أن يعرف القارئ العزيز أن القروض التي تقترضها الولايات المتحدة هي إحدي قنوات الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة لدول العالم المختلفة.

مع نهاية الحرب العالمية الثانية أخذ الحجم التجاري والاقتصادي في الولايات المتحدة في النمو وبلغ فائض المدخرات إلي أرقام خيالية بينما بقية دول العالم الخارجة لتوها من الحرب العالمية الثانية شبه منهارة ومنهكة إقتصادياً، ولكن لا زالت تملك أرصدة مالية لا تمكنها مع توافرها من أن تقوم تلك الدول بتشغيلها وجلب موارد لتلك الدول تتناسب مع حجم وكم مصروفاتها قرر الكونجرس الأمريكي أن من أجل دعم بقية دول العالم ومنع إنهيارها بالكامل أن يصدر قراراً يسمح للحكومة الأمريكية الإستدانة من تلك الدول بضمان الإقتصاد الأمريكي الجبار بفوائد مرتفعة من الدول التي تقرر الولايات المتحدة أن تستدين منها وبذلك يكون العائد المادي علي تلك الدول من جراء تسليف أموالها إلي الولايات المتحدة أكثر بكثير من ما كانت ستجنيه تلك الدول لو قامت بإستثمار أموالها في ظروف دولهم المنهارة تحت بند المكسب والخسارة، فدولة كاليابان علي سبيل المثال وألمانيا وبريطانيا ومعظم دول الغرب كانت لديها أرصدة مالية ظخمة ولكن لا وسيلة لها أن تقوم بإقحام تلك الأموال في مشاريع تدر أرباحاً علي المدي القريب وهناك من كان محضور عليهم إنشاء أي صناعات كاليابان وألمانيا فكان لا بد من إيجاد وسيلة تقوم بتحصيل مدخول لتلك الدول وكانت إدانة الأموال للولايات المتحدة هي أفضل وسيلة لتشغيل تلك الأموال.

وعندما تصل الولايات المتحدة إلي الحد الأدني المسموح به أن تستدين الحكومة الأمريكية فإن هذا لا يعني قرب ولا حتي مجرد أن يجول بالحسبان أن الولايات المتحدة علي وشك الإفلاس، كل ما يعنيه هذا الأمر هو أن الولايات المتحدة غير مسموح لها بالإستدانة إلا بقرار من الكونجرس برفع سقف الإستدانة هذا وبلوغ الولايات المتحدة هذا السقف هو في الحقيقة كارثة علي الدول التي تستدين منها الولايات المتحدة لأن هذا يعني إنقطاع دخل جديد عن تلك الدول ومجرد أن تواصل الولايات المتحدة دفع الدفعات المترتبة عليها لتلك الدول بدون دخل جديد فإن هذا يعني جموداً في إقتصاد بعض دول العالم والتي في بعضها تعتمد تلك الدول إعتماداً شبه كلي علي إدانة أموالها لدولة مضمونة كالولايات المتحدة، ومن يحسب أن شركات الصناعات اليابانية علي سبيل المثال والحكومة اليابانية تجني أرباحاً طائلة من صناعة السيارات أو بقية الصناعات الأخري فهو لا يعلم أبجديات الأقتصاد الصناعي الدائر في العالم، الشركات الصناعية الظخمة تستمد معظم دخلها من إعادة تسليف أموالها سواء للدول أو للأفراد لأنها تجارة مربحة لا تستطيع بمنتجها الصناعي أياً كان أن تقترب مجرد الإقتراب من حجم الأرباح التي تدره عملية تسليف الأموال وإعادة تسليفها.

يتضح من ما تقدم وعلي عكس ما يهلل به من لا يزالون يعيشون من دعم الولايات المحتدة ولا تزال حساباتهم الشخصية في البنوك بالدولار الأمريكي ودولهم التي تقوم علي دعم الولايات المتحدة، يتضح لهم أن من العار والعيب عليهم أن يخوضوا مجرد الخوض في الأقتصاد الأمريكي وهو الذي أكبر من أن تستوعبه عقولهم المحدودة وليذهبوا إلي مقاعد الدراسة ويجلسوا بأدب شديد ليتعلموا أن الاقتصاد الأمريكي يستند علي العديد من عوامل الأمان وأن حجم الصناعات في الولايات المتحدة وإستثماراته لو توقفت فإن هذا يعني شلالاً تاماً للعالم لا يدرك ولا يقترب كل الكتاب العرب من معني ما يكتبون عن الإقتصاد الأمريكي. رحم الله أمرئ عرف قدره فوقف عنده.

 - لوس أنجليس

CONVERSATION

0 comments: