لبنان وكرةُ النار (الحلقة1)/ شوقي مسلماني


منذ استصدار القرار 1559، بعد الغزو الأميركي الهمجي للعراق، ولبنان يشهد فصولاً عجيبة غريبة، وحتى إنّ بعضها ظهر سافراً في اصطناع الفتنة المذهبيّة، أو سافراً في تمترسه خلف خيارات إسرائيليّة، أو سافراً في إغراق لبنان بالمديونيّة، أو سافراً في اختلاق سياسيين دُمى ... وإلخ.
ولبنان لا يزال يعيش توالي هذه الفصول المجرمة من دون رؤية حكيمة جامعة، ومن دون رؤية تحديد من يكون الصديق ومن يكون العدو وما بينهما.
ولكن هذا ليس كلّ شيء لأنّ المسألة متشعِّبة والآراء متجاورة أو متنافرة.
وها هنا مداخلات جريئة:

1 ـ العنصريّة الأنكلوسكسونيّة
ـ علي قزق (سفير فلسطين السابق في كانبرا)
إن ما يجري في لبنان هو خطير جداً، وهو جزء من الهجمة الإستعمارية على الأمة العربية بحلقاتها المتواصلة منذ الحروب الصليبية إلى مؤامرة سايكس بيكو ووعد بلفور والحرب العالمية الأولى فالثانية وإلى التحالف الغربي الصهيوني وزرع الإستعمار الصهيوني في قلب عالمنا العربي. لا يمكن أن تستقر المنطقة طالما أن هذا الإستعمار الصهيوني المدعوم من قبل الدول الغربية وخصوصاً مجموعة الدول الأنجلو ـ سكسونية يعبث بعدوانه وإحتلاله وعنصريته، وهل يمكن التعايش مع العدوان والعنصرية؟ لنسأل السؤال، من خلق إسرائيل ومن يدعمها ومن يعطيها الغطاء في خرق القرارات والقانون الدولي ومن يحميها من عقاب المجتمع الدولي؟ أليست مجموعة الدول الأنجلو ـ سكسونية المتمثلة بشكل رئيسي في الولايات المتحدة الأمريكية وإنكلترا وأستراليا وكندا؟. ولنسأل السؤال الذي يسأله كل عربي وغير عربي، ما معنى أن تتحالف حكومات عربية مع أعداء الأمة العربية وحقوقها؟ وما الذي يمكنها من ذلك؟ وما العمل؟. الجواب هو في سلب المواطن العربي من حقوقه الإنسانية، حقه في التنظيم وفي التعبير، وسلب حقوقه الديموقراطية في إختيار ممثليه، فالحل والجواب هو في نزع المواطنين العرب لحقوقهم الإنسانية هذه، وتحقيق النظام الديموقراطي، فلن تتخلص الشعوب العربية من حكام يتحالفون مع أعدائها سوى بالديموقراطية، ولن تتحد الشعوب العربية بدون حصولها على الديموقراطية، ولن تعد الشعوب العربية العدة وتحمي حقوقها وتحرر أرضها ومقدساتها بدون حصولها على الديموقراطية. فالديموقراطية في رأيي هي الحل وهي تشكل أكبر خطر على إسرائيل والمصالح الإستعمارية في عالمنا العربي.
وطالما أن هناك حكام "عرب" يطبقون مؤامرة سايكس ـ بيكو ويحمونها ويكرسون تقطيع أواصر الأمة العربية، وطالما أنهم لا يتحملون مسؤولياتهم القومية والإنسانية والدينية ومواجهة هذا الخطر والعدوان المتمثل بدويلة إسرائيل فلن تستقر المنطقة، إن كان في لبنان أو غيرها، فالجميع يدفع الثمن من عدم إستقراره ومن مستقبل شعبه وأجياله. أما رأيي بالسياسيين اللبنانيين فهو كرأيي بالسياسيين في كل الدول، فإنني أحترم الكثيرين منهم وأحتقر آخرين، هناك من لديه قيم ومبادئ إنسانية وأخلاقية، المخلص والصادق في إنتمائه لوطنه وشعبه وأمته، وهناك العميل والمنافق والعنصري ومن لا يهمه سوى مصالحه الخاصة ولديه الإستعداد لخدمة مصالح الأعداء ووضعها فوق مصالح شعبه. الأكثرية من السياسيين اللبنانيين ينتمون للشريحة الأولى، ولكن المشكلة بأنهم منقسمون إلى أحزاب وشيع وعليهم تحكيم العقل والضمير ووضع مصلحة الشعب اللبناني فوق المصالح الحزبية الضيقة والتحالف معاً لإنقاذ لبنان من تآمر العدو الإسرائيلي ومن ورائه، فرغم الضغوط الخارجية على هذا الفريق أو ذاك فإن في وحدتهم وتحالفهم سوف يقلبون المعادلة وينقذون لبنان ويفرضون إحترامهم على الآخرين.
***

2 ـ المؤامرة ستفشل
ـ كميل شلالا (رئيس تحرير مجلّة الشرق الأوسط ـ تايمز)
بداية لا أحد يعلم ماذا سيحدث في الغيب، كل ما نتمناه للبنان هو الخير والتقدم والازدهار وتفشيل المؤامرت التي تستهدفه. في الواقع إن لبنان وللأسف يقع في حال ضياع منذ فترة طويلة تمتد الى ما قبل فترة 2005، وبعد ذلك جاء العمل الاجرامي الكبير بعملية إغتيال رئيس وزراء لبنان السابق الراحل رفيق الحريري، مما زادت لبنان ضياعاً وأصبح كرة لدول خارجية، وبالتالي أصبح قراره مسيطر عليه بالكامل من خارح الحدود، مما جعل السياسيين اللبنانيين يتحركون ويتصرفون وفقاً لمصدر القرار الخارج عن إرادتهم وسط الرياح الغريبة التي تجتاح لبنان وتتقاذفه من كل جهة وصوب.
لكن ما نشهده أخيراً من تحرك هام وتطورات إيجابية على أرض الواقع في إطار مفاوضات س – س ومنذ أيام زيارة الرئيس سعد الحريرى الى إيران وبعدها خطاب سماحة السيد حسن نصرالله ما يؤشر الى ان هناك استنفاراً لتطويق المؤامرة التي تحاك ضد بلدان منطقة الشرق الاوسط على أساس النعرات الطائفية والمذهبية، وهذا ما يجعلنا نتطلع بتفاؤل الى مستقبل لبنان الذي نتمنى أن يتجه نحو إنفراج.
أما بالنسبة إلى مدى نسبة هذا الانفراج لا نعلم، لكن على الاقل نستطيع القول وبثقة كبيرة اذا اتحدت القوى العربية وإيران وتركيا بوجه المؤامرة التي تستهدف معظم بلدان المنطقة، وخاصة لبنان، ستفشل كل مخططات الاعداء مثلما فشلت خلال العدوان الاسرائيلي عام 2006.
Shawki1@optusnet.com.au


CONVERSATION

0 comments: