ليلة رأس السنة الميلادية , ومع أول لحظات بداية أول يوم جديد في العام الجديد , تمني العالم أجمع أن تكون البداية محمولة علي أجنحة الفرحة والسعادة بعام جديد , محتمل أن تعم الغالبية من أبناء آدم وحواء السعادة والفرحة , وتسمو أرواحهم , وتشف عقولهم لرؤية الإنسان وتشوق روحه للمحبة , والعدل , والتسامح , هذا ماتمناه الغالبية من بني الإنسان في العالم .. ولكن الأمنيات في مصر , حتي مجرد الأمنيات , أصبحت مستحيلة , فالأحلام في مصر ممنوعة أحياناً , ومحرمة في أحيان كثيرة ..
ليلة رأس السنة الميلادية في شمال مصر, حدثت المجزرة الإنسانية للأقباط, بسيارة مفخخة بالمتفجرات , لتستقيم إرادة الإرهاب بتدبير وتدبر من منظومة الطغيان , أو في غفلة منها , وكان هذا في أول عملية إجرامية نوعية , في مدينة الأسكندرية , المدينة الكوزموبوليتانية , ذات الثقافات المتعددة , والأجناس الكثيرة , واللغات المختلطة بأمواج البحر , والمباني الشاهدة علي سكانها في التاريخ والحاضر , ولكن مازال المستقبل غامض .. تحديداً في حي سيدي بشر تناثرت أشلاء الأقباط – مسيحيين , ومسلمين , وغالباً ما يتخاصم الهلال , والصليب , ولكن المتصالح علي الدوام , والمتحد هو الهلال والجمل !!
أزمات مصر في غالبها تعود إلي وحدة الهلال والجمل , شعاري الحزب الوطني الحاكم في مصر , تجاوزاً , ورمزا النظام الحاكم تفسيراً وتوضيحاً , فليس في مصر أحزاب , بمافيها الحزب الحاكم , ولكن في مصر نظام يحكم بمنظومة تحالف الهلال والجمل ....
وهذا الهلال , وذاك الجمل هما من صنعا أزمات مصر والمصريين , فكيف يكون هناك هلال مع صليب في مفهوم واضح للوحدة الوطنية , وماذا تعني الوحدة الوطنية برموزها الدينية التي من المتوجب أن تزول تلك الرموز في مجتمعات تحترم أصلاً , إنسانية الإنسان , وتعلي من شأن المواطن في مواجهة العنصريات المجرمة , صناعة الإستبداد الذي يقف من وراءها علي الدوام , الهلال والجمل !!
أزمات مصر مرتبطة بفك عري الهلال مع الجمل , بمعني أبسط , فك عري الإستبداد السياسي لهذه الوحدة السياسية المستدامة التي لايعرف المصريين لها نهاية في ديمومتها واستمرارها .
الهلال والجمل حكما مصر والمصريين بقانون الطواريء , والأحكام العرفية طوال مدة حكم الهلال واتحاده مع الجمل , ولم ينجز هذا الإتحاد الأمن والأمان , بل وكانت المنتجات الإجرامية هي السلع الرائجة والمتداولة في المجتمع المصري برعاية الهلال والجمل , لدرجة أن الفتن الطائفية هي صناعة مصرية مائة في المائة , ولكن بأيدي أمنية خاضعة لتفسيرات الإستبداد السياسي المصري بإمتياز .
ماذا أنتج قانون الطواريء من صنائع إلا للتخديم علي الإستبداد وفقط , وكان من المحتم أن يتم تفعيله علي الجسد المصري الضعيف المنهك , بأمراض الفقر , والبطالة , والعنوسة للجنسين , والعشوائيات , وأطفال الشوارع , والتحالف مع الجماعات الدينية , التي أبرم معهم النظام المصري , المراجعات الفقهية , التي بموجبها تم إيقاف العنف ضد النظام الحاكم , ولم يتم الإتفاق مع تلك الجماعات علي إيقاف العنف ضد المجتمع .
قانون الطواريء هذا مطبق فقط علي المواطنين المصريين بإعتبارهم حلقة ضعيفة من حلقات النظام الإجتماعي / السياسي , ولم يتم تفعيله في ضبط الإرهابيين , والمجرمين أرباب الوصايات الدينية الفاعلة ضد المجتمع المصري الضعيف بأسباب راجعها للطغيان والفساد الحكومي الخاضع لأوامر النظام الحاكم لمصر الوطن , ولمصر المواطنين .
الإجرام الديني في مصر له قواعد يرعاها النظام الحاكم , ويؤبد لها في المفاهيم , ويحفرها في عقول أبناء المجتمع المصري المهمشين في كل مناحي الحياة .
وهذا الإجرام يقابله إجرام سلطوي في حق المجتمع المصري , بمافيهم الأقباط بصفة خاصة , وأري أن ما يتحدث به رجال الدين علي المستوي الرسمي المسيحي والإسلامي , غير منتج , والتعويل عليه بمثابة تأبيد للمفاهيم العنصرية البغيضة , وتأبيد للإستبداد , لأن كل المفاهيم تخاطب السلطة الإستبدادية التي هي أساس معظم الأزمات للمجتمع المصري , وحال تحول المفاهيم الدينية إلي مفاهيم تخاطب الأنسنة والمطالب الإنسانية بأبعادها المشتركة أو مايمكن تسميته المشترك الإنساني في الحقوق والواجبات الإنسانية العامة والتي تذهب للوصول لحياة إنسانية كريمة , مع ترك حرية الإعتقاد لكل إنسان في تقرير مصيره الإيماني دنيوياً وآخروياً , بعيداً عن الوصايات الدينية من جانب روؤس المؤسسات الدينية الرسمية المسيحية منها والإسلامية .
وإلا ... لماذا يتم إفتقاد تصريحات روؤس المؤسسات الدينية الرسمية علي المستوي الرسمي مسيحياً وإسلامياً عن الجرائم التي يتم إرتكابها في حق المجتمع المصري ... وأري ضرب مثال لذلك مؤداه ماورد في تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان , وما ورده به من حصر لجرائم تم إقترافها في حق المجتمع المصري إذ ورد به أن :
حالات التعذيب في مصر وصلت حداً لا يطاق وأصبحت منهجاً يمارس على أعلى مستوى، مشيراً إلى أن عمليات التعذيب شملت كل شرائح المجتمع المصري من أطفال ونساء وشيوخ وشباب دون اعتبار لأي وضع اجتماعي.
وأضاف تقرير المنظمة ومقرها لندن أنها "سلمت مجلس حقوق الإنسان والأجهزة الدولية المعنية في هذا الشأن ملفاً كاملاً بأسماء الضحايا وأسماء معذبيهم، على أمل أن تقوم هذه الأجهزة بواجباتها تجاه آلاف المعتقلين الذين يقبعون في سجون لا تتوفر فيها أدنى المعايير الدولية".
وترى المنظمة أن التعذيب في مصر أصبح "سلوكاً وسياسة منهجية تتم على نطاق واسع مكرسة سيادياً، بمعنى أن السلطات العليا إما موافقة عليها أو تشجعها".
بل , وجاء التقرير ليدلل علي : أن التعذيب يستخدم على نطاق واسع في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز غير القانونية بعدما كان معتاداً حصوله في المعتقلات، مشيراً إلى أن التعذيب لا يمارس ضد المعارضين للسياسات العامة فقط بل ضد المشتبه في ارتكابهم جرائم وضد كثير ممن ليسوا موضع اشتباه من الأساس.
وبجانب ذلك حالات الإختفاء القسري الذي أوردها التقرير بأرقام وأسماء :
وبحسب التقرير فإنه خلال تسع السنوات الماضية وقع نحو 285 حالة تعذيب تسببت بوقوع 118 حالة وفاة، بلغ نصيب عام 2007 منها ثلاث حالات وفاة وأربعين حالة تعذيب، ارتفعت إلى 17 حالة وفاة و46 حالة تعذيب في عام 2008، و15 حالة وفاة وتعذيب خلال الشهور الأربعة الأولى من العام 2009.
وقالت المنظمة إنه إضافة إلى حالة الاعتقال هناك الاختفاء القسري حيث تم رصد اختفاء 73 شخصًا بصورة قسرية في الفترة بين عامي 1992 و2009، تم معرفة مصير 17 منهم بينما ما زال 56 شخصا في عداد المفقودين.
وأشار التقرير، معززاً بجدول بياني وبعدد من الشهادات لأشخاص تعرضوا للتعذيب، إلى أن إجمالي عدد حالات الاعتقال السياسي في مصر بلغت العام الماضي 7555 حالة، منها 912 حالة في محافظة الشرقية و731 حالة في الجيزة، فيما كان نصيب القاهرة 682 حالة.
ورصد التقرير 76 نوعاً من أنواع التعذيب قال إن السلطات المصرية تستخدمها في استجواب المعتقلين، كان منها الخنق بالمياه، وتكسير الضلوع، والضرب الوحشي، والتعرية من الملابس، والشبح تحت المطر، والحرمان من النوم، والوقوف ساعات طويلة، والصعق بالكهرباء، إلى غير ذلك من أساليب.
وقالت المنظمة إن مناشداتها المتتالية للحكومة المصرية بإغلاق المعتقلات غير القانونية وتكثيف الرقابة على أجهزة الأمن وإلغاء قانون الطوارئ وإيجاد قضاء فاعل للقضاء على ظاهرة التعذيب والتوجيه لإحترامحقوق الإنسان لم تلق استجابة.
وهذا التقرير نشرته العديد من الصحف والمواقع , إلا أن رجال الدين الإسلامي والمسيحي لم يتعرضوا له بأي نقد أو تفسير , ولم يكن لديهم بشأنه هو أو غيره حتي مجرد مطالب يمكنهم التوجه بها للنظام الحاكم في مصر !!
إذن .. ماذا يشغل عقل وتفكير رجال الدين الإسلامي والمسيحي في مصر إزاء هذه الجرائم , سوي الأمور الممالئة لنظام الإستبداد والطغيان .
وأري أن التعويل علي رجال الدين في حل أزمات المجتمع المصري مجرد تكرار حالات من الفشل في الوصول لحل تلك الأزمات , إلا بواسطة إستخدامهم كأدوات تهدئة لأوضاع قد تسعي لحد الإلتهاب ضد الطغيان ..
وهذه الجرائم التي تم السكوت عليها والصمت عنها بمثابة مقدمات للأفعال الإجرامية الخطيرة ضد الأقباط , وبوصفهم حلقة من حلقات المجتمع يريد النظام الحاكم إضعافها علي الدوام , لتستمر مسيرة طغيانه .
النظام الحاكم في مصر , تلقي تنبيهات , وتحذيرات من التنظيم الإرهابي الدولي , بأنه يستهدف عدد من الكنائس كان من ضمنها كنيسة القديسين بالأسكندرية , ومعني ذلك أنه يوجد علم مسبق كان يستلزم وجود ترتيبات أمنية للكنائس المستهدفة لللإحتياط لمنع وقوع مجازر للأقباط في أيام الأعياد , والمناسبات الدينية , فهل هذا له تفسيرات أمنية , أم له تفسيرات سياسية , أم أن هناك تفسيرات مخبوءة إحتفظ بها النظام الحاكم في مصر بأجهزته الأمنية والسيادية ؟!!
هذه المجزرة الأخيرة الواقعة بمدينة الأسكندرية أمام كنيسة القديسين , والتي لم ولن تكون الأخيرة حيث سيتبعها العديد من المجازر للأقباط في مصر , بصفتهم ورقة ضغط تحقق مصالح الإستبداد بتوظيفاته المجرمة , وهذه الجريمة لها دلالات خطيرة تستوجب القراءة المتأنية :
فهي أولاً في مدينة يستبعد عنها ظلال التطرف والإرهاب والعنصرية , لأنها حاضنة ثقافية كوزموبوليتانية تقبل الكل بلا إستثناء , من غير تمييز من أي نوع أو لون .
ولذلك كان إختيار المكان له دلالته , مصرياً , ودولياً .
ثانياً : نوعية الجريمة الغير معهودة علي الجماعات الإرهابية المصرية داخلياً , والتي تمثل نقلة نوعية في أسلوب الإجرام الإرهابي , بإستخدام سيارات مفخخة , يتم تفجيرها عن بعد , بواسطة جهاز تحكم في توقيت التفجير, عن بعد .
أو حسبما تناقضت التصريحات الأمنية بمقولة وردت في بيان وزارة الداخلية تقول أن العملية الإجرامية تمت بواسطة إنتحاري !!
ثالثاً : أن المستهدف في هذه المجزرة فصيل مصري لايدين بغالبية ديانة المصريين , وهم الأقباط المسيحيين .
رابعاً :توقيت المجزرة الكارثي المتجدد بإستمرار , علي خلفيات مجازر متكررة تحدث للأقباط , ومنها علي سبيل المثال مجزرة نجع حمادي في صعيد مصر ليلة عيد القيامة والتي علي إثرها تم تصفية 7 من المصريين , فرد أمن حراسة مسلم , و6 مواطنين مسيحيين علي أيدي حمام الكموني ورفاقه , والذين ليس لهم إنتماء سياسي أو ديني أو إيديولوجيا يدافعون عنها أو يحتميوا بها ,. وهذا له دلالته في هذه المجزرة , وفي مجزرة كنيسة القديسين بالأسكندرية .
خامساً : لم يثبت وجود عناصر أمنية كثيرة لقت حتفها أو أصيبت من جراء هذا التفجير الإجرامي البشع , حسب الواقع الفعلي فإنهم متواجدون خارج الكنيسة , وهذا يلقي بظلال من الشكوك والظنون حول هذه الجريمة , والقائمين علي تنفيذها , والأذرع المساعدة , والأخري المناوءة إن وجدت !!
ظلال سوداء
فعلا ً هي ظلال قاتمة سوداء , من دخان البارود والمواد المتفجرة والمختلطة بدخان البارود ورائحة الدم , وطعم الخوف والهلع , هذه الظلال أظهرت مدي الفجيعة التي لحقت بالأقباط علي وجه خاص , وبمعظم المصريين بشكل عام .
ردود الفعل من الشباب السكندري , وبعض نشطاء الأقاليم كانت رائعة بحجم المأساة الإنسانية , فقد تكاتف المصريون من شعب الأسكندرية , وتزاحموا أمام المستشفيات للتبرع بالدم , وللإطمئنان علي أهلهم وذويهم وأصدقاؤهم من الأقباط , مسيحيين , ومسلمين , وظلوا مع الأٍسر المأزومة لساعات طوال .
لماذا تعددت القراءات لهذه المجزرة البشرية ؟!!
في مجتمعات دوائر الخوف , صناعة الطغيان , وليد الإستبداد , المنتج حتماً لمنتجات الفساد , تتعدد القراءات والتفسيرات بتعدد المصالح , وتبقي قراءة واحدة علي أكثر تقدير , هي القراءة المناهضة لصناعة دوائر الخوف ومنتجات الإستبداد السياسي , تلك المنتجات التي تحول الحاكم إلي ديكتاتور طاغية مجرم مستبد , يكفر بالجميع , ولايؤمن إلا بذاته المتضخمة بالكذب والمرض النفسي , لأن الإستبداد يحول المجتمع إلي مستشفي أمراض نفسية بحجم وطن , ويحول الحاكم إلي كبير للمرضي النفسيين داخل مستشفي الوطن الكبير .
هناك قراءة هاربة من تحمل المسؤلية تجاه المواطنين والوطن عن عمد , وهذه القراءة توصف بالقراءة الهستيرية المرضية والمعبرة بجدارة عن حالة العجز والقصور الإجتماعي , لأنها تمثل قراءة سياسية بلا أدوات إجتماعية , وتغيب الرؤية عن صاحبها لأنه نصب من نفسه وكيلاً سياسياً , ووظف مفرداته للتخديم علي إظهار مدي سوء حالة النظام الحاكم , وأنه لم يصلح للحكم والسلطة , وعليه أن يرحل , إلا أن اللائمة حسب رؤية هذه القراءة ترمي بكامل حمولتها وطاقتها علي نظرية المؤامرة الصهيونية / الإمبيريالية .
وهذه القراءة ينفرد بها التيار القوماني / العربي , والذي يري أن معظم المصائب التي حدثت للأمة العربية من نتاج نظرية المؤامرة الصهيونية / الإمبيريالية , من غير الرجوع إلي أسباب تلك المصائب الساكنة داخل رداءات الدولة الشمولية / الإستبدادية , المغيبة للديمقراطية والحريات السياسية .
والقراءة الثانية هي قراءة التيارات الدينية بداية من الجماعات الصوفية والسلفية ووصولاً للجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد , والسلفية الجهادية , وتيار الإخوان المسلمين , فهذه الجماعات والتيارات الدينية , قراءتها تخدم علي الإستبداد , ومنها علي سبيل المثال :
ماأكده أحد الشيوخ من أن : الهدف الحقيقى الذى سعى إليه مرتكب تفجيرات كنيسة القديسين بالإسكندرية ، هو إشعال نار الفتنة فى مصر.
ويري أن التوتر الكائن بين المسلمين والنصارى ( لاحظ أن كلمة النصاري يتم إستخدامها بدلاً من كلمة المسيحيين / أو الأقباط ) يقف خلفه هدف رئيسى لأعداء مصر لتطبيق ما اصطلحوا على تسميته بـ"الفوضى الخلاقة" فى بلاد المسلمين ، مشدداً، على أن علماء الشريعة هم الجهاز المناعى للأمة ، وأن تنحيتهم عن المشهد خسارة جسيمة.
وهذه الجماعات والتيارات الدينية لها نظرة في معظمها بعيدة عن أرض الواقع الإجتماعي / السياسي بمفرداته العصرية , فهي تستجلب مصطلحات ماضوية بأبعادها التاريخية , لتسقطها علي الحاضر المأزوم , وتجعل من الوطن والمواطنة , والمواطنين , والحاكم , مصطلحات غائبة , لتستبدلها , بمصطلح الأمة الإسلامية كبديل عن الوطن , والذمية كبديلاً عن المواطنة , والمؤمنين كبديلاً عن المواطنين , والخليفة , أو أمير المؤمنين , أو علي أبسط تقدير / ولي الأمر !!
ومن هنا تستمر الموالاة لأنظمة الطغيان بتلك القراءة التي لاتصلح إلا للماضي البعيد , ومن ثم تصبح المواطنة , والديمقراطية والحريات السياسية والإجتماعية لدي هذه التيارات , هي والفسق والفجور سواء بسواء , لأنها في النهاية مفردات تراها علمانية كافرة تتوجب مكافحتها !!
وهناك قراءة دينية مغايرة هي قراءة رأس الكنيسة الأرثوذكسية ( البابا شنودة ) وإن كانت هذه القراءة تأتي محمولة علي أجنحة الطيران إلي حيث دولة الإستبداد والطغيان والفساد المستشري بحجم الوطن مصر والذي طال غالبية المصريين بجميع أديانهم ومعتقداتهم , وإن كان يري البعض أن هذه القراءة منبعها الألم والحزن , ومحاولة الحفاظ علي الأقباط الذين لايسعهم حتي الآن إصلاح صنبور مياه أو ترميم حائط بكنيسة من الكنائس المصرية , ناهيك عن المناهج الدراسية المشبعة بمفاهيم عتيقة تحرض علي العداء وكراهية الآخر , أياً كان الآخر , إلا أن كلام البابا شنودة بصفته رمزاً دينياً يحوز القداسة لدي الأقباط تحدث بلسان غير لسان الأقباط في حالة من حالات التهدئة من الضغوط الواقعة عليهم , ولكن في النهاية هذا الكلام بمثابة تصريحات تخدم وتعزز الإبقاء علي مسيرة الطغيان المصري في صناعته لدوائر الخوف المتزايدة علي المجتمع المصري بوجه عام , وعلي الأقباط بوجه خاص , وهذا ماصرح به نيافته علي إثر أحداث مجزرة الأسكندرية ليلة رأس السنة :
وقال :" كلنا نغضب فى مواجهة ما يحدث من شرور، لكننا نحسب حسابا لما نفعله وردود الفعل عليه، وهكذا تتدخل الحكمة"، مؤكدا أنه لا يقصد بكلامه كبت المشاعر، لكنه يدعو إلى ضبط المشاعر حتى لا نقع فى الخطأ.
ويلاحظ أن كلام البابا شنودة حينما يستخدم مفردات هي تقريباً ذات المفردات التي يستخدمها أصحاب التيارات الدينية الإسلامية , مثل العدو المشترك , والخارج والتدخل في شئون الداخل .
فهل نسي البابا شنودة أنه كان في حالة عصيان سياسي ملوحاً بيده لرفضه للنظام الحاكم في الإنتخابات التشريعية الأخيرة , بأنه لن يعطي صوته إلا لأحد الأحزاب المعارضة , في دلالة سياسية عاصية لمفردات الخطاب والفعل للنظام الحاكم , فكيف يكون رافضاً بالأمس , ومادحاً اليوم ؟!!
وتبقي قراءة النظام الحاكم التي تلقي بكل ظلالها الكثيفة والكئيبة ,علي المؤامرات الخارجية التي تستهدف مصر , وأن الله حامي مصر من المكائد والمصائب , وأنه سبحانه وتعالي سيرد كيد الكائدين إلي نحورهم , وهذه هي لغة الخطاب الرسمي المتهاترة , المتخاذلة , والتي تساندها المؤسسة الدينية الرسمية في توجهها المغيب للحقائق !!
وفي النهاية من المسؤل ؟!
0 comments:
إرسال تعليق