مقامة 1
( تمهيد ترفيهي )
دخل الحبيبُ ذات يوم في جنينة للملائكة فالتقى هناك بمجموعة من السنجوبات ... جلس معهنَّ وسألهنَّ عن أسمائهنَّ سنجوبة بعد أخرى :
وأنت الثالثة : مسحاة ... قالت
وأنت الأخرى ؟ ممحاة .. قالت
وأنتِ ؟ مصفاة ... أجابت
وأنتِ الهادئة جداً جداً ؟ مِقلاة .. قالت
فكّرَ جديّاً قبل أنْ يتوجه للسنجوبة الأخيرة وهي السابعة .
فكّر طويلاً .. ولّع سيجارة من ورق الجوري الأحمر والقرنفل الوردي وقنصلة كبيرة واحدة .. نفث دخانها قويّاً حتى كادت رئتاه أنْ تتمزقا .. سعل وكحَّ وتمخطَ ثم لعن الشيطان وتوكل على الرحمن ثم سأل :
وأنتِ يا أمّورة الأميرات والأمّورات .. ما اسمُ جنابكم ؟
لا إسمَ لي ... أجابت ثم نحّت عينيها عن عينيه ..
تخاف عيون ونظرات الرجال ! لم ييأس
أعاد السؤال فنهرته قائلةً وما علاقتك باسمي ؟ وما الذي يُغريك فيَّ ومن أنت حتى تتدخل في شؤون غيرك من ساكني الجنان متعالين على البشر من أمثالك ... إشغل نفسك بنفسك وبأمورك الشخصية . دُهش الرجل .. كان يحسب نفسه أحد ساكني هذه الجنان وتربطه علاقات وثيقة بقاطنيها منها علاقة تجاور ومنها علائق قُربى أو زمالات في الجامعة لذا صدمه موقف هذه السنجوبة العنيدة القوية الرأس والإرادة فماذا يفعل معها كي تلين وتستجيب وتتعاون معه فهو رجل علم وأدب ويهوى التجارب والأبحاث .
فكّرَ ثم فكّرَ ثم اهتدى فقال لنفسه : سأخضعها هذه السنجوباية العنيدة بالزواج منها وكسر أنفها العالي وكبريائها المتغطرسة وأعلّمها درساً في التواضع والتعاون فيما ينفعُ الناس . إذا قست معي وعاملتني كرجل غريب سأبني بها وأعاملها كزوجة رابعة حسب شرعنا وتعاليم ديننا .
إنتهت الحلقة الأولى وحتى صباح الغد .
تصبحون على خير .
ما اسمكِ يا حلوة ؟ مرآة .. قالت
وأنت يا زينة : حصاة .. قالتوأنت الثالثة : مسحاة ... قالت
وأنت الأخرى ؟ ممحاة .. قالت
وأنتِ ؟ مصفاة ... أجابت
وأنتِ الهادئة جداً جداً ؟ مِقلاة .. قالت
فكّرَ جديّاً قبل أنْ يتوجه للسنجوبة الأخيرة وهي السابعة .
فكّر طويلاً .. ولّع سيجارة من ورق الجوري الأحمر والقرنفل الوردي وقنصلة كبيرة واحدة .. نفث دخانها قويّاً حتى كادت رئتاه أنْ تتمزقا .. سعل وكحَّ وتمخطَ ثم لعن الشيطان وتوكل على الرحمن ثم سأل :
وأنتِ يا أمّورة الأميرات والأمّورات .. ما اسمُ جنابكم ؟
لا إسمَ لي ... أجابت ثم نحّت عينيها عن عينيه ..
تخاف عيون ونظرات الرجال ! لم ييأس
أعاد السؤال فنهرته قائلةً وما علاقتك باسمي ؟ وما الذي يُغريك فيَّ ومن أنت حتى تتدخل في شؤون غيرك من ساكني الجنان متعالين على البشر من أمثالك ... إشغل نفسك بنفسك وبأمورك الشخصية . دُهش الرجل .. كان يحسب نفسه أحد ساكني هذه الجنان وتربطه علاقات وثيقة بقاطنيها منها علاقة تجاور ومنها علائق قُربى أو زمالات في الجامعة لذا صدمه موقف هذه السنجوبة العنيدة القوية الرأس والإرادة فماذا يفعل معها كي تلين وتستجيب وتتعاون معه فهو رجل علم وأدب ويهوى التجارب والأبحاث .
فكّرَ ثم فكّرَ ثم اهتدى فقال لنفسه : سأخضعها هذه السنجوباية العنيدة بالزواج منها وكسر أنفها العالي وكبريائها المتغطرسة وأعلّمها درساً في التواضع والتعاون فيما ينفعُ الناس . إذا قست معي وعاملتني كرجل غريب سأبني بها وأعاملها كزوجة رابعة حسب شرعنا وتعاليم ديننا .
إنتهت الحلقة الأولى وحتى صباح الغد .
تصبحون على خير .
مقامة 2
( تمهيد ترفيهي آخر )
وسّطتُ ومشيّتُ الوسطاء والمعارف والأصدقاء وذوي الشأن والحول والقوة وعرضتُ عليها ما عرضتُ من أموال وجواهر وطنافس ومن شتى زخارف الدنيا فباءت جميعُ محاولاتي بالفشل . ركبت هذه السنجوباية المدللة اللعينة ، ركبت رأسها رافضةً كافة العروض ، لم تجامل الوسطاء والخاطبين وقاومت ضغوط أهلها ومن هم أعلى من أهلها مقاماً من أكابر البلد وأصحاب الجاه والسطوة والسلطان .
عرض عليَّ الوسطاء من أهل الخير عصفورة كنارية بديلاً من تلك التي ركبت رأسها ورأس مَن أنجبها وسوّاها ولم يُحسن استثمارها في أسواق رأسمالية العرض والطلب فخسرت وخسروا مال قارونَ وسلطان فرعون ودار الدنيا ودار الآخرة . لم أقطع في أمر الكناريّة سريعاً قلتُ فلأبرد وأهدأ أولاً ثم أقرر الأمر . العَجلة من الشيطان وفي العجلة الندامة ... هكذا دأب المرحومُ والدي على القول فلأجرّب ما قال والدي ولو لمرة واحدة في حياتي . العَجَلة من الشيطان ولكنْ ما ومن هو هذا الشيطان إنْ لم يكنْ أنا وتلك السنجوباية الرافضة والعنيدة كأنَّ في رأسها صخرة عصيّة على الكسر .. صخرة سيزيف ! الشياطين مخلوقات شتّى متباينة منها سناجيب وفيها بشر سويٌّ أو كالسويِّ . فكّرتُ وسهرتُ الليالي فأضناني الأرق وهدّتني الحُمّى ونقص وزني وأصابني هُزال أقلق أهلي وكل من تعاطف معي في محنتي . يممتُ وجهي صوب إحدى خمّارات أبي نؤاس في شارع الجمهورية ( شارع غازي سابقاً ) آملاً أنْ أجده هناك لأنادمه وأتحدث معه وأطارحه الشعر وأسأله عمّا خفي من مضامين بعض شعره .
سرّني سيّدُ الحانة أنَّ أبا نؤاس متوعك الصحة .. أخذ برداً فأصابته حُمّى خفيفة مع رشح وعُطاس وصداع خفيف في الرأس وإسهال قوي . لم يأتِ الليلةَ أبو نؤاس لحانته المفضّلة القريبة من بيته . سأقضي معظم الوقت وحيداً أنتحي ركناً قصيّاً وأكلّم نفسي بصوتٍ خفيض لئلا يسمعني أحد الفضوليين فيشك في أمري وفي أمر صحتي العقلية . شربتُ رافعاً كأسي إلى أعلى مردداً بيت أبي نؤاس [ ألا فاسقني خمراً وقلْ لي هي الخمرُ / ولا تسقني سرّاً إذا أمكنَ الجهرُ ] . شربتُ حتى ثملتُ فنمتُ ثم صحوتُ على قرار ثوري بل ثوروي : سأنكح العصفورة الكنارية ذهبية الريش حمراء المنقار شهلاء العينين وسأبتاع لها قصراً منيفاً مُطلاًّ على ساحل دجلة من جهة الجادرية والدورة والمنطقة الخضراء . سأضع تحت تصرفها عربة أمريكانو رباعية الدفع سوداء اللون وعند الضرورة تغدو سداسية الدفع .. حسب الطقس والظروف المناخية وصعود وهبوط بورصات الدولار ومخصصات السادة أعضاء مجلس النواب العراقي ! بقيت هكذا أحلم وأعلل وأفسّر وأتفقّه حتى دنا صاحبُ الحانة منّي هامساً في اُذني : حان آوانُ إغلاق الماخور فهيّا إدفع الحساب وشرّفنا مصحوباً بالسلامة . غداَ يأتي صاحبك حتماً سأجهّزُ لكما مائدة خاصة نظيفة تتوسطها باقة ورد ونفّاضة سجائر فصاحبك مُدخن أصلي آسكي يُدخن كلَّ ما يصلح للتدخين فإذا لم يجد سجائر يُدخن النركيلة وإذا لم يجد هذه يتعاطى تدخين الحشيشة وباقي المخدِّرات وإلاّ حشا فاه بمسحوق التبغ مخلوطاً مع الترياك ومركّز عصير زهرة الخشخاش ... هكذا وإلاّ لما غدا شاعراً !
لم أنمْ ليلتي تلك واللعنة على أبي نؤاس ! لم أقرأ شيئاً لم أكتب شيئاً ولم أفتح جهاز التلفزيون بل حتى ما كانت بي أدنى رغبة للعمل على الكومبيوتر لأقرأ البريد الواصل .
هل كنتُ فَرِحاً سعيداً بقبولي لصفقة الإقتران بعصفورة كنارية ريشها من ذهب ومنقارها من العقيق الأحمر النادر ؟
ماذا لو أصابها بعد زواجها مرض الحنين إلى الوطن ؟ قلتُ لنفسي هذه مسألة بسيطة .. سأنظم لها عندذاك سفرة خاصة لتزور جزر الكناري مواطن أهلها ومسقط رأسها ولكنْ ... من أية جزيرة أتت هذه العصفوراية المُدللة فجزر الكناري سبع كما يعلمُ الجميع ؟
ثقُلَ رأسي مع خيوط الفجر الأولى فغفوتُ بكامل ملابسي وحذائي جالساً منتصب القامة . صحوتُ بعد أقل من ساعة فهُرعتُ إلى المطبخ لأعدَّ قهوة الصباح الثقيلة المُرّة لأنتعشَ قليلاً وأستأنف جولاتي مع تفاصيل العُرس الجديد وإعداد قائمة بأسماء الضيوف المدعوين إلى حفل الزفاف ومائدة ما بعد الزفاف .
( تمهيد ترفيهي آخر )
وسّطتُ ومشيّتُ الوسطاء والمعارف والأصدقاء وذوي الشأن والحول والقوة وعرضتُ عليها ما عرضتُ من أموال وجواهر وطنافس ومن شتى زخارف الدنيا فباءت جميعُ محاولاتي بالفشل . ركبت هذه السنجوباية المدللة اللعينة ، ركبت رأسها رافضةً كافة العروض ، لم تجامل الوسطاء والخاطبين وقاومت ضغوط أهلها ومن هم أعلى من أهلها مقاماً من أكابر البلد وأصحاب الجاه والسطوة والسلطان .
عرض عليَّ الوسطاء من أهل الخير عصفورة كنارية بديلاً من تلك التي ركبت رأسها ورأس مَن أنجبها وسوّاها ولم يُحسن استثمارها في أسواق رأسمالية العرض والطلب فخسرت وخسروا مال قارونَ وسلطان فرعون ودار الدنيا ودار الآخرة . لم أقطع في أمر الكناريّة سريعاً قلتُ فلأبرد وأهدأ أولاً ثم أقرر الأمر . العَجلة من الشيطان وفي العجلة الندامة ... هكذا دأب المرحومُ والدي على القول فلأجرّب ما قال والدي ولو لمرة واحدة في حياتي . العَجَلة من الشيطان ولكنْ ما ومن هو هذا الشيطان إنْ لم يكنْ أنا وتلك السنجوباية الرافضة والعنيدة كأنَّ في رأسها صخرة عصيّة على الكسر .. صخرة سيزيف ! الشياطين مخلوقات شتّى متباينة منها سناجيب وفيها بشر سويٌّ أو كالسويِّ . فكّرتُ وسهرتُ الليالي فأضناني الأرق وهدّتني الحُمّى ونقص وزني وأصابني هُزال أقلق أهلي وكل من تعاطف معي في محنتي . يممتُ وجهي صوب إحدى خمّارات أبي نؤاس في شارع الجمهورية ( شارع غازي سابقاً ) آملاً أنْ أجده هناك لأنادمه وأتحدث معه وأطارحه الشعر وأسأله عمّا خفي من مضامين بعض شعره .
سرّني سيّدُ الحانة أنَّ أبا نؤاس متوعك الصحة .. أخذ برداً فأصابته حُمّى خفيفة مع رشح وعُطاس وصداع خفيف في الرأس وإسهال قوي . لم يأتِ الليلةَ أبو نؤاس لحانته المفضّلة القريبة من بيته . سأقضي معظم الوقت وحيداً أنتحي ركناً قصيّاً وأكلّم نفسي بصوتٍ خفيض لئلا يسمعني أحد الفضوليين فيشك في أمري وفي أمر صحتي العقلية . شربتُ رافعاً كأسي إلى أعلى مردداً بيت أبي نؤاس [ ألا فاسقني خمراً وقلْ لي هي الخمرُ / ولا تسقني سرّاً إذا أمكنَ الجهرُ ] . شربتُ حتى ثملتُ فنمتُ ثم صحوتُ على قرار ثوري بل ثوروي : سأنكح العصفورة الكنارية ذهبية الريش حمراء المنقار شهلاء العينين وسأبتاع لها قصراً منيفاً مُطلاًّ على ساحل دجلة من جهة الجادرية والدورة والمنطقة الخضراء . سأضع تحت تصرفها عربة أمريكانو رباعية الدفع سوداء اللون وعند الضرورة تغدو سداسية الدفع .. حسب الطقس والظروف المناخية وصعود وهبوط بورصات الدولار ومخصصات السادة أعضاء مجلس النواب العراقي ! بقيت هكذا أحلم وأعلل وأفسّر وأتفقّه حتى دنا صاحبُ الحانة منّي هامساً في اُذني : حان آوانُ إغلاق الماخور فهيّا إدفع الحساب وشرّفنا مصحوباً بالسلامة . غداَ يأتي صاحبك حتماً سأجهّزُ لكما مائدة خاصة نظيفة تتوسطها باقة ورد ونفّاضة سجائر فصاحبك مُدخن أصلي آسكي يُدخن كلَّ ما يصلح للتدخين فإذا لم يجد سجائر يُدخن النركيلة وإذا لم يجد هذه يتعاطى تدخين الحشيشة وباقي المخدِّرات وإلاّ حشا فاه بمسحوق التبغ مخلوطاً مع الترياك ومركّز عصير زهرة الخشخاش ... هكذا وإلاّ لما غدا شاعراً !
لم أنمْ ليلتي تلك واللعنة على أبي نؤاس ! لم أقرأ شيئاً لم أكتب شيئاً ولم أفتح جهاز التلفزيون بل حتى ما كانت بي أدنى رغبة للعمل على الكومبيوتر لأقرأ البريد الواصل .
هل كنتُ فَرِحاً سعيداً بقبولي لصفقة الإقتران بعصفورة كنارية ريشها من ذهب ومنقارها من العقيق الأحمر النادر ؟
ماذا لو أصابها بعد زواجها مرض الحنين إلى الوطن ؟ قلتُ لنفسي هذه مسألة بسيطة .. سأنظم لها عندذاك سفرة خاصة لتزور جزر الكناري مواطن أهلها ومسقط رأسها ولكنْ ... من أية جزيرة أتت هذه العصفوراية المُدللة فجزر الكناري سبع كما يعلمُ الجميع ؟
ثقُلَ رأسي مع خيوط الفجر الأولى فغفوتُ بكامل ملابسي وحذائي جالساً منتصب القامة . صحوتُ بعد أقل من ساعة فهُرعتُ إلى المطبخ لأعدَّ قهوة الصباح الثقيلة المُرّة لأنتعشَ قليلاً وأستأنف جولاتي مع تفاصيل العُرس الجديد وإعداد قائمة بأسماء الضيوف المدعوين إلى حفل الزفاف ومائدة ما بعد الزفاف .
0 comments:
إرسال تعليق