تعرض قانون التعليم الذى أصدره وزير التعليم فى التعديل الأخير والذى سوف يتم عرضه وإعتماده ضمن خطة التعليم المزمع تطبيقها فى الفترة الحالية والمستقبلية الى جميع مراحل التعليم ما قبل الجامعى , وقد أظهر هذا العرض أن المسئول أيا كان فهو بمجرد أن يجلس على الكرسى ينفصل إنفصالا تاما عن الواقع ويبدأ فى التحليق فى عالم من نسج الخيال , خياله هو بمفرده , يعيشه ويفرضه على المجتمع ويشرع فى متابعة تطبيقه بما يتراءى له .
أولا .... تعرض المشروع بقانون أو خطة التعليم الى إعتبار الصف السادس الإبتدائى صف عادى ولا يتم إعتباره نهاية مرحلة ولا يتم إعتباره شهادة وهذا إذا كان سيخفف عن كاهل أولياء أمور التلاميذ فى هذه المرحلة من حيث مصروفات الدروس غير أنه سوف يجعل المرحلة الدراسية تتسم بالطول لإحتوائها على سنتين هما
KG1 و KG2
وعدد 6 سنوات هى المرحلة الإبتدائية ويضاف إليهم 3 سنوات عبارة عن المرحلة الإعدادية , وهذا يضفى عليها كثير من الرتابة , كما إن طول المرحلة وإتصالها على هذا النحو يخنق الرغبة فى التفوق لدى التلميذ لإعتماده على أعمال السنة .
ثانيا ..... فيما تعرضت له الخطة بالنسبة لجعل الصف الثالث الإعدادى به ما يسمى بأعمال السنة ,,, هذا يتطلب من الوزارة الإرتقاء بمستوى المعلم نفسه وضرورة تعرضه لإختبارات دورية لتحديد مستواه التعليمى والتثقيفى والتربوى .... فهل الوزارة مستعدة لهذا !!!؟؟ ,, هذا لأن نظام أعمال السنة يفرض على التلميذ التعامل المباشر مع مدرس الفصل مهما كانت درجة تمكنه من المادة , وهذا أيضا يجعل التلميذ سجين فكر ورغبة المدرس فى الحصول عنده على درس خصوصى , وهذا طبعا يزيد الطين مائة بلة لأنه حال فرضنا بأن مدرس الفصل ليس على المستوى اللائق مهنيا – وهذا يحدث كثيرا ومعظمنا يعانى منه - فإننا سنكون حكمنا على التلميذ بالخيبة التامة , والتلميذ هنا وحدة قياس لفصل دراسى يحتوى على أكثر من ستين تلميذا , هذا لو إفترضنا جدلا – فرضا بعيدا عن التطبيق – أن هذا المدرس غير المؤهل يتكلف بفصل واحد ,, ولكن الواقع أن المدرس يدرس لأكثر من فصل ولأكثر من مرحلة وبهذا نكون قد خطونا الخطوة المليون فى سبيل تدمير مستقبل الأمة ونكون قد حققنا أهدافا لم نرجوها فى طريق العودة الى الأمية وبشكل سريع وواضح بل وصارخ أيضا – وهذا كلام يخلو تماما من المبالغة بل هو واقعى 100 % .
ثالثا ...... المرحلة الثانوية والتى قررت الخطة أن تقسمها الى مستويين
الأول هى الطلاب فى المدارس الحكومية والخاصة
والثانى الطلاب فى المدارس المتميزة
وقد قررت الخطة التعامل مع المستوى الأول على شكل مغاير للمستوى التانى التى إفترضت فيه التميز وقد أضافت إليه العنصر العملى كمؤهل للجامعات العملية وبهذا يفرض علينا أن نقصر الشق العملى فى هذه الدراسة على المعمل سواء أكان معمل العلوم أو معمل الكمبيوتر فقط ولن يكون هناك أى ورش إضافية لتعليم الحرف اليدوية المختلفة مثل النجارة والسباكة والكهرباء ولا حتى الرسم ولا الموسيقى وربما ينضم إليهم الألعاب الرياضية ..... وهذا لا يدعو للتعجب فقط بل للسخرية أيضا !!!
هنا يستلزم علينا الوقوف والسؤال فمن خلال حكومة إخوانية ولدت من رحم الشارع المصرى أو هكذا تدعى بأنها القريبة الى الواقع المصرى وللشارع والمواطن وهى الأدرى بمعاناته وظروف معيشته , بل والأكثر من ذلك أن الأغلب الأعم من ممثلى هذه الحكومة هم من تربو فى المجتمعات الفقيرة وجاءو من الطبقة المتوسطة وهم من تلقو التعليم فى المدارس الحكومية , وكما يقولون أن أهل مكة أدرى بشعابها فكان لزاما على هؤلاء أن يعو ما يحدث فى هذا المجتمع المصرى الفقير الذى هم وقوانينهم وخططهم بعيدين كل البعد عنه لعدة أسباب
أولا ..... أن الطبقة الفقيرة والمتوسطة والتى يتلقى أولادها التعليم فى مدارس الحكومة والخاصة هم الأقرب الى الورش والمصانع الصغيرة التى يمتلأ بها شوارع القاهرة , وكما يعلم الجميع أن بعض هؤلاء يرسلون أولادهم للعمل والتمرين على الأعمال الحرفية فى هذه الورش , فكيف تحرم دراستهم من شق عملى يؤهلهم الى الإلتحاق بالكليات العملية !!!!
ثانيا ........من الذى أعطى لنفسه الحق فى تقزيم المجتمع المصرى وتقسيمه الى نوابغ وتم تحديدهم فى الذين يتلقون التعليم المتميز- أو طبقة المجتمع الغنية الأرستقراطية - والى توافه وهم السواد الأعظم وتم تحجيمهم فى بوتقة دراسة متخلفة وخانقة لجميع مواهبهم وما قد يكون من عليهم المولى به من مميزات تأبى الحكومة إلا أن توئدها فى مهدها وتهيل عليها التراب , ناسية أو متناسية أن أعاظم هذه الأمة تخرجت من مدارس حكومية وقت أن كان للتعليم هيبته وجلاله , وهذا يؤكد أن العيب ليس فى المتلقى إنما العيب كل العيب فى المنهج وفيمن يوصله الى العقول
أنا كمواطن مصرى عادى أتعجب كثيرا من لهفة الحكومات المتعاقبة على تغيير نمط الدراسة فذات مرة يقومون بإلغاء الصف السادس الإبتدائى وبعد سنوات يعيدوه , ومرات يقررون أن يجعلو الثانوية العامة على مرحلتين ثم يعيدوها الى مرحلة واحدة , وكما أبلونا سنوات بمصيبة تحسين المجموع التى ملأت المجتمع الجامعى بجهلاء لم يكن لهم أصلا أن يحلمو بهذا المجتمع على جهلهم وضعف مستواهم التحصيلى , وأخيرا تفتق ذهنهم عن تطويل ودمج مرحلة الحضانة والإبتدائية والإعدادية كما جاء فى النسق الأخير , وبعد سنوات ربما لن تكون بعيدة سيعودو الى سابق العهد ,,, وأتساءل أهذا هو التجديد من وجهة نظرهم ؟ , ألم يخطر على بال أحدهم يوما أن يكون التجديد فى النوعية التى تقدم للتلاميذ ؟ ألم يجب أن نحلم يوما بأن يكون التطوير العلمى والعملى والمنهجى هو الهدف من التعديلات ولا نكتفى بمجرد الشكليات ,,, متى يكون يا حكوماتنا المتعاقبة الموضوع هو هدفك الأساسى !!؟؟
سؤال أطرحه على الحكومات بشكل بسيط بنية صافية بقلب سليم برغبة حقة – متى يكون المستقبل لأولادنا فى وطننا مستقبلا كريما مشرفا يحتضن نجاحاتهم التى يفترض أنه غرسها فى عقولهم على مدار سنوات عمرهم !!!!!
سؤال بسيط ولكنه هام جدا ....... هل نطمع مع الأيام فى إجابة واقعية عملية !!!
لأننا فعلا نستحق
ألا هل بلغت اللهم فإشهد
0 comments:
إرسال تعليق