بين عِشتار وبرلين/ د. عدنان الظاهر

 1 ـ عَشْتَروتُ سومرَ وبابلَ
الشَعرُ الأسودُ في ( نُفّرَ ) عنوانُ التغريدِ
قال التاريخُ وكحّلَ باللونِ الأسودِ عينيها
ماذا " كلكامشُ " قالَ وما قالتْ عِشتارُ ؟
القولُ الفصْلُ لأنكيدو
يستسقي جُرفَ الماءِ الجاري 
تفجأهُ " شمخاءُ " وتُغريهِ
تكشفُ عمّا في جَسَدِ الأُنثى من خمرِ الكُمّثرى
تُروي شَبَقاً جنسيّا
تُنسيهِ وحشاً بريّا 
" شمخاءُ " نبيّةُ صِلصالِ الأجسادِ
" جاسوسةُ " عِشتارِ !
أنكيدو أَمددْ للجسدِ الظمآنِ خراطيمَ حَميمِ الماءِ 
أطلقْ ثُعبانَكَ في الأُنثى
أَمددْ جِسرا
أنباؤكَ تترى
خصمُكَ في ( سومرَ ) فضَّ فروجَ صباياها جَهْرا
هيّا نازلْ هذا المَلِكَ العاري
إيّاكَ ونُقصانَ الكفّةِ في الميزانِ
إصرعهُ إذْ يهوي مخمورا
عشتارُ تُصفّقُ للوحشِ الأقوى 
بَلِلْ ريقَ سُحُورِكَ في الميدانِ
الشمسُ تراقبُ نوركَ في عينيْ ( عِشتارِ )
إقهرْ ( كلكامشَ ) بالضربِ القاضي
تسلمْ ( أوروكُ ) وتنتصر الشامُ .
2 ـ المندائي
يتطهرُ بالماءِ فضاءً من نورٍ مفتوحا
يتعمّدُ في نهر الأُردّنِ رضيعاً وصبيّا
يا زكريّا رؤياكَ هيَ الرؤيا
حَلِّقْ فيها نحوَ المَلَكوتِ الأعلى
الربُّ ـ النورُ هناكَ وسِفْرُ الكنزا
عمّدْ هذا الجيلَ وطهرْ تطهيرا
بَشَركَ الربُّ بيحيى
تكرُزُ في البَرِّ
يا حاملَ " هِمْيانِ " الكونِ نقيّا
نهرُكَ رقراقٌ صافٍ
يجري بالفضّةِ مصهورا
يا يحيى !
خانكَ ( هوذا ) فاستغنى !
3 ـ جُبرانُ بابلَ
شاجَرَني أكبرُ منّي
آلَمني جرّحَ آمالي
صَرَختْ : كُفّوا !
[ في العَرْكةِ فُرقةُ أهلِ الدارِ ]
لم نسمعْ دعواها
فرَّقنا زمنٌ لا أسوأَ منهُ
شَتّتنا شِيَعاً أحزابا
باعوا داراً كانت داري
وصبايَ وعهدَ شبابي
كُتبي أشعاري
خانوا ( ليلى ) جارةَ حُبّي الأولى
باعوني عَبْداً بَخْسا
جعلوني نسياً منسيّا
...
طالَ مسيرُ سرابِ الأسرى
علّقتُ الناقوسَ وأطفأتُ النجوى أنفاسا
البُشرى جاءتْ
تتقفّى آثارَ الطرقةِ في البابِ المكسورِ
البيتُ فراغٌ مسكونُ
لا طائفَ لا ضائفَ لا ذِكرى
أحجارٌ تمشي صفّاً صفّا
شاهِدُها محفورٌ ظهراً بطنا
أُطرٌ خاليةٌ غادرها موتاها
ماءٌ في بئرٍ كانتْ بئرا
السطحُ الثاني خالٍ مفطورُ
ما سرُّ صفيرِ السردابِ المهجورِ
قَفَلتهُ أيدٍ غابتْ 
خَتَمتْ بالصمتِ المُرِّ مصادرَ آياتٍ من ذِكْري.
4 ـ الشِعرُ في برلينَ
أمشي في شارعِ ( كارلْ ماركسْ )
أبحثُ عن نادٍ أقرأُ فيهِ أشعاري
لا الناسُ هناكَ أُناسي
لا التخطيطُ يقايسُ ضيقَ الأنفاسِ
" المترو "  ثُعبانٌ مُختبئٌ تحتَ القُضبانِ 
يأخذني أنّى شئتُ لأقصى أنفاقِ الدنيا
ضيّعتُ المبنى
ضاعتْ سلسلةُ الأرقامِ
كلّتْ أقدامي
أنقذني مقهىً تُركيٌّ
أشربُ فيهِ أقداحَ الشايِ ثقيلاً أضعافا
قالوا في النادي فاتَ الوعدُ ...
في ساحةِ ( بوتِسدامْ )
أمضيتُ الليلةَ في ( كازينو ) حتّى ساعاتِ الفجرِ الأولى
المترو ينقلُ رُكبانَ الليلِ
سكرى تعبى أفواجا
برلينُ سُحورُ الدنيا فجرا !

هوامش /
1 ـ بوّابة عشتار البابلية الأصلية معروضة في مُتحف بركامون في العاصمة الألمانية برلين
Pergamonmuseum
2 ـ " شمخاء أو شمخة "  هي المرأة البغيّ التي أغرت أنكيدو وتعرّت له حين كان يأتي النهرَ ليشربَ الماء مع وحوش البريّة ثم علّمته ممارسة الجنس كباقي البشر فاستعاد آدميته وترك عالم الوحوش والحيوانات ( ملحمة كلكامش ترجمة طه باقر ).
 3ـ شارع كارل ماركس شارع شهير طويل في برلين يقع عليه مبنى نادي الرافدين الثقافي العراقي .
4 ـ ساحة بوتسدام هي قلب ومركز مدينة برلين
Potsdamer Platz 


CONVERSATION

0 comments: