حزين على المصريين/ رأفت محمد السيد

 يعيش المصريون هذه الأيام حالة تعمَّق فيها الإستقطاب والخلاف السياسى ، فبعد أن كانوا جميعهم على قلب رجل واحد ، إنقسموا إلى فريقين أو ثلاثة متنازعة ، مما خلق حالة من المرارة والكراهية لدى الأطراف المتنازعة ، لدرجة أن كل طرف منهم بات مشغولا بإقصاء الطرف الأخر وإبعاده من الحياة السياسية ، ليست المشكلة فى الإختلاف فحسب أو حتى الإنقسام ،لأن الدول المتحضرة الإختلاف فيها يقود إلى التقدم ، لانهم تعلموا كيف يختلفون ، كيف يتحاورون ، كل يحترم كل منهم الأخر ، فهى ثقافات تعلموها منذ نعومة اظافرهم ، لذلك فاختلافهم وحواراتهم تُدرس 
المجتمعات الغربية تؤكد أن الإختلاف ظاهرة صحية ، بل فى بعض الاحيان يجدون أنه لابد من الإختلاف ولكن شريطة أن يكون الهدف المراد واحد والمصلحة واحدة ، وألا يفسد الخلاف العلاقة الودية بين الأطراف المختلفة ، فالإختلاف لديهم نتيجة الممارسات الديمقراطية التى تتمثل فى الرأى والرأى الأخر ،مبادئهم وشعاراتهم التى تترجم إلى أليات ملموسة "أستمعُ لك بل أصغى وأنصت إلى كلامك وأحترمه حتى لو لم يتفق مع أفكارى التى أؤمن بها ، أما فى مصر فالأمر يختلف تماما تماما بل "حدث ولاحرج" ، فالإختلاف يتحول بسرعة البرق إلى خلاف بل إلى شقاق وكراهية تؤدى إلى تمزيق الأواصر وتشويه العلاقات الإنسانية .
إنه أمربل شى مستحدث على المصريين ، فلم أراهم من قبل بهذه القسوة وهذا الجفاء فى التعامل ، لدرجة أصبحت تعكس ان الذى يختلف معك فى الرأى كأنه عدو لك . صرنا أبعد مايكون عن المودة والتراحم – فأنا من غير المؤيدين لعودة الدكتور مرسى بأى حال من الأحوال حتى لو كانت معه الشرعية الدستورية لعدة إعتبارات ،  أولها: عدم قدرته على إدارة دولة بحجم مصر ، حتى لو إجتهد لأنه لن يجد من يعينة ويساعده وسيفشل مرة اخرى، لذلك فأمر رجوعه بات أمرا مستحيلا وبعيد المنال فمصر ليست " حقل تجارب " لأحد كائنا من كان .
 كذلك الأمر بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين ، فإن عودة الثقة فيهم مرة اخرى يحتاج إلى سنوات عديدة ، لأنهم هم الذين اضاعوا من ايديهم فرصة عمرهم عندما تعاطف معهم أغلبية الشعب المصرى فى إنتخابات مجلس الشعب والرئاسة ، ولكنهم لم يكونوا على قدر المسئولية ، فقد كان للمصريين طموحات كثيرة بعد الثورة ولكن أدائهم أصاب الناس بإحباط شديد ، فضلا عن أنهم لم يطوروا من أنفسهم ولا من أفكارهم ، وفشلوا فى التواصل مع المجتمع المصرى بجميع اطيافه مما أسهم فى زيادة الإحتقان ضدهم ، ناهيك عن نقص الخبرة السياسية والتى ساعد على عدم إكتسابها خلال العام المنقضى لهم الأجواء غير الديمقراطية التى عاشوا فيها . 
أما جيشنا العظيم فهو دائما ينحاز إلى شعبه ، فهو السلاح التى يبطش باعداء الوطن فى الخارج ،وهو اليد التى تمنع معوقى التقدم فى الداخل  ولكن على قدر حبى لجيشنا العظيم على قدر خوفى عليه من الإنخراط فى معترك السياسة من جديد ، فأنا ارى انه قد ادى دوره على أكمل وجه حتى هذه اللحظة فى إعادة الأمور إلى نصابها وحان الوقت ليعود إلى ثكناته لاسيما بعدما تعافت الشرطة وعادت اقوى من وجهة نظرى المتواضعة من 25 يناير لاسيما مع ظهور اللواء محمد إبراهيم " تلميذ حبيب العادلى " وظهور ملامح عودة جهاز مباحث امن الدولة فى زيه الجديد وبنفس الطرق والوسائل التى كانت تستخدم فى الماضى – فأنا مع عودة الشرطة بهيبتها وقوتها لكنى ايضا ضد عودة القمع والقهر والإعتقال والحبس بدون تهم ثابته لان ذلك سيعيدنا إلى نقطة الصفر من جديد ، لابد ان يكون هناك مصالحة حقيقية وطنية ، ليست شعارات  بين الشرطة والشعب ، لابد ان يتغير شعار الشرطة فى خدمة الشعب لأنه ابعد مايكون عن الصدق ، ولكن نريد أن يكون الشعار الجديد " الشرطة فى قلوب الشعب " هل احلم " ؟  اتمنى أن يتحقق الحلم ولايتحول إلى كابوس .
 أما الإعلام فهو من وجهة نظرى المتواضعة إما أن يكون معول هدم أو ركيزة بناء ، وكما تقول العبارة الشهيرة " إعطنى إعلاما بلا ضمير ، اعطيك شعبا بلا وعى " نعم إعلامنا فى حاجة إلى ان يدخل غرفة العناية المركزة إلا من رحم ربى - فهو إعلام يكيل بمكيالين ، هو إعلام يرى مايتبناه ولايرى الحقيقة المجردة ، إعلامنا فاشل لأنه هو من جعل المواطن البسيط يلجا لقنوات فضائية أخرى يستشعر انها تنقل له الحقيقة بالصوت والصورة ، إعلامنا ليس لديه مهنية حقيقية ، إعلامنا للاسف يعمل لصالح دول معروفة لاتريد إستقرار لمصر، ورجال أعمال لايهمهم سوى مصالحهم الشخصية  - فمتى يتحرر هذا الإعلام ؟ 
القضاء في الإسلام يعد من أعلى المراتب ، لأنه وببساطه شديدة سيف العدالة القاطع ، فهو الملاذ الاخير للمظلومين والضعفاء للحصول على حقوقهم المسلوبه ، ومن اجل ذلك فالقاضى يعتبر بمثابة ميزان العدل فى اى مجتمع ، فلاتستقيم امور الدولة إلا بقضاء عادل ، ولاتنصلح احوال المجتمع إلا بقاضى نزيه ، ولأن القاضى بشر فمن الطبيعى أن يخطئ أحيانا ، ولكن خطأه ليس كأى خطأ ، حيث يترتب عليه ضياع حقوق ، أو أرواح تزهق بلا جريمة ، لذلك فقد كان سيدنا عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه ( خامس الخلفاء الراشدين ) يدقق في اختيار القضاة حتى لا يُبتلى الناس بقاضٍ يتخبط فيهم بغير حق، وكان يشترط في القاضي خمسة شروط اساسية ، فلا ينبغي للقاضي أن يكون قاضيًا حتى تتوافر فيه هذه الخمس : أولها أن يكون عفيفا ، حليما ، عالما بما كان قبله ، يستشير ذوي الرأي، لا يبالي ملامة الناس .لأنه سيسال ذات يوم من رب الناس – هل حكمت بالعدل ، وهل حكمت بما أنزلت ؟ ولكن بكل اسف فقد وضع بعض  القضاة أنفسهم موضع الملائكة والأنبياء وكأن الله اصطفاهم وأنزلهم من السماء ، رغم ان فى خطأهم إبتلاء ، من يتفوه عليهم بكلمة عتاب او لوم يضعوه فى حزمة الجهلاء ، ويتهمونه بالغباء والجهل وعدم الولاء ، وفى النهاية يدخلوه السجن بتهمه " إهانة القضاء "!!!

فى النهاية تعلم أن تقول رايك بحيادية وبموضوعية وبتجرد، فالكلمة أمانة ستحاسب عليها يوم القيامة ،يوم لاينفع مال ولابنون إلا من اتى الله بقلب سليم

CONVERSATION

0 comments: