تعتبر تبرئة الرئيس المصري السابق حسني مبارك صفعة لكل تضحيات الشعب المصري الذي ثار ضد الدكتاتورية والظلم، فدماء الشهداء التي قُدمت قربانا من اجل الحرية قد ذهبت هباءاً دون اقامة اي اعتبار لهذه الدماء واهالي الشهداء.
ان اطلاق سراح الرئيس السابق ستخلق حالة من الانقسام في المجتمع المصري الذي يعاني الان حالة من التشرذم بين مؤيد ومعارض للعسكر والاخوان، فقضية تبرئة حسني مبارك ستزيد من حالة عدم الاستقرار التي تهدد مصر ومستقبلها، وكل ما يجري يعتبر اجهاضا لثورت الخامس والعشرين من يناير التي اطاحت بالنظام الدكتاتوري.
يبدو ان ثورت مصر التي ارادت التغيير والاتجاه تحو نظام ديمقراطي على انقاض النظام الاستبدادي قد اجهضت من خلال تبرئة الرئيس المخلوع حسني مبارك، وان الاجهزة الامنية والشرطية والجيش ما زالوا يمارسون السياسة التي كانت متبعة من قبل، فعاد الخوف والتضييق على الحريات لكل معارض لحكم العسكر الي يعتبر امتدادا لحكم مبارك.
بلا شك ان هناك فئة من الشعب المصري ستكون سعيدة باطلاق سراح مبارك وتبرئته، ويبدو انه ما زال ما زال له مؤيدين من مساكين الشعب المصري الذين يؤلهون الاشخاص الذين رأوا في مبارك مَثلهم الأعلى والزعيم الخالد، والاكثر سعادة ستكون الطبقة التي كانت مستفيدة من نظام الفساد وها هي تستعيد مجدها على جثث الشعب المصري.
حسني مبارك لم يحتمل ان يجلس يوما في السجن لانه منذ وُضع في السجن اصيب بالامراض كلها ومرة واحدة، كيف لا يمرض ولا يصاب بالحزن وهو الذي ظن نفسه فرعون زمانه وبالتأكيد لم يخامره الشك ولو للحظة بأنه سيلقى هذا المصير الاسود.
كان يجب عليه ان يُجرب ويذوق المُر الذي اذاقه للشعب المصري منذل ومأسي وفقر والعيش في العشوائيات والمقابر، تصرف كأعتى الديكتاتوريات في العالم، فعمل على تسمية المستشفيات والجسور والمشاريع باسمه، هذا لان الزعماء يظنون بأنهم سيبقون احياء في ذاكرة الشعوب الى الأبد، ويظنون انهم لو ماتوا ستبقى الاشياء باسماءهم تخلدهم، ويبقوا احياء في ذاكرة الشعوب التي نهبوها ومارسوا ابشع انواع التنكيل بحقها.
ان مصادرة الحريات والتعامل بفوقية على الشعوب هي من صفات الحكام العرب الذين يظنون انفسهم مُنزلين ومعصومين عن الخطأ وهم الاذكى وان الحياة ستتوقف بعد رحيلهم،
حسني مبارك كان واحدا من هؤلاء الذين احبوا السلطة واغرموا بها.
كان لا يجب محاكمته على قتل المتظاهرين فقط التي اتضح ان الحكم برئه منها، بل كان يجب ان يُحاكم على اغتصاب السلطة لمدة ثلاثين عاما بطرق التزوير والفساد السياسي، كان يجب ان يحاكم ايضا على قراراته المجحفة بحق الشعب المصري، كان يجب محاكمته على تزوير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، كان يجب محاكمته على نية التوريث لابنه، كان يجب محاكمته على بيع الغاز بأسعار بخسة للعدو الصهيوني، كان يجب محاكمته على الاذعان لاتفاقيات السلام التي نفذها بحذافيرها واضعف مصر خدمة للاحتلال الاسرائيلي.
كان حسني مبارك اداة طيعة لدولة الاحتلال الاسرائيلية المغتصبة للاراضي العربية ومقدسات العرب، كان يجب محاكمته على حصار غزة والبدء ببناء الجدار الفولاذي الذي كان هدفه خنق سكان قطاع غزة وتجويع شعبها خدمة لاسرائيل.
كان يجب..... ولكن القانون استجاب واصبح الدكتاتور بريئا من كل هذه التهم، وكأن شيئاً لم يكن، فعلا انه زمن المعجزات، ويجب توقع كل شيء في زمن الثورات العربية المدمرة، ويجب ايضا توقع كل شيء في هذا الزمن العربي الردئ.
0 comments:
إرسال تعليق