مراهق سيدة لبنان... لا ألومك!/ جورج هاشم

المراهق الذي شتم المسيحيين أمام مدرسة وكنيسة سيدة لبنان، والذي هدَّد بقتل اولاد المسيحيين... ألقت الشرطة القبض عليه، مع رفاقه، وطبَّقت عليه القانون... الخوف ليس من هذا المراهق، او اي مراهق آخر، في دولة قوية كالدولة الاسترالية حيث القانون هو سيد الموقف. هذا المراهق، أي مراهق، لا ألومه اذا طبَّقَ في الشارع ما تعلَّمه في البيت... فاذا نشأ بين والدين متعصبين، جاهلين، حاقدين فماذا تنتظر منه؟ اذا ارخى الوالد للجهل لحية فعلية او متخيلة؟ اذا كان يعتقد ان الاسلام هو الجهر بالشهادتين، والحج والصوم والصلاة وبعض زكاة تكفي لايصاله الى الجنة حيث الحوريات، مستحمات ينتظرنه، حتى لو كانت اعماله بسواد نواياه... اذا نشأ مع والد يحلل كل الرذائل والموبقات طالما انها تُرتكب ضد الكفّار... مع اب كذّاب، حاقد، متعصب، جاهل، مجرم... ومع ذلك يأمر "بالمعروف..." لا ألومك اذا شاء حظ مجتمعك العاثر ان تتربى على يد والدة لا تعرف من الامومة الا الغسل والكنس والطبخ والانجاب... أم جاهلة تتركك تنمو دون تهذيب او تشذيب... لا ألومك اذا تربيت بين والدين لا يلاحقان امورك المدرسية. لا يعرفان مع من تخرج وبمن تختلط...والدان لا يعرفان من الدين الا الحجاب والحرام والحلال... والدان يلتغي دورهما خارج غرفة النوم...لا ألومك اذا نشأت بين والدين لا يعرفان ولا يقدران نعمة الاولاد...
لا الوم هذا المراهق، اي مراهق، لو طبَّق ما تعلمه من رجل دين موتور أفتى ان المسيحيين كفرة يجب قتلهم. كما افتى ان المسلمين الذين لا يطبقون الشريعة، كما يفهمها هو، يجب ان يُعدموا ايضاً... رجل دين دموي يحب قطع رؤوس المخالفين والتمثيل بجثثهم... رجل دين حاقد لا يرى طريق الجنة الا مضرجة بالدماء والتفجير والقتل والتدمير... رجل دين مريض يرى نفسه معصوماً والكل خطأة... رجل دين جاهل لا يقرأ ولا يفهم ولا يتعظ من دروس التاريخ. رغم ان اول كلمة في قرآنه: إقرأ... رجل دين اعمى يريد ان يهدي المبصرين... رجل دين موتور، حاقد، مريض، أعمى، جاهل، متعصب، بعيد عن الدين، متخلف... ورغم كل هذه الصفات يريدك ان تصغي اليه وتنبهر بتعاليمه، وتقتدي به، وتأتمر باوامره وتقول: صدق الشيخ العظيم... رجل دين ابله يعتبر هذه الاية نزلت خصيصاً له: كنتم خير امة أُخرجت للناس... اللوم كل اللوم على الاسلام والمسلمين. على اهل الرأي بينهم، على علمائهم الاجلاء الذين تركوا الساحة لهؤلاء المشايخ ليعيثوا فيها فساداً وحقداً واجراماً... وتركوهم يتصيدون الاطفال الابرياء ويحشون ادمغتهم بهذه الامراض الفتاكة. بالتواطؤ والتآمر مع الوالدين...
لا ألوم هذا المراهق، اي مراهق، اذا ذهب الى المدرسة وافشلته. اذا قضى السنوات يتعلم ليتخرج شبه امي. اذا ظهرت عليه مبكراًعوارض الارهاب ولم تستطع المؤسسات التربوية معالجته. او اذا كانت هذه المؤسسات غير موجودة أصلاً... لا الومه اذا ابتلي بامراض نفسية واضطرابات عقلية ولم يتمكن النظام التعليمي من مساعدته. اذا كان من ذوي الاحتياجات الخاصة ورفض الاهل التعاون او لم تكتشفها المدرسة مبكراً... (هناك نقص حاد في البرامج التعليمية المخصصة لمساعدة الطلاب الذين يمرّون بمشاكل كالتي ذكرت اعلاه...)  لا الومك ايها المراهق ان تضافر الاهل والنظام التعليمي على اعدادك بهذا الشكل لتنطلق وتنفث عدوانيتك ضد اناس ابرياء .
لا ألومك ايها المراهق بل الوم المجتمع الذي فشل بتطهير مؤسساساته من العنصرية بكل اشكالها. ولم يستطع ان يقضي على التمييز بعد. المجتمع الذي لم يستطع ان يعمم تكافؤ الفرص على الجميع. المجتمع الذي لم يستطع ان يغرس العدل والمساواة والحقوق والواجبات في عقول الجميع. المجتمع الذي لم يستطع ان يطور تعددية ثقافية خلّاقة تستطيع ان تبني مجتمعاً يتقبل الاخر بما له وما عليه...  ويتسامح.
ايها المراهق انا لا الومك. انت بحاجة الى اعادة تأهيل. ولكن اين هي المؤسسة التربوية التي تستطيع ان تفعل ذلك؟ ان مجتمعاً لا يستطيع اعادة تأهيل مراهقيه هو حتماً في خطر...
لا ألومك بل الوم اهلك ومدرستك وشيخك ومجتمعك الذين تعاونوا، او لم يتعاونوا، لينتجوا منك هذا المريض،الحااقد، البذيء الذي رأيناه امام سيدة لبنان بالامس ، والمجرم الخطير الذي ستكونه غداً... 
ايها المراهق المسلم لك اخوة وزملاء على شاكلتك في كل الاديان... لا تصدقهم! أنت لست مختاراً من الله... وانت لست ملح الارض... وانت لست من خير امة أُخرجت للناس... انت المجرم. وأنت الضحية...

CONVERSATION

0 comments: