لماذا فعلها نقولا فتّوش؟/ جورج هاشم

نقولا فتوش محام ونائب ووزير سابق وسياسي معروف في لبنان. كل هذه المهمات هي دوام جزئي. دوامه الكامل، كما امثاله، يقضيه كرجل اعمال يشتغل ببيع القضايا. نقولا رفع يده على موظفة مستَضعفة لانها عاملته مثل بقية الناس. رفعها  ليقول لنا ان كل السياسيين امثاله يفعلون ذلك واكثر. يرفعون اليد علينا ويخفضون الرأس والرقبة والظهر لمن يدفع "ويسحسح" ويركب... و فعلها في قصر العدل، وهو الدكتور في القانون، ليقول لنا ان حيط العدل في لبنان اصبح من اوطى الحيطان... ورغم ان  نقابة المحامين شطبت اسمه من لائحتها الا ان الجسم القضائي لم يلفظه بعد، ، ولم يمنعه  مدى الحياة، من دخول قصر العدل، وكل محكمة، الا ليمثُلَ في قفص الاتهام. ..                 
 ونقولا فتّوش نائب في مجلس النواب. مهمته الدفاع عن مصالح الشعب و مهمته كسر اليد التي تمتد الى الشعب، افراداً أو جماعات. مدَّ يده هو الى واحدة من افراد هذا الشعب ليقول لنا ان امثاله من النواب هم أكلة مصالح  هذا الشعب، ويتحلّون بما تيسَّرَ من مصالح الوطن والمنطقة والطائفة... فعلها، لأن رئيسه وزملاءه في المجلس، لن يوصدوا الباب في وجهه ويتركوه، في هذا البرد التشريني اللبناني، عارياً من حصانته النيابية. وهم لو فعلوا، لوجدوا انفسهم عرايا ايضاً، ويمتدون لمسافة 123 نائباً خارج باب المجلس الموصد... اما لماذا استثنيت خمسة نواب؟ فلأن بعض الظن اثم... والسبب في عدم طرده من مجلس النواب ان الغالبية الساحقة منهم يرددون مع المسيح: من كان منكم بدون خطيئة فليرجمه بحجر... وكيف يخرجونه من المجلس وهو صاحب اقتراح التمديد. والرئيس يعتمد عليه في "اختراع" المخارج القانونية لهذا المجلس العاجز...                                                                                        
فعلها، وهو الوزير السابق، لانه يعلم ان زملاءه، السابقين والحاليين واللاحقين، هم من الفصيلة نفسها: فصيلة الخارجين على القانون، او فصيلة الحاميها حراميها. وانهم جميعهم، باستثناء 1,1% ، سيقفون عرايا، حتى من ورقة التوت، امام مرآة التاريخ التي لن تُسَرّ بالمشهد ولن ترحم...                                                                  
فعلها وهو ممثل زحلة سعيد عقل والمعالفة وشعراء وادباء كثيرين. فعلها بعد ان استمع الى خالدة عبد الوهاب بصوت فيروز "يا جارة الوادي" وهو"يلدع" بطحة عرق ويرندح شتائم زحلاوية مشهورة وكلها من تحت الزنّار. فعلها وزحلة " مربى الاسود" المشهورة ببطولة ابنائها وليس بالجبناء الذين يرفعون اليد على امرأة موظفة في قصر العدل... وفعلها لانه على ثقة ان زحله لن تحاسبه، بعد عمر هذا المجلس الطويل، لان الاموال التي قبضها من صفقة واحدة كتعويضات عن توقف كساراته التي اكلت الجبال باخضرها ويابسها، والتي وصلت الى 300 مليون دولار، ستشتري له اكثر من دورة قادمة، مثله مثل معظم نواب هذه الامة المنكوبة بنوابها...                                      
اعداء نقولا فتوش يقولون عنه انه يطحن الجبال كما يطحن النصوص. وفي طحن   الجبال تشويه للبيئة. وفي طحن النصوص تشويه للعدل... كتبت عنه ميشيل تويني في النهار: " نائب اقتراح التمديد، نائب ال 300 مليون دولار تعويضاً لوقف كسّاراته، نائب مغارة علي بابا..." مسكين علي بابا ومظلوم جداً يا ميشيل! عمل وسهر الليالي واجتهد ولم يصل عدد لصوص مغارته الى اكثر من اربعين في احسن حالاته. فاصغر فرع من فروع  مغارة علي بابا اللبناني، ولبنان كله اصبح تحت رحمة هذه الفروع، يضم اضعاف اضعاف هذا العدد...                                                                   
في مؤتمره الصحافي اعتبر فتوش ان ما حصل هو "اشكال بسيط مفتعل جوهره النيل من مواقفه الوطنية والانقاذية..." وانه لم يمد يداً الى منال بل قال لها، وبكل تهذيب طبعاً: " غصب عن رقبتك ستقومين بالمعاملة..." بعد ان نشر حريم خصومه السياسيين او من حاول انتقاده... فهل يُعقل ان يتصرف محام، ودكتور في القانون، ونائب ووزير سابق بهذا الشكل؟ نعم يُعقل والف يُعقل... ولو لم تكن هذه اخلاقهم، وهذه تصرفاتهم، وهذه مواقفهم "الوطنية"، وهذه مبادراتهم الانقاذية، لما كان لبنان يتنعّم بهذا الامان والازدهار وحقوق الانسان والضمانات الصحية  والتربوية والمعيشية وهذه الوحدة الرائعة التي لا تفرق ولا تميِّز بين لبناني وآخر. ولما كان العالم المتأخر الاوروبي والغربي بالاجمال يحسدنا على هذا التقدم والرقي الذي ينعم بهما شعب لبنان العظيم!!!                                   
نقولا فتوش انت فخر طبقتك السياسية. تسرحون و تمرحون وتفسدون وتهينون على هواكم. وبعد الاهانة تتطالبنا بالاعتذار؟  فهل وصل بكم الاستهتار بنا الى هذه الدرجة؟ طبعاً لم تطلب منا. بل طلبت من منال ضو الضحية. وعندما تهين مواطنة لبنانية وتطالبها بالاعتذار فكأنك أهنتنا جميعاً... منال لست وحدك الضحية. فلبنان كله الضحية... وشعب لبنان هو الضحية وهو الجلاد في الوقت عينه. ضحية لانه ابتلي بهذه الطبقة من السياسيين. والجلّاد لانه يغمض عينيه ويعيد انتخابهم...

CONVERSATION

0 comments: