علينا السعي للمزيد من التقارب بين المذاهب/ العلامة محمد علي الحسيني

ليس بالامکان أبدا التقليل من جهود علماء أجلاء وعظام نظير الامام محمد عبدە والشيخ محمود شلتوت وجمال الدين الافغاني وآخرين أمثالهم، بخصوص ماقدموه من عمل وجهود مثمرة وخلاقة في مجال الدعوة للوحدة الاسلامية ونبذ کل أشکال الفرقة والاختلاف والسعي للمزيد من التقارب بين المذاهب الاسلامية عموما والمذهبين السني والشيعي بوجه خاص، وقد ظل هذا النفس المخلص والجهد النبيل المبذول أساسا من أجل عزة الدين الاسلامي ورفعته، ماثلا ومستمرا ونابضا في قلب ووجدان کل المخلصين والخيرين من علماء ومفکري الامة الاسلامية من کافة المذاهب من دون أن تکون هنالك أية نوايا او أهداف طائفية ومذهبية ضيقة او أجندة سياسية وراء ذلك.

التقريب بين المذاهب، هو في مضمونه الاساسي نابع من عقيدة التوحيد التي بني على أساسها الدين الاسلامي وانه يستمد قوته واستمراريته وفق هذا الفهم الراسخ، وکل عمل مبني على نية خالصة ومخلصة من أجل رفعة وسٶدد دين التوحيد، فإنه لله عز وجل وان نتائجه النهائية ستظهر للأمة جمعاء حيث أن(ماينفع الناس يمکث في الارض) ومن أجل ذلك، فإن اسماء ذلك الرعيل المخلص الذي ألمحنا إليه في بداية مقالنا هذا، قد بقيت خالدة وحاضرة في الذاکرة والذهن الاسلامي وصارت کقبس ومنار يهتدي ويقتدي به الجميع، وهي أيضا قد صارت محفزا ودافعا للإلهام لکل الخيرين والمخلصين من أبناء الامة الاسلامية ممن يرومون إصلاح ذات البين او ردم الهوات والعمل الدٶوب من أجل المزيد من التقريب والتفاهم بين المذاهب.

ان الدعوة للتقريب بين المذاهب الاسلامية، ليست بمٶسسة رسمية تٶسس او تلغى من قبل الحکومة الفلانية، وان هکذا جهد مبذول أساسا في سبيل دين التوحيد، ليس بالامکان مطلقا حجزه او حشره ضمن أطر رسمية ضيقة بحيث ينصب او يعزل کل من يعمل في مجالاته بقرار من الحاکم الفلاني، وانما هو أساسا وکما أسلفنا جهد مبذول من أجل الله وفي سبيله وان الباري عزوجل هو من سيجزي ويثيب وليس غيره ومن هنا فإن دعوة خادم الحريم الشريفين  لتأسيس مركز لتقارب بين المذاهب  وقادة وزعماء الامة الاسلامية قد کانوا ولازالوا يکنون أسمى آيات التقدير والعرفان لکل عالم نبيل مخلص يبذل جهدا بهذا الاتجاه من دون أن يضعوا أية عقبات او حواجز بطريقه، لکن ماحدث ويحدث من جانب نظام ولاية الفقيه في إيران، هو أمر مخالف وبعيد کل البعد عن هذا السياق، ذلك أن من أبسط دعائم ورکائز التقريب بين المذاهب، هو نبذ التطرف و التعصب والعنف والکراهية والترکيز على نقاط مفصلية فيها الکثير من الضبابية والغموض والاجدر عدم التعرض لها، لکن النظام الايراني، ومن خلال طرحه لنظرية ولاية الفقيه المبهمة والمرفوضة من الشعب الايراني بل ومن الشيعة انفسهم ومن جانب معظم العلماء المسلمين الاجلاء وجعله طاعة الولي الفقيه واجبة في عنق کل مسلم,قد وضع فاصلا وجدارا عازلا جديدا بين المذاهب، وان دعوته للتقرب بين المذاهب تصطدم بنواياه وأهدافه واجندته السياسية المتضاربة ببعضها والا فماذا يعني قيامه بتأسيس أحزاب ومنظمات سياسية ومليشيات وخلايا امنية”شيعية” ذات طابع عقائدي  معين في بعض من البلدان العربية كالذي يجري وجرى في العراق والبحرين واليمن والسعودية ولبنان ، وماذا يعني تأکيده على إحتضان کل معارض او مخالف او رافض من منطلق ديني او طائفي لأي نظام عربي ودعمه وتوجيهه وفق إملائات وسياسة معينة؟حتى نرى ان النظام الايراني استقبل  حتى جماعات القاعدة الفارين من افغانستان وامن لهم المسكن والحماية والدعم !هذه حالة من حالات سياسة نظام ولاية الفقيه.

اننا كمجلس الاسلامي عربي، في الوقت الذي نبارك وندعم ونشيد بأي جهد مخلص من أجل توحيد الامة الاسلامية ورص صفوفها بوجه أعدائها الرئيسيين، فإننا نحذر من مکائد ودسائس نظام ولاية الفقيه وندعو إلى أخذ الحيطة والحذر من کل تلك المسرحيات السياسية الهزيلة والدعاوي التي تطلق من هناك بشأن التقريب بين المذاهب لأنها کلمة حق يراد بها باطل.

العلامة السيد محمد علي الحسيني  الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي .

CONVERSATION

0 comments: