العربية السعودية من دون نفوذ الولي الفقيه/ محمد علي الحسيني

وضع النظام الخميني ومنذ الأيام الاولى من وصوله الى سدة الحکم، دول الخليج بشکل خاص، والدول العربية بشکل عام، نصب عينيه من أجل أهدافه وأجندته السياسية والايديولوجية المختلفة، ولاسيما المتعلقة منها ببناء نظام سياسي-مذهبي يجعل من نظام ولاية الفقيه القوة الاکبر والاعظم نفوذا في المنطقة. ولم يأت تفکير نظام ولاية الفقيه بدول الخليج إعتباطا او لمجرد الصدفة، وانما لکون هذه المنطقة تعتبر شريانا حيويا للعالم مثلما يمکن إعتبارها قلب ورئة الوطن العربي، وان السيطرة عليها او التحکم بها من جانب او جوانب محددة، يمکن أن يعطي للنظام الايراني قاعدة اساسية وليس مجرد موطئ قدم يناور و يسايس و يراوغ من خلاله.

لقد کانت هنالك دوما ملفات خاصة بدول الخليج في الاوساط الامنية والاستخبارية الايرانية سيما لدى قيادة فيلق القدس ووزارة الاطلاعات الايرانية والاستخبارات العسکرية التابعة لوزارة الدفاع، وقد حاول النظام الايراني وعبر هذه المنافذ الامنية، تأمين مواطئ أقدام له"کبداية"في هذه البلدان والانطلاق من خلالها صوب إنجاز الاهداف التي يرنو إليها.

لقد کانت المملکة العربية السعودية ولازالت تشکل هاجسا سياسيا وعقائديا خاصا لنظام ولاية الفقيه، وأدرکت بأنها ومن دون تخطي وتجاوز هذه العقبة الکبيرة أمامها فإن الجزء الاکبر من برنامجها ومخططها الامني الخاص بالمنطقة، يصبح من المتعذر إنجازه او على الاقل تحقيق جانب ملموس منه، ومن هذا المنطلق، وضع نظام الخميني ضمن أولوياته التصدي المواجهة مع المملکة العربية السعودية وتحت ذرائع وحجج متباينة کانت من أهمها السعي لتسييس شعيرة الحج و جعلها مادة للمساومة و الابتزاز، وقطعا ان الموقف الحازم الذي أتخذته السلطات المعنية في المملکة ومعالجتها الحکيمة والمنطقية لذلك الموقف الغريب الصادر من جانب نظام ولاية الفقيه، دفعت الملالي الى زاوية ضيقة وحرجة، إذ أنهم وبعد أن سعوا لکي يظهروا المملکة العربية السعودية على أنها دولة ذات طابع طائفي ومعادية للشيعة، فإن الطاولة إنقلبت عليهم وجعلتهم في وضع قد لايحسدون عليه، إذ أن المملکة العربية السعودية وعلى الرغم من کثرة الخيارات المتاحة لديها لممارسة الضغط على نظام ولاية الفقيه(من خلال الايرانيين من أهل السنة في مناطق سيستان وبلوجستان وکردستان وترکمان صحراء و غيرها)، إلا أنها ومشيا على سياستها الخارجية التي بنيت اساسا على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للاخرين، فإنها لم تتجه إطلاقا وفق سياق سياسي أمني يتم من خلاله توظيف تلك الحالة لصالح أجندتها واهدافها السياسية.

النظام الايراني، ومع الاخفاق المستمر الذي لاحقه في صراعه الخفي ضد المملکة العربية السعودية خصوصا بعدما تصاعد الدور السعودي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عربيا واسلاميا وعالميا وصار له أکثر من شأن ومع الفشل والاخفاق الذريعين اللذين لحق بهذا النظام على صعيد سعيه لإستخدام شعيرة الحج لأغراض سياسية، فإن نظام الملالي لم يتمکن من تقبل و إستساغة ذلك وانما لجأ الى مختلف السبل من أجل تضييق الخناق على المملکة العربية السعودية وجعلها على الاقل في الظل، ومن هنا، فقد حاول جاهدا الضغط والتأثير سلبا على العربية السعودية ولم يجد أمامه من سبيل سوى محاولة توظيف الورقة الطائفية"کدأبه دوما"من خلال بعض طلاب العلوم الدينية للوصول الى غاياته، وبهذا الاتجاه، طفق يعمل بکل مافي وسعه في سبيل زرع بؤر وخلايا تئامرية مشبوهة هنا وهناك بين أخواننا من الشيعة السعوديين، ولم تکن اطروحة حزب الله السعودي الذي رادف نماذج خليجية أخرى مشابهة تهدف فيما تهدف الى زعزعة أمن واستقرار هذه الدول بشکل خاص والمنطقة بشکل عام، لکن، وعلى الرغم من الحيطة والحذر والتکتم والسياج الاستخباري الذي ضرب على حزب الله السعودي ونشاطاته المتباينة، لکنه في نهاية الامر لم يتمکن من العمل بتلك الطريقة التي خطط لها نظام ولاية الفقيه خصوصا وان أجهزة الامن السعودية قد وقفت بالمرصاد وضربت بيد من حديد على کل تحرك يهدف الى الاضرار بالامن والاستقرار السعوديين، بيد أننا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، في نفس الوقت، نحذر بشدة من النوايا الخبيثة والمبيتة لنظام الملالي حيث لانميل الى الاقتناع بأن هذا النظام سيدع المملکة العربية السعودية وشأنها وانه سوف يسلك مختلف السبل من أجل الوصول الى أهدافه العدوانية خصوصا في هذه الفترة.

لقد دعونا کمرجعية سياسية للشيعة العرب، خلال الاعوام الاربعة المنصرمة من عمر المجلس الاسلامي العربي الى الحذر من هذا النظام واحابيله وأکدنا في تصريحات وبيانات في مختلف المناسبات بأن نظام ولاية الفقيه قد وضع ضمن اولوياته إيجاد موطئ قدم له في المملکة العربية السعودية وان الطريق الامثل لکشف أحابيل ودسائس هذا النظام يکمن في نقطتين أساسيتين هما:
1ـ يقظة الاجهزة الامنية المختصة في السعودية وإتخاذها للحيطة والحذر اللازمتين من أجل کشف اوکار التئامر والتخريب المجندة من قبل نظام ولاية الفقيه.
2ـ توعية الاخوة الشيعة السعوديين وتحذيرهم من الافکار المنحرفة والمزاعم الباطلة التي يلجأ إليها نظام ولاية الفقيه من أجل إستغلال الورقة الشيعية في سبيل أجندته وأهدافه المريبة الخاصة.


*المرجع السياسي للشيعة العرب.

CONVERSATION

0 comments: