الكبير.. أحَقّ (!!)/ محمد طعيمة


حرب الاستنزاف مُستمرة و(خالد) على وشك التخرج، سألته بقلب أم يعلم الإجابة: "عارفه إنك ح تبعته للجبهة؟"، بحزم رد: "أيوه يا تحية". قبلها حذره: "لو استخدمت اسمى فيما ليس لك.. سأضعك بالسجن الحربي". عبدالحميد يلتحق بالكلية البحرية والزيارات ممنوعة أثناء فترة التدريب الأولى، حاولت رؤيته، أيضاً كان حاسماً: "حينها علينا السماح لكل أمهات زملائه برؤيتهم ونهدر فائدة فترة التدريب".
أنقل عما كتبه الزميل عبدالله السناوي، قبل عامين، في (العربي) بعنوان "مذكرات تحية عبدالناصر". نوعية الجبهة الآن مختلفة، ترتبك بموجات من العبثية، وفيها أيضاً انفرد السناوي، قبل أسبوعين، بكشف زخم جديد في خلافات "البيت الرئاسي" حول توريث الابن الأصغر.
الأصغر كان الأول في الظهور، ليتحدث في أكتوبر 1998 عن "التعاون الاقتصادي العربي في إطار إقليمي.. وكيفية منع حرب جديدة"(!). وفي حوار كاشف مع مجلة (نص الدنيا) أول مارس 2004، تكرر الأم: "جمال فعل.. جمال قال". كانت تحكي عن مواقف وحوادث شهدتها ثماني سنوات أعقبت محاولة اغتيال الأب في أديس أبابا، دون أية إشارة للابن الأكبر.
ظهر الأخوان معاً في أجواء الدورات الرمضانية منذ يناير 1999 حتى العام الماضي، وبينهما.. في أجواء عودة البعثة الأوليمبية من أثينا 2004، قالت وكالة أنباء الشرق الأوسط: كان نجلا الرئيس علاء وجمال ضمن المستقبلين. لكن التغطيات اللاحقة لها وفي باقي وسائل الإعلام لم تشر إلى علاء، رغم تأكيد زملاء رياضيين وجوده. كان مُتنحياً جانباً، لينفرد شقيقه مع الأبطال بالصور التي ملأت لاحقاً الميادين، وأثارت انتقادات معارضي التوريث قبل أن يأمر الأب برفعها.
قيل إن "قسمة تمت".. للأكبر البيزنس وللأصغر السياسة، لكن ما يُنشر ويتردد يؤكد أن لجمال نصيبه من البيزنس. سأل مكرم محمد أحمد الأب عن شائعة بيعه للديون، أجابه بعفوية: ليست شائعة، اشترك جمال فعلاً في شراء دين مصري قديم. مع ذلك ينفي "ليس لدىّ أبناء يعملون بالبيزنس، هذا أمر مُحرم"، موضحاً أن علاء، الذي تمحورت حوله حواديت البيزنس "عنده قطعة أرض يزرعها ويعمل في أنشطة بسيطة لا علاقة لها بالحكومة". ثم شاكياً "لم نسلم من الألسنة، يقولون فلان واجهة لابن الرئيس.. لا.. لا. ابني لا علاقة له بأي توكيلات". يواصل الشكوى "كان يتم تجديد فيللا بيضاء ضخمة بعد النفق المجاور لمنزلنا. قالوا إنها لعلاء، والصحيح أنها ملك ثري عربي. ثم تكررت الحكاية مع أخرى بالشارع نفسه، كانت ملكاً لتاجر مخدرات.. صادرها القضاء واشترتها الدولة كبيت ضيافة"(1).
علاء، 49 سنة، غائب عن الساحة السياسية، تخرج في مدرسة سان جورج، ثم الجامعة الأمريكية بالقاهرة قسم تجارة وأعمال. رجل أعمال متعدد الأنشطة، لكن لا يعرف أحد تفاصيلها. يندر أن تقرأ اسمه في خبر سياسي أو اقتصادي، لكنه حضّر بقوة في شائعات غريبة راجت قبل ست أو خمس سنوات، لم يفز بمثلها جمال. شائعات بدت وقتها كمحاولة لغسل إشاعات سبقتها عن تاريخه المالي، فمع تنامي الصعود السياسي للأصغر، قيل إن مشاكل تفجرت داخل البيت الرئاسي بسبب توجهات دينية ظهرت على علاء، وأنه أطلق لحيته حتى طالت صدره، وأن زوجته تحجبت بعد جلسات مع عمرو خالد والحبيب الجفري، وأنهما رُحِّلا بسبب ذلك. تصاعدت الشائعة ليزعم البعض أنه بث رسالة عبر الإنترنت يستنجد فيها من تحديد إقامته، وأنه مدين للبلد بعدة ملايين يُريد أن يردها(!).
الشائعة التي ثبت كذبها خلال شهور من انطلاقها توحي، على أية حال، بـ"قُبُوْل" نسبي لعلاء مقارنة بشقيقه، وهو ما اُختبر مع تداعيات أزمة مباراة الخرطوم عقب اتصاله بقناتي دريم وأوربت نوفمبر الماضي، فحتى الرافضين للتصعيد ضد الجزائر أقروا حينها بأن علاء وكلماته لقيا تعاطفاً بين قطاع جماهيري واسع. بعدها تكونت مجموعات تروج له على الفيس بوك، بعضها يتحدث عن أن "الكبير أحَقّ"، تعاطفاُ أو سخرية من "إننا سنورث.. سنورث"، كما (العلاءيون).
خارج الدائرة الضيقة المحيطة بالبيت الرئاسي، لا أحد يعرف بدقة موقف علاء من توريث شقيقه.. بين دعم الأم وتحفظ الأب، لكن الشهور الأخيرة تشي بتقاربه مع الموقف الثاني. والغالب أنه يتفق مع د.علي الدين هلال في لصق "قلة الأدب" بمن يطرح بديلاً للأب "في وجوده"، خاصة إذا جاء عقب عودته من ألمانيا نهاية مارس الماضي، وقبل أن يُتم شفاءه ويعود للظهور علانية.
تنسب مصادر لإجلال سالم، المنسق المساعد لائتلاف دعم جمال، أن أول اجتماع معها تم أثناء حملتها كمرشحة لرئاسة الوفد منتصف مايو الماضي، وأنه كان مع د.جهاد عودة في فندق بالقاهرة. قبلها بأيام كان عزاء الراحل محمود السعدني، ولاحظ المشاركون فيه أن الأخوين حضرا في توقيت متقارب.. منفردين، لم يلتفت أحدهما تجاه الآخر.. وانصرفا منفردين، فراجت أقاويل عن خلاف بينهما، وأتى مقال السناوي قبل أسبوعين ليكشف عن جدل مختلف في البيت الرئاسي.
قبل 40 عاماً دار الجدل بالبيت الرئاسي حول زيارة استثنائية، لم تتم، للابن الأصغر بكلية عسكرية، بينما الأكبر يرتدي نفس الزي.. على خط النار. بعد 40 عاماً يدور الجدل بالبيت الرئاسي حول توريث البلد للأصغر، والأكبر يختلف معه، ربما على توقيت التنفيذ.. وربما على من أحق به.
m.taima.4@gmail.com

1- نص ما تعلق من حوار الأب ببيزنس الأخوين ضمن هوامش كتاب (جمهوركية ألـ مبارك)

CONVERSATION

0 comments: