اين هي المقاومة يا حاج محمد رعد؟/ سعيد علم الدين

قال رئيس كتلة "حزب الله" في مجلس النواب اللبناني النائب محمد رعد الخميس 2 أيلول 2010، أن "نداء الإمام الخميني بإعلان يوم القدس في آخر نهار جمعة من شهر رمضان، حتى تكتسب قضية القدس هذه القداسة والمعنى والأفق الاستراتيجي للأمة التي يجب ألا تتيه عن هويتها الحضارية".
وفي الوقت نفسه رعد ونصرالله وقاسم ومنظومتهم الإيرانية الشمولية الدكتاتورية يعملون جاهدين من خلال قمعهم لشعوبهم واغتصابهم لقرارها، واغتيالهم وسجنهم واسكاتهم لمثقفيها، وتهجيرهم لأحرارها، على ان تتيه هذه الهوية وتضيع وتتلاشي ولا يبقى منها الا القشور والشادور والدكتاتور الشاهنشاهور.
فهوية الشعوب لا تحافظ عليها حراس الأنظمة الدكتاتورية ومخابراتها، وانما احرارها ومثقفيها ونخبها!
وماذا حقق هذا النداء او الشعار منذ اكثر من ثلاثين سنة وحتى اليوم للقدس؟ سوى صدح الخطابات الرنانة بالموت لاسرائيل ورفع الشعارات الطنانة ضد الشيطان الامريكي الكبير!
ومثله مثل باقي الشعارات والعنتريات النجاديات التي لم تعد تحرك الا الجهلة والسذج وأصحاب العصبيات. الشعوب العربية تيقظت ولم تعد تؤخذ ببلادة هذه الشعارات . ولم تعد تنطلي عليها اطماع ايران النووية في السيطرة على مقدرات وحقوق الشعوب العربية. وما قضية القدس وفلسطين الا النافذة التي تريد من خلالها ايران فتح ثغرة في الجسد العربي للتدخل المؤذي والشرير في شؤونه. وشاهدنا ذلك في حرب تموز اللبنانية وفي حرب غزة الفلسطينية كيف ان ايران كانت فقط تثرثر اعلاميا لغطا من البعيد. حتى انها تحمست لارسال باخرة مساعدات لشعب غزة المحاصر بحماية اسطولها الثوري، ثم تراجعت خوفا من الاحتكاك مع البحرية الاسرائيلية.
ويتابع رعد تعبيرا عن فكره الشمولي الرافض للآخر، قائلا:
"دعونا من حقوق الإنسان التي تُستعمل للدجل والتضليل"
هو ومنظومته السالفة الذكر لا يريدون ان يسمعوا بعبارة حقوق الإنسان. والا كيف سيركبون على ظهره ويكسرون اضلاعه ويزجونه وقودا في حروبهم الخاسرة سلفا؟
حقوق الانسان في الدول الديمقراطية الراقية لا تستعمل للدجل والتضليل، انما سياسة ايران في المنطقة بحجة تحرير القدس وفلسطين هي الدجل والتضليل السافر بعينه.
دول حقوق الانسان لا تزوِّر الانتخابات وتقمع شعوبها المتظاهرة والمطالبة بحقوقها بالرصاص كما فعلت دولة ولاية الفقية التي يفتخر رعد بان يكون فردا من افراها اقتداء بسيده حسن نصر الله.
ان حقوق الانسان هي المدماك الأول لنهضة الشعوب وبناء حضارتها. الحضارة ليس لها علاقة بالماضي، وانما بالحاضر! ولهذا سميت حضارة.
حضارة السلف انتهت وانزوت ونحن نتغنى بتراثها ونعتاش من فتات حضارات اليابانيين والكوريين والأوروبيين والصينيين والأمريكيين.
الدوس على حقوق الانسان هو الدوس على الحضارة نفسها.
والحضارة تنهض وتتألق على اكتاف الإنسان السيد ذو القرار الحر وليس الخانع الذليل الخائف المقموع الإرادة والمسلوب القرار.
كلام رعد يخالف ايضا بنود وروح الدستور اللبناني وعراقة الدبلوماسية اللبنانية التي كان لها الدور الاساسي عبر المفكر والسياسي شارل مالك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الانسان وتشريعه.
فحقوق الإنسان هي مخرز في اعين كل الشموليين القمعيين في العالم ومنهم النائب محمد رعد، الذي لن يهدأ له بال الا بتدمير بنية العيش المشترك الاجتماعية وتشويه الديمقراطية واستيلاء دويلته الإلهية الشمولية الإيرانية المستبدة المتخلفة على كل مقومات الدولة اللبنانية الحديثة.
وتابع رعد، قائلا: "من المؤسف أن نقف اليوم لنحيي قضية القدس وفي اليوم نفسه تُفتَتح مهرجانات للتفاوض المباشر حول مستقبل القدس".
هذه هي النتيجة الحتمية يا حاج محمد لأكثر من خمسين سنة من الصراع العربي الاسرائيلي. ومن الحروب والانقلابات والثورات والمقاومات والعنتريات التي لم نجن منها على الصعيد العربي سوى الفشل الذريع والخسائر والخيبة تلو الخيبات.
كفانا احلاما لا امل منها بالتحرير!
ولا حل عسكري بديل في الأفق القريب والبعيد. ولا يمكن ان يحل الصراع الا بالمفاوضات التي تنتهي بقيام الدولة الفلسطينية السيدة الديمقراطية المستقلة وعاصمتها القدس العربية.
وكعادتها "حماس" وتخريبا صبيانيا لعملية التفاوض الحالية في واشنطن قامت بقتل اربع مستوطنين املا منها بالتشويش على المتفاوضين لوقف المفاوضات.
وفي هذا الصدد قال رعد" دعونا نحيّي أبطال عملية "حماس الأمة" في مدينة الخليل لأنّها عملية تعبّر عن حقيقة نبض الأمة وموقفها الاستراتيجي في كل مسرحيات التفاوض المذل".
اشك في ان عملية حماس الصبيانية تعبر عن نبض الأمة. فقط وزعت عناصر حماس حلوى في شوارع غزة على هذا الانتصار التاريخي الاستراتيجي بقتل اربع مستوطنين. هذا لا يعتبر تحريك لنبض الأمة وانما لبطونها!
لافتًا رعد إلى أن "التوجه نحو القدس يغنينا عن الكثير من الصراعات الفئوية والحزبية والمذهبية".
مما يعني اننا اذا لم نوافق مع الحاج رعد على التوجه معه الى تحرير القدس فنحن خونة وعملاء ولا بد من شن الحروب المذهبية والاهلية علينا ليعيدنا الى جادة الصواب، أي ان تحرير القدس يمر عبر برج ابي حيدر والمزرعة وبيروت وجونية والقاهرة.
وإذ شدّد على أنّه "في ظل هذا النهج المعتمد ليس أمامنا لاستعادة حقنا في القدس وفي كل أرضنا العربية المحتلة، وليس من خيار أمامنا إلا خيار المقاومة".
اين هي المقاومة التي هي خيارنا الوحيد يا حاج محمد رعد؟
هي ميليشيا منفلتة في شوارع وزواريب بيروت ليس الا!
او ماذا بقي من ما يسمى مقاومة في لبنان وفلسطين؟
مقاومة حماس افلست باحتلالها الوحشي لغزة بعد ان انسحب منها الجيش الاسرائيلي. حماس قاومت في غزة فتح ولم تقاوم العدو الاسرائيلي، وانما دعته عامدا متعمدا لوليمة تدمير غزة المنكوبة.
ودليل افلاسها انها اليوم تمنع المقاومين من اطلاق صاروخ على اسرائيل وتعتقلهم. مقتل اربع اسرائيليين هذه ليست مقاومة بقدر ما هي عملية بدائية لتعطيل المفاوضات وفيها الضرر الشديد لمصالح وامنيات الشعب الفلسطيني.
اما مقاومة حزب الله فقد افلست هي الأخرى باحتلالها الميليشياوي لبيروت وتوجيه فوهات بنادقها ومدافعها وصواريخها الى صدور اللبنانيين العزل المسالمين.
وعندما قبل حزب الله بالقرار 1701 انهى عمليا مقاومته ضد اسرائيل سامحا للجيش اللبناني واليونيفل بحماية الجنوب من الاعتداءات. وماعدا ذلك هو كلام فارغ الهدف منه الدجل والتضليل.
والدليل كيف انه عندما اطلقت بعد حرب تموز صواريخ على اسرائيل كيف اعلن حزب الله فورا براءته وعدم مسؤوليته عن العملية.
فكفى ثورجيات على المايكروفونات!
واستحوا على دمكم من إرعاب النساء والاطفال والشيوخ في رمضان والدوس استكبارا على حقوق الإنسان!

CONVERSATION

0 comments: