سُعار اردوغاني..../ عبد العالي غالي


اذكر أني قرأت في إحدى كتب التاريخ غير الرسمي، وطوبى لغير الرسمي من كتب التاريخ ما دامت صفة "رسمي" كاللعنة تلتصق بكل شيطان مارد لا عهد له ولا أمان في هذا الزمن العربي الكريه، ولتسألوا معي عن شعور الباحث عن حقيقة إن قلنا له أننا نستقي أخبارنا من صحافة رسمية أو مصادر رسمية وحسب إحصاءات رسمية في حفلات رسمية وهلم زورا وبهتانا... قرأت انه في زمن السلطان "سليمان القانوني" الذي لا يقهر، وفي عز ازدهار وتوسع الإمبراطورية العثمانية. استتب أمر المغرب للملك السعدي "محمد الشيخ". فما كان من الإمبراطور العثماني إلا أن بعث له المرسلين مبشرين ومنذرين "أن ادعوا لسليمان فوق المنابر واكتبوا اسمه على عملتكم كما كان يفعل من سبقكم...". رسائل تنم عن كبير إهانة وكثير وقاحة من إمبراطور كان كل مجده يبنى على أساطيل من بواخر تجوب البحار محاصرة ومهددة ومتوعدة كل مارق في ذاك الزمن العربي الشريد. غرور وتجبر وصل حد أن يصبح كبار القوم مجرد ظل باهت لسلطان القوارب كما كانوا ينعتونه. ولأن الأجداد لم يعدموا شموخا وأنفة رغم ضيق الحال وقلة الحيلة فقد كان الرفض ودون كبير شرح ولا زيادة. رفضٌ مرغ هيبة الإمبراطورية العثمانية في تراب المغرب، فما كان منهم إلا الإعداد هناك والاستعداد هنا للانتقام... وصل الخبر إلى الإمبراطور العثماني فقرر غزو المغرب وإخضاعه بكل ما أوتي من قوارب وعساكر وعمارة. إلا أن دهاقنة الفتن والمؤامرات في القصر الإمبراطوري نصحوه بغير ذلك، فما كان منه إلا أن استعاض عن كل ترسانته العسكرية بحفنة من المرتزقة تمكنت من الاستفراد بالملك السعدي في ليلة ليلاء ففصلت رأسه عن جسده... ويقال أنها علقت في إحدى ساحات عاصمة الأتراك كي تكون عبرة لمن يخشى...

سقت هذا المثال الموغل في التاريخ في محاولة مني لتفسير كثير من الأخبار العبثية التي أضحى هذا الحزام العربي النتن مسرحا لها ومرتعا للمسترزقين بها. فهذا اردوغان وقد تحول فمه إلى مدفعية تقذف اللهب اللفظي في جنون تجاه الأسد. وكان آخر غاراته اللفظية أن وصفه بالجبان. سعار ينم عن عشوائية تقدير وضعف بصيرة وتخبط غالبا ما يكون ضحيته أكبر المقامرين. فمن رفع شعار "تصفير المشاكل" مع دول الجوار ها قد تحولت تركيا إلى دولة يحيط بها الأعداء من كل جانب. فهذا شمال العراق يُقصف بالطائرات وهذه إيران تهدد بقصف قواعد الناتو ورداراته فوق ارض تركيا، وهاهم الأكراد قد سرت في عروقهم بعض عزة غيبتها الهجمة الأمريكية على المنطقة، والتي تزلفت لأكراد البرزاني والطلباني لتدمر أكراد أوجلان، ثم هذه أرمينيا وقد أعادت مجازرها إلى واجهة الأحداث، وتلك روسيا بكل ثقلها الإمبراطوري، دون أن نغفل اليونان وقبرصها ثم هذه الحدود مع سوريا وقد تحولت معسكرات تدريب وتجميع لثوار الحمدين علهم يحررون سوريا من نظام كل ذنبه انه قال كما الملك السعدي "لا" لإمبراطور زمانه.

مقامرة اردوغان جاءت من اعتقاده أن بإمكانه أن يعيد "للباب العالي" نفوذه عن طريق تأسيس هلال إخواني ينطلق من المغرب حتى سوريا، ومعه يصبح حفيد سليمان القانوني ماسكا بتلابيب ارض الطاقة التي أريد لها أن تفرغ من الطاقات.... ولأن ما يوضع على مكتبه من تقارير استخباراتية لا تبشره بقريب نجاح، إذ العقدة السورية ابعد من أن تفك، فقد زاد هياجه ودخل في مرحلة الهستيريا السياسية مرتميا بكل ثقله في حضن المخطط الغربي لتنفيذ الشرق الأوسط الجديد. وهو في ذلك يعلم انه يلعب آخر أوراقه، فإما النصر بإسقاط نظام بشار الأسد ومعه كل الحلف المقاوم ضد الهيمنة الغربية في المنطقة، وإما أن يلاقي نفس مصير عدنان مندريس...

عدنان مندريس هذا لمن لا يعلم هو رئيس وزراء تركيا طوال عقد الخمسينيات من القرن الماضي، هو الآخر وصل إلى السلطة بعد فوزه بالأغلبية الساحقة في انتخابات 1950 واضعا بذلك حدا لهيمنة حزب الشعب الجمهوري الذي حكم تركيا منذ إعلان الجمهورية عام 1923. وبرغم أن إصلاحاته أسهمت في تطوير الحياة الاقتصادية في تركيا، وعلى الرغم من كونه من أدخل تركيا في حلف الناتو وجعلها رأس حربته في مواجهة الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة، حيث أرسل قوات بلاده إلى كوريا، ووضع نفسه وبلاده في مواجهة جمال عبد الناصر، وأقام أوثق العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ... إلا أن كل ذلك لم يشفع له فانتهى على حبل المشنقة...


المغرب

CONVERSATION

1 comments:

غير معرف يقول...

في تركيا حلت لعنة القلاقل ، وخيم معها انعدام الثقة لما ستؤول إليه الأوضاع ، فالأتراك بزعامة أردغان ماضون حتما للهاوية ; أردوغان وفي بداية مشواره تَمسْكَنَ حتى تمَكّن و لما تمكّن بالخداع تفنن ، فأين تركيا من تصفير الأعداء مما بشر به أردغان ، حين يكون الواقع هو تصفير الأصدقاء ، الشيء الذي قزم دور تركيا سياسيا و أصاب اقتصادها بنكسات يصعب تداركها في الستقبل المنظور .
لقد خابت تقديراتي ، في بداية انتخاب أردغان ، حسبت أن تركيا فطنت لما سيؤمن مستقبلها ، باتجاهها للعالم العربي ، والتعامل معه حسب زمن التكثلات العظمى ، لقد انصرم وقتا ثمينا طرقت تركيا عبثا خلاله أبواب أوروبا التي فضلت دولا منهوكة اقتصاديا كرومانيا على سبيل المثال لا الحصر ، بينا بقيت تركيا منذيلا تتمسح به سيئات الناتو.
هناك كارثة إقتصادية حقيقية تجتاح اوروبا وتلـفح بِحرّها الولايات المتحدة ، حيث الرخاء الإقتصادي بات في عداد الماضي لعدة أسباب ; و لو قٌدِّر للتحالف التركي العربي النجاح إقصاديا لكانت الكارثة أشد وطئًا على أوروبا والولايات المتحدة ، وتسميم الأجواء في سوريا لم يأتي بالصدفة لقد جاء لكسر كل امتداد يجعل تركيا في تلاحم جغرافي مع العالم العربي غربا حين تكون القطيعة حتمية في كردسان العراق شرقا .