لأول مرة أشعر بأن أسد قصر المهاجرين الصغير صادقاً فيما وصف به نفسه في مقابلته مع قناة "أي بي سي" التلفزيونية الأمريكية التي بُثت الأربعاء الماضي 7/12/2011 عندما نفى أن يكون قد أصدر أوامر بقتل محتجين، وقال إنه "لا يمكن لأي شخص أن يفعل ذلك إلا إذا كان مجنونا" وقد فعل - فإذاً هو كما وصف نفسه - مجنون وأحمق وكاذب، وما يجعلنا نتأكد من كذبه ما حدث ويحدث من وقائع على الأرض منذ تسعة أشهر، وهي تؤكد ولوغه في دم السوريين حتى النخاع، ولعل ما يقوم به من حركات خلال حديثه.. تارة بيديه وأخرى برأسه والاندفاع إلى الأمام ثم الرجوع إلى الخلف ثم يميل يمنة ويسرة في حركات بلهاء تلفت النظر، يؤكد ما ذهب إليه العلماء من أن المنطقة المسؤولة عن الكذب هي في مقدمة الدماغ أي الناصية، وقد اكتشف هؤلاء العلماء أن منطقة الناصية تتنشط بشكل كبير أثناء الخطأ، ولذلك فقد خلصوا إلى نتيجة أو حقيقة علمية أن عمليات الكذب وعمليات الخطأ تتم في أعلى ومقدم الدماغ في منطقة اسمها الناصية، والعجيب أن القرآن تحدث عن وظيفة هذه الناصية قبل قرون طويلة، فقال: (ناصية كاذبة خاطئة) فوصف الناصية بالكذب والخطأ وهذا ما يراه العلماء اليوم بأجهزة المسح المغنطيسي.
وبعد هذه المقابلة المخجلة شعر النظام بوقوعه في مطب يدينه ويدين رأسه الذي ينفي أي علاقة له في عمليات القتل الممنهج التي يرتكبها شبيحته ورجال أمنه وكتائبه العسكرية منذ تسعة أشهر، فلا يقول ما قاله بشار إلا رجل كاذب أبله، فكيف يستقيم قوله: " هو ليس له علاقة بما يجري على الأرض لأنه رئيس ولا يملك سورية، فالحكومة والجيش هما المسوؤلان عن القتل، وأنه لم يصدر أي أوامر، لأنه لا توجد حكومة في العالم تأمر بقتل شعبها" مع حصيلة القتل المرعبة التي تجاوزت الخمسة آلاف مواطن بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان الموثقة لديها بالصوت والصورة؟!
أمام هذه المقابلة المخجلة والتي ألحقت بالنظام "فضائح بجلاجل" فوق ما هو فيه من فضائح، سارع إلى إحداث منصب جديد لم يكن معروفاً من قبل هو منصب "الناطق الرسمي باسم الخارجية السورية" واختار لهذا المنصب رجلاً جفت مياه وجهه، يجيد ليَّ أعناق الحقائق وتزويرها والتلاعب بالكلمات والألفاظ، يهوى الكذب ويعشق التملق ويهيم بالنفاق، هو الدكتور المهرج "جهاد مقدسي" الذي يذكرنا بسعيد الصحاف الذي بقي لآخر لحظة وهو يصف الأمريكيين الغزاة بالعلوج وينفي تدنيسهم لأرض العراق ويذيع البيانات المضللة، في الوقت الذي كانت الدبابات الأمريكية على بعد أمتار من مكان وجوده على كومة من بقايا أبنية مدمرة، وكان هذا الصحاف مفاجأة للجميع عندما سلم نفسه للأمريكيين الذين استجوبوه لساعات ثم أطلقوا سراحه وغادر العراق دون أن يُمس هو أو أحد أفراد أسرته بأي سوء، كما ويذكرنا بالناطق الرسمي لطاغية ليبيا موسى إبراهيم الذي ظل يفبرك الكذب والأباطيل والأضاليل ويدافع عن القذافي ملك ملوك أفريقيا وعميد القادة العرب، الذي كان يفر هارباً من وجه الثوار من زنكة إلى زنكة ومن دار إلى دار ومن مدينة إلى مدينة ومن جحر إلى جحر حتى استقر كالجرذ مختبئاً في مجرور مياه.
وما تعيين هذا الناطق الرسمي للخارجية السورية إلا مؤشراً بقرب زوال هذا النظام الاستبدادي الديكتاتوري السادي، أسوة بمن سبقه من أنظمة استبداد طغت وبغت وسرقت ونهبت وأفسدت وأفقرت وجوّعت وجهّلت وأهلكت الحرث والنسل في بلدانها، وقربت المطبلين والمزمرين والمصفقين والصداحين والهتافين والمتملقين والمنافقين والوصوليين والفاسدين والمرتشين والمضللين، ولا نعلم إن كان الأسد الصغير الذي وصف شعبه بالجراثيم سيجد لنفسه مجروراً يختبئ فيه كما فعل صديق أبيه القائد معمر القذافي الذي كان يقول لليبيين وهو مرعوب مكابر: (من أنتم أيها الجرذان.. لو كنت رئيساً أو لدي منصب لرميت الاستقالة في وجوهكم).
0 comments:
إرسال تعليق