ما زالت الكلمة المسموعة أكثر تأثيرا على الإنسان مما سواها , فمازال الراديو - المذياع - يلعب دورا أساسيا أكثر مما نعتقده فى خلق الزوق العام لدى الشعب البسيط , لأن الراديو كوسيلة إعلامية بسيطة صغيرة الحجم رخيصة الثمن ويمكن حملها فى أى مكان وإلى أى مكان تساعد على نقل وترسيخ أى فكر لدى المستمع يريده من يبث إليه هذه الأفكار
ولست أدرى كيف غفل علينا دور الراديو - هذا الساحر الصغير - فى السنوات الماضية فإتجهنا بكل قوتنا وإهتمامنا الى التليفزيون وخاصة رجال المال والأعمال والإستثمار الذى إجتهدو فى خلق وبث وتمويل القنوات الخاصة التليفزيونية ولم يتوجه هذا الإستثمار إلا الجزء الضئيل جدا منه الى محطات الإذاعة
ما أثار هذا الموضوع فى ذهنى وجعله يلح على عقلى أننى إشتريت جهاز موبايل جديد وبدأت أجرب خصائصه وعندما بدأت فى تشغيل الراديو - وللعلم أنا أيضا من المقلات جدا فى الإستماع الى هذا الجهاز الرائع , أتذكر أن من كان يحرص على تشغيله فى المنزل كان هو أبى رحمة الله عليه , فهو من كان فور قيامه من النوم صباحا يدير المذياع على محطة القرآن الكريم وقد ورثنا هذه العادة منه ويظل الراديو يعمل الى أن يجىء موعد نزولنا للعمل فيغلق وهكذا الى صباح الغد
ولكن اليوم عندما أدرت مؤشر الموبايل على محطة راديو - قالت راديو القاهرة أو العاصمة -- إستوقفنى أنها تتناول مادة إعلامية تخص الدستور فأردت أن أرى ماذا يقول فوجدته أو كما جاء فيه - إعلان بإعتراف بأننا كجموع شعب مصر نأيد تأييدا شاملا جامعا عاما للدستور الذى يحتوى على كيت وكيت على غير حقيقة إحتواء الدستور
ولأنى لى مآخذ قد سبق وذكرتها فى مقالات سابقة عن الدستور ولى موقف واضح منه إلا أنى آثرت أن أستمع للنهاية فوجدت المادة الإعلامية تحتوى على المغالطات وتفترض فى الدستور ما لا يحتويه بل ما لا ينتويه أساسا , وتنص على أشياء لم يتناولها الدستور إطلاقا مثل حقوق النوبة وتوفير فرص عمل للشاب , كما جاء فى المادة الإعلامية بأن الدستور يأخذ على عاتقه تحقيق الوحدة العربية وهو أمر مستغرب الى حد ما بل مستبعد عن مجال دستورى لدولة- وهذا على حد علمى البسيط - وإنتهت المادة الإعلامية بإعلان موافقة الشعب - مرة أخرى - بإجماعه فى الداخل والخارج على مواد هذا الدستور الرائع الذى لم يسبق له مثيل
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
وقتها تساءلت وتعجت جدا مما سمعت ولكنه قد يفسر من أين تأتى قناعة بعض الشعب البسيط فى ريف مصر والعامل البسيط فى المصنع بهذا الدستور المعيب برغم أنه لم يقرأه وإن كان قد قرأه فلن يفهم منه شيئا ليس لعيبا فى العامل ولكن لأن الصياغة القانونية تستحيل على بعض المثقفين فما بالنا بالبسطاء
ولذلك فقد أتت هذه القناعة من الإستغفال الذى ينتهجه الراديو بهذه المادة الإعلانية للقلائل المهمشين الذين يسمعونها وهم من يعتمدون عليهم فى التصويت بنعم للدستور بحسن نية وبرغبة أكيدة وثقة فى التغيير الذى لم ولن يتناوله ولا ينتويه الدستور
وقتها أيضا تذكرت أو فهمت مقولة الفنان محمد صبحى فى مسرحية تخاريف أعطينى ميكروفونا أضمن لك ولاء الشعب !!!!!!!!!!!!!!
ومن هنا عتبت على رجال الإستثمار الذين تركو هذه الوسيلة للتعبير و للحفاظ على عقول الشعب المصرى من السيطرة أو من الوقوع فى يد جهة واحدة لا تتسم بالحياد , فكان لزاما أن يتواجد وجهة نظر مختلفة ليكون المستمع أو الجمهور على درجة واعية من الحكم وإتخاذ القرار و لا يترك هكذا لبيان يقرر أن الشعب بالاجماع ويبارك ويقول نعم وهى غير الحقيقة
هل يا ترى هناك مجال لكى يتم اللحاق بهذا الشعب الذى غيب وقد ساعدنا للأسف فى تغييبه بإهمالنا وتركيزنا على البرامج المرئية فقط عبر التليفزيون
ربما تكون ما زالت الفرصة سانحة فنوجه بعض الإعلانات التى تتكفل بها المراكز المختصة والمهتمة مثل - دمفد مثلا - الى الإذاعة فى محاولة لإنقاذ بعض الشعب المغيب , فى محاولة لإفاقته وإعادة وعييه
ألا هل بلغت اللهم فإشهد
0 comments:
إرسال تعليق