بقلوب حزينة ننعي شهداء ومصابي المصريين في تظاهرات يوم الثلاثاء 5 ديسمبر 2012 ، الذين قدموا أنفسهم ضحايا الديكتاتورية الغاشمة والأستبداد الأعمى . دماءكم وإصاباتكم التي نجمت نتيجة تعذيبات سجلتها الكاميرات لن تضيع . لأن للحرية الحمراء باب بكل يد مُدَرَجَةٌ بالدم يدق .
نسأل الله عز وجل أن يحتسب من قتلوا شهداء عند ربهم ، وأن يلهم أهلهم ووطنهم الصبر والسلوان . والشفاء العاجل والأفراج عن كل من تم الأعتداء عليهم من أبناء وبنات مصر .
كما أننا نتقدم بالعزاء لأسرة المرحوم الأستاذ الموسيقار العظيم عمار الشريعي الذي فارق الحياة عن عمر يناهز 64 عاما ، ونطلب له الرحمة ولأسرته ومصر والفن في مصر الصبر والسلوان .
دعونا نعود بالذاكرة ألى الماضي القريب بعد أن ترك الرئيس المتخلي عن الحكم محمد حسني مبارك للمجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة ، ونستعرض ما تجود به الذاكرة من أحداث حدثت في العام 2011 إلى تولي الرئيس محمد مرسي سدة الحكم في 30 يونيو 2012 ، بعدها نكمل ما حدث منذ تولي سيادته الرئاسة حتى يومنا هذا .
توالت الأحداث سريعة بعد ترك الرئيس مبارك الحكم وتولي المجلس العسكري الأعلى للقوات المسلحة حتى بتنا وأصبحنا غير قادرين لا على متابعة الأحداث ولا حتى تحليل ما نراه من واقع مرير جعل الكثير منا في " حيص بيص " أي لا يستطيع التكهن بما قد تسفر عنه الأحداث .
تراخى المجلس العسكري في إدارة شؤون البلاد في أصعب فترة تمر على مصر والشعب المصري نتعرض على البعض منها فيما يلي .
يشعل السلفيون النار الطائفية في البلاد من حرق كنائس وطرد مواطنين وإضراب عام أستمر لأكثر من إسبوعين في مدينة قنا في صعيد مصر إحتجاجا على تعين مسيحي قبطي محافظا لقنا . ولم يعاقب أي من المتسببين في تعطيل عجلة الحياة ليس فقط في قنا ، بل في كل محافظات الصعيد حتى أسوان .
يسمح المجلس العسكري الموقر بعودة أعداد غفيرة تعد بالألاف من المبعدين من السلفيين الذين بدأو في فرض أفكارهم على المجتمع المصري دون ما إعتراض أو توجيه من المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
كلما يريد المجلس الأعلى للقوات المسلحة تنفيذ شيء يواجه بإحتجاجات وخروج جماعات الأخوان والسلفيين معترضين . فيرضخ المجلس ويقوم بتنفيذ متطلباتهم .
نصل إلى إنتخابات مجلس الشعب " البرلمان "وما حدث من تجاوزات كانت متوقعة والتي دفعت بالإخوان لأن تكون لهم الأغلبية ، يليهم السلفيون ثم الأحزاب الأسلامية الأخرى بحيث تكون مجموع التصويت بالأغلبية للتيار الأسلامي مقابل التيارات الأخرى المدنية .
منذ اللحظات الأولى للمجلس ظهرت نواياهم واضحة وضوح الشمس بأنهم لا يريدون شريك معهم لا المرأة ولا المسيحي القبطي وبالطبع لا للأحزاب الأخرى سواء ليبرالية أو شيوعية أو غير ذلك .
بدأ التصادم بين التيار الأسلامي والقضاء وأيضا المجلس الأعلى للقوات المسلحة بما لا يدع مجالا للشك بأنهم " التيارات الأسلامية " يريدو إقصاء جميع الفئات الأخرى جانبا فيصير لهم التحكم الكامل في إصدار القوانين ، مما أدى إلى تخاذل الشعب في التوجه إلى صناديق الأنتخابات الخاصة بمجلس الشورى . وهذا خطأ كبير وقعت فيه جميع فئات الشعب التي رفضت الأبداء برأيها فجاءت النتيجة على الرغم من أن عدد الناخبين لم يتعدَ أقل من % 7 من مجموع عدد من لهم حق الأنتخاب . وهنا التحذير واجب من عدم الأشتراك في أية إنتخابات قادمة . لأن عدم المشاركة يعطي الطرف الأخر فرصة الفوز .
جاءت إنتخابات الرئاسة وشاهد العالم مهازل ما بعدها مهازل في كل من رشح نفسه لكرسي الرئاسة إلى أن إنتهى الأمر بترشيح الدكتور محمد مرسي بدلا من الدكتور خيرت الشاطر عن ألأخوان وتم فوز الدكتور مرسي في الإعادة على الرغم من كل الشبهات والإستفسارات التي أوصلته إلى كرسي الرئاسة . وقد ظهر ذلك جليا
في تأخير إظهار النتيجة والأرتباك من رئيس المحكمة والقضاة الذي لا تفسير له سوى وجود ضغوطات مورست عليهم سواء من المجلس العسكري أو من جهات خارجية غربية أو إسلامية .
كذلك عند أداء اليمين رأينا الرئيس له 3 خطابات ، خطاب في ميدان التحرير ليدشن الميدان للأخوان والتيارات الأسلامية بالتأكيد على أنه لا يخاف منهم لأنهم أهله وعشيرته . وأكد ذلك بفتحه " الجاكت " وقوله أنه لا يرتدي " جاكت واقي من الرصاص " . وأداء اليمين أمام القضاة كان يتسم بأداء روتيني يريد به فقط إرضاء المحكمة الدستورية وفي داخله القضاء على المحكمة والقضاة . أما أداء اليمين في جامعة القاهرة . ظهر واضحا محاولة إثبات قوة المحكمة بإصرار رئيس المحكمة على إلقاء خطاب يسبق خطاب الرئيس .
بدأ التخبط وعدم الشفافية في تسير الأمور ولا ترابط بين ما يقول الرئيس وبين مايفعل . تغيرت وزارة الجنزوري وأتى بوزارة الدكتور هاشم قنديل . الشارع المصري تغير تغيرا غير متوقع . يتدخل الأخوان والسلفيون في كل صغيرة وكبيرة والمشايخ الأفاضل أصبح لا سقف ولا حدود لما يقولونه في خطاباتهم المتعالية والمتشددة . أهين الناس والفن إهانات لو صدرت من أي إنسان مهما كان مركزه في بلاد الكفار لتم القبض عليه وقدم إلى المحاكمة بتهمات التشهير والسب والإيذاء اللفظي ، لأن العنف اللفظي لا يقل عن العنف البدني . لكن ماذا يفعل المواطن أو المواطنة أمام طغيان جماعة ظنت نفسها أن مصر عزبة ورثوها وبإمكانهم فعل كل مايحلو لهم من تكفير أو رفع قضايا تشهيرية ضد الفنانين كما حدث مع الفنانة إلهام شاهين . وكما سمعت من الزعيم عادل إمام في أحد اللقاءات التلفزيونية عندما سألته مقدمة البرنامج إن كان قد إلتقى بالرئيس مرسي . فكانت إجابته بالإيجاب وناقش معه الكثير من الموضوعات منها موضوع الفنانة إلهام شاهين ، فأكد له الرئيس أنه تدخل شخصيا في الأمر وطلب من الجالس إلى جواره أن يتابع الموضوع الذي إكتشف الزعيم أن لا شيء قد تم بخصوص هذا الموضوع .
تمر الأحداث سريعة وتتسع رقعة "أخونة " المؤسسات الحكومية وفرض النمط الإسلامي في من لحية وخلافة إن كان في الشرطة أو غير ذلك ، مع بدء جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في التحرش بالناس وما حدث للشاب في السويس له دليل لا يقبل الشك أن الحكومة والرئيس قد تركا كل من هب ودب يهين ويقتل ويرتكب الفحشاء في الطريق العام وينكر وهو عضو في المجلس المنحل .وأصبحنا أمام خيار واحد وهو على التنظيمات الليبرالية والأشتراكية وكل تنظيم حر أبي مخلص لمصر أن يتكتل الجميع ويهبوا في وجه الرئيس الذي أعلن الأعلان الدستوري الجديد والذي لم ترضى عنه التجمعات الثورية والليبرالية ومعهم القضاة وأيضا ما طلبه الرئيس من الأنتهاء من مسودة الدستور ليحدد موعد الأستفتاء عليه والذي حدده بالفعل بعد أن تم " سلق " الدستور بيوم السبت 15 ديسمبر 2012 .
ذلك الأعلان الدستوري الجديد مع " سلق " الدستور الذي لم توافق عليه طوائف الشعب الحر ومشاركة جميع الكنائس المصرية بالأنسحاب قد فجر الغضب المكبوت داخل صدور الأحرار من المصريين فتوحدت جميع قوى الشعب المصري وخرجت الى الشارع معلنة غضبها ورفضها للأعلان الدستوري الجديد وضرورة مد فترة الأستفتاء لمدة شهرين حتى تتم مناقشة المواد التي لا تخدم الشعب المصري .
تجمع الأحرار في ميدان التحرير . وتجمعت القوى الأسلامية أمام قصر الأتحادية وهنا التاريخ سيسجل على الرئيس مرسي خطأً فادحاً إرتكبه بحق مصر والشعب المصري مفضلاً الفصيل الأسلامي على بقية الفصائل المصرية ، فنقض بذلك قسمه على أنه رئيس لكل المصريين ويكون بهذا الخطاب قد حنث بالقسم فلم يعد أهلاً للأستمرار في رئاسة مصر .
مما زاد الأمر تعقيدا أن الأخوان بدأوا التحرش بالتجمعات الثورية وقتل في ما يقرب من ثماني متظاهر وإصابة أعداد كثيرة بعضها خطير ولم يتم القبض على الفعلة . وقد خرج فضيلة المرشد بخطاب بعد عودته من زيارة سريعة لدولة قطر ويعرف الجميع ماذا يريد حاكم قطر من مصر والشعب المصري ، أعود إلى كلمة المرشد الذي أكد في جزء منه أن القتلى الشهداء جميعهم من الأخوان المسلمين . وهنا لي وقفة أوجه حديثي إلى فضيلته بالقول رجاء عرض صور وأسماء الشهداء أمام الشعب المصري ليتعرف الجميع من الذين شاركوا في التظاهرات من الطرفين للتأكد الفعلي على أنهم من جماعة الأخوان أو غير ذلك . الناس شبعت من الكلام الغير موثق بحقائق واضحة لا تقبل الشك . وفي هذا ليس ما يدين فضيلته . بل على العكس لأن أحد الفلاسفة قال مقولة مشهورة " أنا أشك إذن أنا موجود " . وهذا ينطبق على ما نطالب به حتى لا يكون شك .
اليوم الأحد 9 ديسمبر 2012 حسب التوقيت المحلي لمدينة سيدني والذي يطابق مساء يوم السبت 8 ديسمبر 2012 إستمعنا للدكتور محمد سليم العوا وهو يعلن ما تم في ذلك اللقاء الذي تم مع بعض الشخصيات الذين تجاوبوا مع طلب الرئيس مرسي للتشاور فيما يمكن فعله من أجل المصلحة العامة لجميع الشعب المصري . وأعلن الدكتور العوا الغاء الأعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس بتاريخ 21 ديسمبر 2012 وأصدر إعلانا دستوريا جديدا مع إستمرار العمل بموعد الأستفتاء على الدستور " المسلوق " كما هو في 15 ديسمبر 2012 والذي تغير فقط تصويت المصريون بالخارج إلى يوم الأربعاء 12 ديسمبر 2012 .
وإلى لقاء لمعرفة ردود الفعل لما إنتهى إليه ذلك الحوار الذي خرج منه ما تفضل وأعلنه فخامة رئيس الجمهورية الدكتور محمد مرسي العياط .
تصريح من الرئيس الأميركي باراك أوباما في الحقيقة أغاظني ..
** باراك أوباما يرحب بالحوار مع المعارضة دون شروط مسبقة من الطرفين .
فخامة الرئيس باراك أوباما .. من أنت بالنسبة لمصر ؟ ومن أنت لتدلي برأيك وتفرضه على المصريين ؟ وهل فعلا وعملا أنت الرئيس المنتخب لمصر وليس الدكتور مرسي ؟
نتمنى عليكم سيادة الرئيس أوباما ومعكم الرئيس محمد مرسي الرحيل عن حكم مصر . لأن مصر لن يحكمها إلا مصري مؤمن بوطنه ، فاعلا متفاعلا مع شعبه ليكون قولا وعملا رئيسا لكل المصريين وليس لفصيل على حساب بقية الفصائل الوطنية المصرية .
كلمة أخيرة لسيادتكم فخامة الرئيس براك أوباما .. لقد أخطأتم برهانكم على الأخوان والتيارات الأسلامية . لأنكم راهنتم على الحصان الخاسر فخامتكم .
ويبقى عنوان المقال نتوجه به إلى الأخوان :
والأن ... إلى أين يا إخوان ؟؟!!...
0 comments:
إرسال تعليق