عندما كتبت مقالتي السابقة "درس في الديماغوغية" توقعت أن تلقى غضبًا، لا سيّما في أوساط وأتباع حزب التجمع الوطني الديمقراطي. فنحن قوم لا نقبل التعرض لمواقفنا بنقد خاصة ان كان لاذعًا ولا نستسيغ المحاججة حتى وإن انطوت على مقولات ما زالت تنتظر إجابات وتوضيحًا.
نقاشي مع مقولات حزب "التجمع" كان وسيبقى نقاشَ من يرى بهذا الحزب قوّةً وعنوانًا سياسيًا له مكانته بين أوساط حيوية في مجتمعنا العربي في إسرائيل ولأنّه حزب صاحب مشروع وطني سياسي، كما كتبت مؤخرًا النائبة حنين زعبي، لنا حق على قياداته أن يتحمّلوا النقاش وأن لا يلجأ بعضهم إلى لغة لم ينجح أعداؤنا بها فكيف سينجح بها معنا ذوو القربى؟ فلجوء مغترب أمريكي من أصل فلسطيني للتقريع والتشهير والتهجّم الشخصي لن يعفي من في حقّه كتبت ما كتبت وسأكتب، كما ولن يرغمني نائب مستجدّ على ساحة النضال "البرلماني الصهيوني" بأن أجيبه بلغة تستفز حتى الإمام الذي حضّنا على الحلم فهو كالنار التي تزيد الندّ طيبًا، خاصةً وأن في الجليل تطيّرُ النسائمُ ما يخبئه السرو وتعرف الأهالي ما يحاول الناطور إخفاءه.
لا أعرف كم من القرّاء تابعوا مسلسل "الخربة" الذي شاهدته في حينه وأشاهده معادًا هذه الأيام. من المفارقات الطريفة أن حلقة ليلة الثلاثاء تطرّقت إلى موضوعة الديماغوغية ومعناها. كان الحوار بين أعضاء الحزب القومي الثلاثة في تلك الخربة مبعثًا للتفكر، فمن خلاله يستعرض كاتب السيناريو، بلغة ثاقبة بسيطة شعبية ساخرة، عبثية ما آلت إليه أوضاع الحزب الحاكم واهتراء ما كان مرّة أيديولوجيا قوميّة بعثيّة جذابة برّاقة ثورية. يجيب الرفيق، قائد الخلية القومية، رفاقه قائلًا: ديماغوغية يعني تضليل! كلمة تختصر كل المعاني التي شرحتها قواميس السياسة واللغة، فالديماغوغي هو من يسعى لاستمالة الناس إلى حزبه وصفّه بدعوات كاذبة أو مموّهة أو متملّقة وحقائق مهجّنة ومشوّهة. وهي، من ناحية أخرى، وسيلة عمل انتهجها السياسيون سابقًا والأحزاب كذلك من أجل انتزاع سلطان أو زيادة وزن وحجم. إلى حدّ بعيد لا تعتبر شتيمةً ولكن من يوصف بها عليه الحجة بدحضها أو تفنيدها أو تسويغها بما قد يخدم ما يصطلح عليه بالمصلحة العامة وسلامة الجمهور وأمنه.
قبل أسبوع كتبت النائبة حنين زعبي مقالًا بعنوان "من هنا ننطلق: بناء استراتيجية نضال بدل حصار التمايزات". ما كتبته النائبة حنين، على الرغم ممّا شابه من خلط مواضيع هامة واشتباكها والقفز من مسألة إلى أخرى بربط سطحي وضعيف، إلّا أنّه يستوجب النقاش.
في صالح النائبة يسجّل أنّها الوحيدة، تقريبًا، التي تحاول من حين لآخر أن تكتب في النظرية ومقادير حزبها الذي يسعى ليقنع الجماهير بصحة رؤاه ومواقفه. غياب ردّات الفعل ومناقشة ما كتب يدلّ على ضعف قيادات أحزاب وحركات، وانتهازية بعض "المثقفين". فالنائبة حنين تتهم بما تتهم فيه الحزب الشيوعي والجبهة، وسكوتهم ليس علامة نضج وفيض مسؤولية. سكوت الحركة الإسلامية عن اتهامها كحركة لا تملك برنامجًا سياسيًا لا يبرر بسلوك المسؤول الراشد الرزين.
لست ناطقًا باسم تلك الأحزاب والحركات ولا أكتب باسمها. لن أتردّد بنقاش ما يستدعي عندها من نقاش ومساءلة، ولكن جاءت البداية، بعد الانتخابات مباشرة، من عند النائبة فجاء النقاش. هل عاد التجمع مجدّدًا لاتهام القيادة الفلسطينية "باتخاذها قرارًا سياسيًا بعدم تفعيل اراداتها السياسية ومخزن الغضب الشعبي الذي يستطيع أن يملي شروطه على إسرائيل ..." هل حقًا تتهم النائبة حنين القيادة الفلسطينية بالتساوق مع أمريكا والوسطية الإسرائيلية بإبقاء الأوضاع القائمة على ما هي عليه؟ هل لنا أن نفهم أن النائبة تتّهم، مرّة أخرى، قيادة فلسطين بالتآمر على مصالح شعبها ومستقبل الوطن؟ لقد تخطّى التجمع هذه المرحلة عندما قام قادته قبل عام ونصف بزيارة الرئيس محمود عباس وأعلنوا أنّ التجمع لم يتهم محمود عباس بالتفريط وأن هذا تجنٍّ لا يقبله التجمع! فهل تغيّرت مواقف وتبدّلت أحوال؟
"للتجمع مشروع وطني واضح غير خاضع للتمايزات التي لا معنى لها عندما يتعلق الأمر بحقوقنا كشعب فلسطيني على جانبي الخط الأخضر" قالت النائبة حنين قليلًا وأبقت كثيره غامضًا. فإلى أين سيفضي هذا المشروع وحدوده جانبي الخط الاخضر؟ هل ما زال حل الدولتين قائمًا في حساباتكم الحقيقية أو أنّه يساق كشعار يساير الواقع وآخرين؟
وتقول النائبة أيضًا "نحن كفلسطينيين نحمل مشروعًا وطنيًا نجيب به على المشروع الصهيوني كأصحاب وطن". ما المعنى وما الترجمة العملية لهذا الموقف والشعار؟ إسرائيل الدولة إلى أين وكيف؟
والأخطر هو ما تنهي به النائبة مقالها واعدةً: "التجمع سيبدأ جديًا بدراسة آليات مثل العصيان المدني وتطوير حركة مقاطعة للبرلمان حتى ونحن داخله..." هل يعرف القرّاء، وخاصة الشباب منهم، ما يعني العصيان المدني؟ وهل حقًا يستطيع حزب حصل على ثلاثة مقاعد في برلمان صهيون أن يجرَّ أقلية تعدادها مليون ونصف إلى عصيان مدني بمثل هذا التنظير والاستعداد والمغامرة؟ وكيف نبلع هذه الجرعة وفي الأجواء ما زالت تتداعى نبرات حناجر نوّابنا العرب تردّد التزامهم وولاءهم للدولة وبرلمانها وأكثر؟
ما كتبته النائبة حنين جدير بالنقاش الوطني المسؤول من جميع القادرين ومن قادة التجمع في الطليعة، فهو يفصح عن مكنونات حزب طامح للصدارة، قد يصير نيزكًا ودعاءً في سماء الشرق التي ما زالت تبحث عن شمسها وعن صاحب. فليس للدهر بصاحب من لم ينظر في العواقب.
نقاشي مع مقولات حزب "التجمع" كان وسيبقى نقاشَ من يرى بهذا الحزب قوّةً وعنوانًا سياسيًا له مكانته بين أوساط حيوية في مجتمعنا العربي في إسرائيل ولأنّه حزب صاحب مشروع وطني سياسي، كما كتبت مؤخرًا النائبة حنين زعبي، لنا حق على قياداته أن يتحمّلوا النقاش وأن لا يلجأ بعضهم إلى لغة لم ينجح أعداؤنا بها فكيف سينجح بها معنا ذوو القربى؟ فلجوء مغترب أمريكي من أصل فلسطيني للتقريع والتشهير والتهجّم الشخصي لن يعفي من في حقّه كتبت ما كتبت وسأكتب، كما ولن يرغمني نائب مستجدّ على ساحة النضال "البرلماني الصهيوني" بأن أجيبه بلغة تستفز حتى الإمام الذي حضّنا على الحلم فهو كالنار التي تزيد الندّ طيبًا، خاصةً وأن في الجليل تطيّرُ النسائمُ ما يخبئه السرو وتعرف الأهالي ما يحاول الناطور إخفاءه.
لا أعرف كم من القرّاء تابعوا مسلسل "الخربة" الذي شاهدته في حينه وأشاهده معادًا هذه الأيام. من المفارقات الطريفة أن حلقة ليلة الثلاثاء تطرّقت إلى موضوعة الديماغوغية ومعناها. كان الحوار بين أعضاء الحزب القومي الثلاثة في تلك الخربة مبعثًا للتفكر، فمن خلاله يستعرض كاتب السيناريو، بلغة ثاقبة بسيطة شعبية ساخرة، عبثية ما آلت إليه أوضاع الحزب الحاكم واهتراء ما كان مرّة أيديولوجيا قوميّة بعثيّة جذابة برّاقة ثورية. يجيب الرفيق، قائد الخلية القومية، رفاقه قائلًا: ديماغوغية يعني تضليل! كلمة تختصر كل المعاني التي شرحتها قواميس السياسة واللغة، فالديماغوغي هو من يسعى لاستمالة الناس إلى حزبه وصفّه بدعوات كاذبة أو مموّهة أو متملّقة وحقائق مهجّنة ومشوّهة. وهي، من ناحية أخرى، وسيلة عمل انتهجها السياسيون سابقًا والأحزاب كذلك من أجل انتزاع سلطان أو زيادة وزن وحجم. إلى حدّ بعيد لا تعتبر شتيمةً ولكن من يوصف بها عليه الحجة بدحضها أو تفنيدها أو تسويغها بما قد يخدم ما يصطلح عليه بالمصلحة العامة وسلامة الجمهور وأمنه.
قبل أسبوع كتبت النائبة حنين زعبي مقالًا بعنوان "من هنا ننطلق: بناء استراتيجية نضال بدل حصار التمايزات". ما كتبته النائبة حنين، على الرغم ممّا شابه من خلط مواضيع هامة واشتباكها والقفز من مسألة إلى أخرى بربط سطحي وضعيف، إلّا أنّه يستوجب النقاش.
في صالح النائبة يسجّل أنّها الوحيدة، تقريبًا، التي تحاول من حين لآخر أن تكتب في النظرية ومقادير حزبها الذي يسعى ليقنع الجماهير بصحة رؤاه ومواقفه. غياب ردّات الفعل ومناقشة ما كتب يدلّ على ضعف قيادات أحزاب وحركات، وانتهازية بعض "المثقفين". فالنائبة حنين تتهم بما تتهم فيه الحزب الشيوعي والجبهة، وسكوتهم ليس علامة نضج وفيض مسؤولية. سكوت الحركة الإسلامية عن اتهامها كحركة لا تملك برنامجًا سياسيًا لا يبرر بسلوك المسؤول الراشد الرزين.
لست ناطقًا باسم تلك الأحزاب والحركات ولا أكتب باسمها. لن أتردّد بنقاش ما يستدعي عندها من نقاش ومساءلة، ولكن جاءت البداية، بعد الانتخابات مباشرة، من عند النائبة فجاء النقاش. هل عاد التجمع مجدّدًا لاتهام القيادة الفلسطينية "باتخاذها قرارًا سياسيًا بعدم تفعيل اراداتها السياسية ومخزن الغضب الشعبي الذي يستطيع أن يملي شروطه على إسرائيل ..." هل حقًا تتهم النائبة حنين القيادة الفلسطينية بالتساوق مع أمريكا والوسطية الإسرائيلية بإبقاء الأوضاع القائمة على ما هي عليه؟ هل لنا أن نفهم أن النائبة تتّهم، مرّة أخرى، قيادة فلسطين بالتآمر على مصالح شعبها ومستقبل الوطن؟ لقد تخطّى التجمع هذه المرحلة عندما قام قادته قبل عام ونصف بزيارة الرئيس محمود عباس وأعلنوا أنّ التجمع لم يتهم محمود عباس بالتفريط وأن هذا تجنٍّ لا يقبله التجمع! فهل تغيّرت مواقف وتبدّلت أحوال؟
"للتجمع مشروع وطني واضح غير خاضع للتمايزات التي لا معنى لها عندما يتعلق الأمر بحقوقنا كشعب فلسطيني على جانبي الخط الأخضر" قالت النائبة حنين قليلًا وأبقت كثيره غامضًا. فإلى أين سيفضي هذا المشروع وحدوده جانبي الخط الاخضر؟ هل ما زال حل الدولتين قائمًا في حساباتكم الحقيقية أو أنّه يساق كشعار يساير الواقع وآخرين؟
وتقول النائبة أيضًا "نحن كفلسطينيين نحمل مشروعًا وطنيًا نجيب به على المشروع الصهيوني كأصحاب وطن". ما المعنى وما الترجمة العملية لهذا الموقف والشعار؟ إسرائيل الدولة إلى أين وكيف؟
والأخطر هو ما تنهي به النائبة مقالها واعدةً: "التجمع سيبدأ جديًا بدراسة آليات مثل العصيان المدني وتطوير حركة مقاطعة للبرلمان حتى ونحن داخله..." هل يعرف القرّاء، وخاصة الشباب منهم، ما يعني العصيان المدني؟ وهل حقًا يستطيع حزب حصل على ثلاثة مقاعد في برلمان صهيون أن يجرَّ أقلية تعدادها مليون ونصف إلى عصيان مدني بمثل هذا التنظير والاستعداد والمغامرة؟ وكيف نبلع هذه الجرعة وفي الأجواء ما زالت تتداعى نبرات حناجر نوّابنا العرب تردّد التزامهم وولاءهم للدولة وبرلمانها وأكثر؟
ما كتبته النائبة حنين جدير بالنقاش الوطني المسؤول من جميع القادرين ومن قادة التجمع في الطليعة، فهو يفصح عن مكنونات حزب طامح للصدارة، قد يصير نيزكًا ودعاءً في سماء الشرق التي ما زالت تبحث عن شمسها وعن صاحب. فليس للدهر بصاحب من لم ينظر في العواقب.
0 comments:
إرسال تعليق