للمجتمعات ثوابت تنطلق منها في مشوارها نحو التطور والتقدم. وهذه الثوابت كمراسى السفن الضخمة التي تحميها ضد الأنواء الهوجاء, وهجمات البحر العجّاج. أو كالمنارات العالية تهديها إلى الملاذ الآمن.
وهى كجذور الأشجار الضخمة, تضرب في أعماق الأرض لتبقى عليها قائمة معتزة شامخة, وتزداد تعمقاً في باطن الأرض, كلما ازداد عصف الريح وهدير العواصف. إنها الأساس الراسخ تنتصب فوقه العمائر, وشاهق البنيان.
وهذه الثوابت موروثات, فالمجتمعات لا تصنعها, أو تصطنعها. ولكن مهمتها الأساسية أن تكتشفها, ونتعرف عليها, أو تعيد اكتشافها, أو تعيد فهمها مجدداً, مع التحولات التي قد تواجهها, ومعطيات اللحظة السائدة, أو عند المنعطفات التي تنعطف إليها. وهى بمثابة حقائق ومسلمات تستقر عادة في ضمير الأمة, في وجدانها, في أعماقها. فهذا هو المكان الأثير عندها. وواجب الأمة, عندما تواجه أزمة ما, خاصة إذا كانت مصيرية, أو عندما تتهيأ للقيام بانطلاقة كبرى, أن تتجه إلى ضميرها, إلى وجدانها, تستدعى ثوابتها, تستلهمها, وتستمد منها الطاقة للوثبة الكبرى.
ومجتمعنا لدية ثوابته, التي تستمد قوتها من التاريخ والجغرافيا, يعرف الخارجي جوهرها ويعترف بها, وقد شبينا على الإيمان بها, والاعتزاز بمكانتها. ورغم ما يحفل به عالم اليوم من طفرات التغيير وحدة التحولات, فقد ظلت ثوابتنا ثابتة في مجملها, تقدم نفسها سندا لاستقرارنا وتلاحمنا, وتدعّم مسيرتنا, وتؤمّن سلامة جبهتنا. فمعين تراثها لا ينضب, وهو متاح لأن نغترف من المزيد, زاداً روحياً ومعنوياً وحضارياً, يهئ لنا لا السير فحسب بل والركض أيضا.
وهناك فرق بين التنكّر للثوابت, وبين التسليم بخضوعها لسنّة التغيير. على أساس أن كل شئ يتغير, أو قابل للتغيير. فالتطور سنّة قائمة تكاد لا تتبدّل, وتحكمها قوانين كونية. فرواس الجبال تتغير, والقشرة الأرضية التي تبدو ثابتة مستقرة تحت أقدامنا, تتحرك كطوف Raft"" في طبقة "السيما" تحتها, فتنشأ مرتفعات وتختفى أخرى. والطبيعة حولنا دائبة التغيير والتجدد. والعالم يتغير. والعلم يتقدم بالتغيير. فالتجديدية من أهم صفات المعرفة العلمية, باعتبار أن العلم لا توجد فيه حقائق نهائية لا تقبل النقض والتفنيد. والأفكار والثقافات تتغير. والأبنية المجتمعية, خاصة, تتغير. ومسلّمات العقل والمنطق ذاتها تتغير. ففي الفكر يثور جدل دائم, يتولد عنه نقيض للفكرة القائمة. يتشكّل منها "مركّب" جديد, لا يلبث أن يظهر له نقيض. وهكذا تتوالد الأفكار وتتطور. ويخضع التاريخ لنفس الجدلية, بحيث يظهر لكل نظام نقيضه. والمجتمعات التي يواجه حراكها الدائم موانع حازمة, من الجمود أو الركود أو التبلد, تتصدع تمهيدا للتغيير القسرى او الثورى.
ومن حقنا, بقدر ما هو واجبنا, أن نراجع ثوابتنا بين الفينة والفينة, ونخضعها للفحص الثاقب, وللتمحيص, بمقتضى منهج فكرى تتوفر فيه صفات الشمول والتأصيل والأتساق, ليتسنى لنا الفهم والتفسير والتوجيه, ونتمكن من اكتشاف علاقات جديدة, وتقييما جديد من التصوارات, ومن ترتيب الأولويات, ومن توجهات مسيرتنا الوطنية, كما تهيئنا لملاقاة المستقبل ملاقاة ناجحة. فالفكر القوى, بما يتميز به من شمولية وعمومية ومرونة, وقد لمس الأصول ووضع يده على الجوهرى, قادر على هداية اختيارات الحاضر والمستقبل.
موجه الى ادارة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم- المجلس القاري لأستراليا ونيوزيلندا
على ضوء ما حصل مؤخراً في زيارة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية لأستراليا العماد ميشال سليمان. وما نحن مقبلين عليه في ظل التمهيد للأنتخابات اللبنانية للمغتربين 2013
وهى كجذور الأشجار الضخمة, تضرب في أعماق الأرض لتبقى عليها قائمة معتزة شامخة, وتزداد تعمقاً في باطن الأرض, كلما ازداد عصف الريح وهدير العواصف. إنها الأساس الراسخ تنتصب فوقه العمائر, وشاهق البنيان.
وهذه الثوابت موروثات, فالمجتمعات لا تصنعها, أو تصطنعها. ولكن مهمتها الأساسية أن تكتشفها, ونتعرف عليها, أو تعيد اكتشافها, أو تعيد فهمها مجدداً, مع التحولات التي قد تواجهها, ومعطيات اللحظة السائدة, أو عند المنعطفات التي تنعطف إليها. وهى بمثابة حقائق ومسلمات تستقر عادة في ضمير الأمة, في وجدانها, في أعماقها. فهذا هو المكان الأثير عندها. وواجب الأمة, عندما تواجه أزمة ما, خاصة إذا كانت مصيرية, أو عندما تتهيأ للقيام بانطلاقة كبرى, أن تتجه إلى ضميرها, إلى وجدانها, تستدعى ثوابتها, تستلهمها, وتستمد منها الطاقة للوثبة الكبرى.
ومجتمعنا لدية ثوابته, التي تستمد قوتها من التاريخ والجغرافيا, يعرف الخارجي جوهرها ويعترف بها, وقد شبينا على الإيمان بها, والاعتزاز بمكانتها. ورغم ما يحفل به عالم اليوم من طفرات التغيير وحدة التحولات, فقد ظلت ثوابتنا ثابتة في مجملها, تقدم نفسها سندا لاستقرارنا وتلاحمنا, وتدعّم مسيرتنا, وتؤمّن سلامة جبهتنا. فمعين تراثها لا ينضب, وهو متاح لأن نغترف من المزيد, زاداً روحياً ومعنوياً وحضارياً, يهئ لنا لا السير فحسب بل والركض أيضا.
وهناك فرق بين التنكّر للثوابت, وبين التسليم بخضوعها لسنّة التغيير. على أساس أن كل شئ يتغير, أو قابل للتغيير. فالتطور سنّة قائمة تكاد لا تتبدّل, وتحكمها قوانين كونية. فرواس الجبال تتغير, والقشرة الأرضية التي تبدو ثابتة مستقرة تحت أقدامنا, تتحرك كطوف Raft"" في طبقة "السيما" تحتها, فتنشأ مرتفعات وتختفى أخرى. والطبيعة حولنا دائبة التغيير والتجدد. والعالم يتغير. والعلم يتقدم بالتغيير. فالتجديدية من أهم صفات المعرفة العلمية, باعتبار أن العلم لا توجد فيه حقائق نهائية لا تقبل النقض والتفنيد. والأفكار والثقافات تتغير. والأبنية المجتمعية, خاصة, تتغير. ومسلّمات العقل والمنطق ذاتها تتغير. ففي الفكر يثور جدل دائم, يتولد عنه نقيض للفكرة القائمة. يتشكّل منها "مركّب" جديد, لا يلبث أن يظهر له نقيض. وهكذا تتوالد الأفكار وتتطور. ويخضع التاريخ لنفس الجدلية, بحيث يظهر لكل نظام نقيضه. والمجتمعات التي يواجه حراكها الدائم موانع حازمة, من الجمود أو الركود أو التبلد, تتصدع تمهيدا للتغيير القسرى او الثورى.
ومن حقنا, بقدر ما هو واجبنا, أن نراجع ثوابتنا بين الفينة والفينة, ونخضعها للفحص الثاقب, وللتمحيص, بمقتضى منهج فكرى تتوفر فيه صفات الشمول والتأصيل والأتساق, ليتسنى لنا الفهم والتفسير والتوجيه, ونتمكن من اكتشاف علاقات جديدة, وتقييما جديد من التصوارات, ومن ترتيب الأولويات, ومن توجهات مسيرتنا الوطنية, كما تهيئنا لملاقاة المستقبل ملاقاة ناجحة. فالفكر القوى, بما يتميز به من شمولية وعمومية ومرونة, وقد لمس الأصول ووضع يده على الجوهرى, قادر على هداية اختيارات الحاضر والمستقبل.
موجه الى ادارة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم- المجلس القاري لأستراليا ونيوزيلندا
على ضوء ما حصل مؤخراً في زيارة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية لأستراليا العماد ميشال سليمان. وما نحن مقبلين عليه في ظل التمهيد للأنتخابات اللبنانية للمغتربين 2013
0 comments:
إرسال تعليق