....... لم يعرف التاريخ البشري شعباً في العالم تعرض ويتعرض الى الظلم والطغيان والتنكر لحقه في الحياة والوجود والحرية والاستقلال،كحال شعبنا الفلسطيني،فرغم مرور اربعة وستين عاماً على نكبة مفتوحة ومستمرة لشعبنا الفلسطيني،الذي شرد وطرد وهجر قسراً من وعن أرضه بفعل ما ارتكبته العصابات الصهيونية من جرائم بحقه بمساندة وتواطؤ من حكومة الانتداب البريطاني ودول الاستعمار الغربي،والاحتلال الصهيوني منذ تلك اللحظة وحتى الآن يحاول بكل الأشكال والأساليب والوسائل وعبر سن الكثير من القوانين والتشريعات العنصرية وبالطرق المشروعة وغير المشروعة محو وجود شعبنا وطمس كل معالم وجوده،ولكن هذا الشعب يقول لكل قادة الحركة الصهيونية بأن كبارنا صحيح سيموتون و لكن صغارنا لن ينسون،ولن تصحوا لتجدوا ان شعبنا قد ابتلعه البحر،بل سيبقى شوكة في حلوقكم ولن تسقط حقوقه لا بالتقادم او بمحاولات البعض التأمر عليه،وحقه في العودة حق مقدس لا يستطيع أي كان أن يلغيه او يشطبه او يعبث به،وهو حق فردي وجمعي وقانوني وتاريخي ضمنه القانون الدولي لشعبنا وفقا للقرار الأممي رقم 194،وسيبقى حق العودة الجوهر والمرتكز الأساسي للبرنامج الوطني الفلسطيني،وجوهر الصراع مع الاحتلال،وأية حلول او تسويات تقفز عن هذا الحق لن يكتب لها النجاح مهما كانت عظمة قوى الشر والطغيان التي تقف خلفها.
صحيح ان الاحتلال يجند كل طاقاته وامكانياته من أجل نفي وجود شعبنا وسرقة تاريخنا والعبث بجغرافيتنا ومحاولة شطب ذاكرتنا الجمعية واحتلال وعينا والسيطرة عليه،ولكن رغم كل ذلك شعبنا في كل عام وعاماً بعد عام يتزايد وعيه وتشبه وتمسكه بأرضه ووجوده،ولتصبح قضية حق العودة لشعبنا ليست هماً فلسطينيا بل بعد المتغيرات العربية وسقوط انظمة الظلم والطغيان والفساد والديكتاتورية،وجدنا ان القضية الفلسطينية عادت لتحتل وجدان كل امتنا العربية،وسارت العام الماضي مسيرات مليونية في ذكرى يوم النكبة من حدود اكثر من دولة عربية،واخترقت الحدود الى فلسطين وسقط فيها الشهداء والجرحى في تأكيد واضح على ان شعبنا لن ينسى ولن يسامح ولن يغفر،وسيستمر في المقاومة والنضال حتى يتحقق له عودة مشرفة الى ارضه ووطنه.
لن تنجح اسرائيل بكل جبروتها وطغيانها وما تتلقاه من دعم وإسناد من قوى الشر والطغيان العالمية التي أوجدتها في خاسرة الوطن العربي من أجل ان تكون أداتها الغليظة في منع بلورة واقامة أي مشروع قومي عربي وحدوي في مخططاتها لتهويد أرضنا وأسرلة شعبنا،وعليها ان تعي تماما بأن أي قيادة فلسطينية تشطب حق العودة او تتنازل عنه سيرجمها الشعب ولن يسجل في سفرها وتاريخها سوى العار والخيانة،ولن يكون هناك قيادة فلسطينية لكي تصاب بالجنون ترتكب تلك الحماقة وتنتحر سياسيا.
حكومة الاحتلال تزداد تغولاً وتوحشاً وتوسع من دائرة تحالفها الحزبي الحكومي من أجل أن تواصل تعديها وارتكاب جرائمها بحق شعبنا الفلسطيني،وهي تشرع للمستوطنين اعتداءاتهم بحق شعبنا وتقدم لهم كل الدعم والإسناد ماليا وقضائياً وتوفر لهم الحماية الأمنية والعسكرية من أجل مواصلة الاستيلاء على منازلنا وارضنا لإقامة المزيد من البؤر الاستيطانية والمستوطنات،ونحن نشهد بأن القدس المحتلة تتعرض ل"تسونامي" استيطاني يطال القدس ببلدتها القديمة وقراها وحواريها وأزقتها،من أجل تغير واقعها الديمغرافي لصالح المستوطنين،وهنا لا قيود ولا خطوط حمراء ولا قوانين،بل حكومة ومستوطنين يمارسون البلطجة والزعرنة ويجندون الاساطير والتوراة والفكر الصهيوني من أجل نفي الوجود العربي في المدينة عبر التطهير العرقي والترحيل القسري،وهناك عملية مماثلة تجري في الداخل الفلسطيني،حيث تجري عمليات تهويد المثلث والنقب على قدم وساق،وتجري مصادرة مئات الآلاف الدونمات ونزع ملكيتها من أصحابها العرب الشرعيين لصالح المستوطنين،وكذلك يجري السيطرة على أملاك اللاجئين من أراض وعقارات وخصخصتها وبيعها،وما يطال القدس يطال ايضا الضفة الغربية،حيث عمليات التطويق والعزل للمدن والقرى العربية بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية من أجل منع وخلق تواصل جغرافي فلسطيني،قد يمهد لوجود دولة فلسطينية مستقلة،فهم يريدون فقط ان يكون هناك "كانتونات" فلسطينية متناثرة غير متواصلة ومترابطة.
وغزة ليست بالبعيدة عما يجري ويرتكب بحق الضفة والقدس والداخل الفلسطيني،فهي تخضع لحصار ظالم منذ أكثر من ست سنوات،وتتواصل الاعتداءات عليها،وتمنع عنها مستلزمات الحياة الأساسية،وكل ما يرتكب ويمارس من قبل إسرائيل بحق شعبنا من انتهاكات صارخة وتعديات وجرائم،يجري تحت سمع وبصر دعاة ما يسمى بالحرية والديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان من دول الغرب الاستعماري،بل هم يشكلون الداعم الأساسي لإسرائيل في تلك التعديات والجرائم،عبر تشكيلهم حاضنة ومظلة لها في المؤسسات الدولية تحميهم وتمنع اتخاذ اية قرارات او عقوبات قد تتخذ بحقها او تفرض عليها نتيجة لخروجها السافر على القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية..
تأتي الذكرى الرابعة والستين للنكبة هذا العام،وأسرى شعبنا في سجون الاحتلال يخوضون واحدة من أهم ملاحمهم البطولية،ملحمة تسطر فيها بطولات وتضحيات غير مسبوقة،وتشكل ملهماً وحافزاً ومثالاً لكل الثوريين والأحرار في العالم،أسرى يضربون لأكثر من خمسة وسبعين يوما عن الطعام يتهددهم الموت في أي لحظة وآخرين دخلوا يومهم السابع والعشرين دفاعا عن حقوقهم ومنجزاتهم ومكتسباتهم،دفاعا عن كرامتهم.... عن قضيتهم.... عن شعبهم،وادارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها وحكومتها تضرب بعرض الحائط وتتجاهل وتتطاول على كل القوانين والاتفاقيات الدولية،والعالم يصمت على تلك الجرائم .
انا واثق من أسرى شعبنا سينتصرون على جلاديهم في معركتهم البطولية،معركة الأمعاء الخاوية،فسلاح الإضراب المفتوح عن الطعام وإرادة الأسرى وصبرهم وصمودهم وثباتهم،أثبتت دائماً أنها القادرة على إلحاق الهزيمة بإدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وتحقيق الانتصار.
مع استمرار نكبتنا وتشرد شعبنا في المنافي ومخيمات اللجوء،ستبقى شاهداً على مدى الظلم الذي لحق بشعبنا الفلسطيني،وكذلك شاهد على "تعهير" أمريكا والغرب للقيم والمبادئ والقوانين الدولية والازدواجية والانتقائية في تطبيقها،وسيبقى شعبنا صامداً ولن يفرط بحقوقه ولا بحقه في العودة الى أرضه ووطنه،وسيبقى cمفتوحاً طالما لم يتحقق لشعبنا العودة والدولة المستقلة والحرية.
0 comments:
إرسال تعليق