لا اريد ان تكون مهمة كنيستي الاولى هي الدفاع عن القومية؟!/ يوحنا بيداويد

  ارجو ان لا اكون مخطئاً ان قلت هناك فعلاً ربيع  كلداني  على غرار الربيع العربي،  ضرب مجتمعنا الكلداني وربما ينتقل الى بقية ابناء شعبنا  بمختلف تسمياتهم. واتمنى من قلبي ان يكون ربيع الخير والبركة والمحبة ويحقق امالهم.
 لكن من خلال متابعتي الى مقالات الكتاب الكلدان وغير الكلدان من ابناء شعبنا ومن خلال ردودهم وجدت هناك حلقة مفقودة في الحوار الدائر في موقع عنكاوا كوم. لهذا شعرت انا مثلي غير من مسؤوليتي ان اكتب ما في جعبتي من افكار بهذا الخصوص.
يبدو لي ايها الاخوة، هناك الكثير بينكم ( الكلدانيين والاشوريين او السريان) لا يميزوا بين دور الكنيسة كمؤسسة روحية ودورها في تمثيل المدني الذي  مارسته خلال القرون الماضية وبالاخص من بعد تشريع  نظام الملة ( ملت  بالتركية) من قبل السلطان عبد المجيد  الاول سنة 1856م .
 ان الامر الذي يجب ان يعرفه الجميع هو ان  دور اي كنيسة مسيحية بغض النظر عن لاهوتها  هو دور روحي، اخلاقي، انساني، تربوي قبل اي شيء اخر . الكنيسة الكاثوليكية كانت دوماُ  ام ومعلمة،  أًم روحياً ومعلمة تربوياً. مهمة الديانة المسيحية في جوهرها هي القضاء على الشر ومصدره في  هذا العالم.   بكلمة اخرى مهتمها هي تربية المؤمن على مباديء انسانية عميقة وقوية  بحيث تحول الانسان من ( وحشيته)  تبعيته  لغرائزه الحيوانية  الى انسان ذو ضمير وحس روحي ومشاعر انسانية عالية . 
ان هذا التحول يخلق شعور متجانس او متشابه بين البشر، الامر الذي بالتالي  يقضي على الاختلافات ومن ثم على الحروب والقتل والدمار والذي هو الشر الذي تحدثنا عنه. فالانسان المؤمن حقيقيا تراه معتدل ويحب العدالة بل يدافع عنها لحد الاستشهاد من اجلها .
 البعد الاخر المهم  في مهمة الكنيسة هو البعد الروحي ،اي بناء علاقة الفهم والثقة والايمان بين الانسان وخالقه (الله).  فالايمان يزيل عقدة الخوف من المجهول الذي تخيفه عند تعمقه بالتفكير في وجوده في هذا العالم المجهول . ومواضيع الاخرى مثل الدينونة والقيامة والخلاص والحياة الاخرى( التي ليست موضوعنا الان).
 كيف تقوم الكنيسة بمهمتها ببعدها  التربوي الانساني ؟ الجواب ( حسب قناعتي طبعا وربما اكون خاطيء)  عن طريق اسرار الكنيسة والزام المؤمنيين بتربية اولادهم على مباديء الايمان المسيحي الصحيحة بالفعل والقول . لان الكنيسة معلمة فلابد  ان تجتهد في عملها في جلب السعادة وازالة الخوف من قلب الانسان، لا بد ان ترفعه الى مرتبة الانسان الحقيقي الذي يدرك اسباب وجوده ومهمته في الحياة اي تعطيه خارطة الطريق، لهذا ترى الكثير من اللاهوتيين كانوا فلاسفة وعلماء ومبدعيين .

ارجو الا  يظن القاريء انا اقول هنا  ان  الكنيسة التزمت في كل مكان وزمان بهذه المهمة كلا . وربما حصلت تجاوزات وانحراف عن المسار الصحيح لاسباب قد نجهلها اليوم  لاننا لم نكن شهود لها في حينها  او بسبب النقص في وعي او معرفة و ادراك المسؤولين في حينها،  قرروا شيئا وكان غير صحيح ، مثلما نحن نقرر احيانا ولكن نفشل بسبب ضعف في تقديراتنا. 
ولكن في نفس الوقت انا شخصيا لا اعتبر البطريرك او الاسقف او الكاهن  وحده يمثل الكنيسة. الكنيسة عندي تشمل كل من ينقل رسالة المسيحية ويعيشها  في حياته اليومية، اي لانه الخميرة لذلك عليه التفاعل  من خلال حياته العامة في المجتمع.  والمسيحي الحقيقي يجب ان يكون خميرة في محيطه لا لاجل اقناع الاخرين ان يصبحوا مسيحيين،  بل من اجل عمل الخير ونشر المحبة و كشف الحقيقة بالفعل لهم .
اما الكنيسة بمفهومها الاداري كمؤسسة هو حقيقة  لضمان نقل الرسالة بصورة صحيحة الى العالم كما قلنا سابقا. الخميرة الموجودة لدى المؤمن المسيحي هي الاهم في عالم  اليوم، لان فعل هذه الخميرة ( تصرفات المؤمن) هي التي تقود غير المسيحي الى الانتباه الى تعاليم المسيح الى مفاهيم المسيحية وكذلك عمل اصلاح داخلي في الانسان في قضية الضمير الحي وتحقيقة العدالة ونشر الافكار الصالحة و الخيرة.
اذن الكنيسة الحقيقة هو ذلك الضمير الذي انبثق من الايمان بمباديء المسسيحية والموجودة بالفعل في عالم الواقع المعاش يوميا ويعطي النور او ينقل صورة الايمان بصورة مباشرة او غير مباشرة للمحيط الذي يعيش فيه.
 الان نرجع الى موضوع دور الكنيسة في الدفاع  عن القضية القومية للكدان. لا شك الكلدان كانوا ولازالوا مهمشين من قبل الدولة العراقية وحكومة الاقليم. ولكن اللوم لا يقع على الكنيسة لوحدها بل على قادة الكلدان انفسهم  من الاحزاب والمؤسسات و السياسيين والمفكرين والكتاب ومن ثم رجال الدين انفسهم الذين لحد الان ينجزوا الا القليل على ارض الواقع.
 لكن جواب البطريرك يبدوا لم يكن  مقنع لكثير من كتاب الكلدان، وان ردودهم كان فيها شيء من مبالغة والاستعجال ان لم اقل غير موضوعية، انا شخصيا لا حب ان تكون مهمة الكنيسة الكلدانية هي الدفاع عن القضية القومية الكلدانية قبل كل شيء. وما قاله غبطة البطريرك هو بالفعل صحيح : اي بمعنى اي كنيسة تقوقع على ذاتها تكون خسرت رسالتها.
الاخوة الكتاب الكلدان لم يفهموا نظرة البطريرك الجديد ( حسب ما اظن شخصيا لان الكلام لا يعود لغبطته) انه اب روحي للكنيسة الكلدانية الكاثوليكة و بقية المؤمنيين، لديه مسؤولية ايمانية روحية وانسانية على عاتقه اتجاه جميع العراقيين وبالاخص المسيحيين ، لهذا يجب ان يبتعد عن التركيز على فئة او قومية معينة، لان ذلك يجعله ان يميز او يفرق بين من هو كلداني وغير كلداني وبين من هو مسيحي وغير مسيحي الامر الذي يعوق رسالته. وهو غير ملزم بنظرة اي رجل دين اخر  مخالفة له مهما كانت رتبته او موقعه او نظرته للامور الانسانية والقومية.
لهذا ارى بين اسطر التوضيح البطريركي، لدى البطريرك  موقف من القضية القومية لكن ليس من المناسب التطرق اليها الان، وهي ليست ضمن الاولويات التي يريد تحقيقها الان، الاهم له هو  التنظيم الاداري في الكنيسة الللدانية و ايقاف الهجرة،مساعدة الفقراء الباقيين  والمحافظة عليهم وتشجيع للمهجرين للعودة الى بلدهم الام  في حالة تحقيق الامن والسلم والاخاء بين العراقيين.
لهذا الاعتراف بكلدانتيه والدفاع عنها في محافل الدولة امر ثانوي له، الاهم له هو ايجاد موقف موحد شامل من قبل كل طوائف المسيحية ووضعه امام الحكومة المركزية والاقليم و الدفاع عن  كل المسيحيين الذين لم يبقى منهم سوى 30-40%. اما الصراع الدائر بين  الكلدان والاشوريين والسريان على التسمية بالنسبة له صراع بين اخوة في بيت واحد، لأًم واحدة هي الكنيسة الشرقية، يمكن حله في المستقبل في حالة وجود نية صادقة من قبل الجميع او لديهم الاستعداد للتضحية ( لا نعرف حجمها لكن لا بد من وجود تضحية او خسارة لدى كل الفئات) ، لهذا الاهم عنده  تحقيق السلم في البلد، و تحقيق الاستقرار السياسي في البلد، والذي بالتالي يؤدي  توفر الامن ، فيؤدي الى توقف الهجرة للمسيحيين، ومن ثم لم يستلم مسؤوليته كأب ( بطريرك)  اعلى للكنيسة الكلدانية الا بضعة اشهر،  ولم يعقد اي سينودس لحد الان لهذا هناك امور ربما تحتاج الى القرار الجماعي من اباء الاساقفة في السينودس.
بقى شيء اخير اود ان اقوله حقيقة انا لا احب ان تكون رسالة كنيستي الكدانية الاولى هي  الدفاع القومية وعن الاحزاب والمؤسسات المدنية ، لانها سوف تتخلى عن رسالتها الاصلية التي هي التبشير بمباديء المسيحية لكل البشر من دون التميز. ولكن اتمنى ان لا تنسى كنيستي  دور القوميين في الدفاع عن الجماعة التي تعود لها  لدى الدول والشعوب والحكومة العراقية وحكومة الاقليم من اجل الحصول على مطاليب وحقوق وعدالة امام القانون وليس منح مالية في البنوك تحت سيطرتها .
 لا استطيع ان لا اذكر هنا ان الكثير من المحسوبين على القومية الكلدانية لم يكن لهم موقف في الانتخابات الاخيرة  بل لم  يحملو انفسهم جهود للحضور مراكز الانتخابات ووضع صوتهم لقائمة من قوائم الكلدان ، كما ان الصراع بين القوائم هو الذي  ادى الى خسارتهم على الاقل مقعد او مقعدين.  فلماذا يلومون الكنيسة اليوم، ليتباحثوا عن كيفية زيادة الوعي القومي عند الكلدان وكيفية  ايجاد طريق يوصلهم الى  المواقع المتنفذة في العراق  ومن ثم الدفاع عن حقوقهم كغيرهم من مكونات المجتمع العراقي حينها لا يحتاجون منابر وعظ الكاهن ان تتحدث عن امال القوميين الكلدان وطموحاتهم.

CONVERSATION

0 comments: