عادل إمام.. النوم فى العسل/ مجدى نجيب وهبة

** يبدو أن الفنان الرائع والقدير "عادل إمام" كان يتنبأ بما سيحدث فى مصر .. ففى فيلمه الكوميدى الساخر "النوم فى العسل" ، إنتشر مرض غريب ومفاجئ فى كل أرجاء العاصمة ، وفى جميع الأحياء الشعبية والراقية فى الزمالك وفى السيدة عائشة .. وفى مصر الجديدة ، وفى الشرابية ، وفى المهندسين ، وإمبابة .. وفى السيدة زينب ، وفى منطقة المدبح .. فقد إندلعت المعارك بين الأزواج والزوجات وصلت إلى حد ضرب الروسيات والذبح والإنتحار لأحد الأزواج ليلة الدخلة .. وكان سبب إنتحاره إنه "مابيعرفش" ..
** ويبدو أن الأجهزة الأمنية إهتمت بهذه الحالة .. والتى حاولت وزارة الداخلية ، التقليل من حجم الكارثة .. ففى حوار دار بين مدير الأمن ، ورئيس المباحث "عادل إمام" ، وقد أبدى مدير الأمن إعتزازه بفحولته ، والسخرية من هذه الظاهرة .. وأثناء الفيلم إنتشرت ظاهرة بيع الوهم وبعض الأعشاب وحبوب التنشيط ، وتضاعفت الطوابير من بائعى الوهم والدجالين ..
** فى النهاية .. إنتهت الظاهرة بأن الكل "مابيعرفش" .. وإنهار الرجال .. يتلقون العلق الساخنة من زوجاتهم .. ولا يملكوا حق الإعتراض .. وحتى نهاية الفيلم لم يكشف لنا السيناريو عن أسباب هذه الحالة .. وهل تم معالجتها أم ظلت كما هى ..
** لقد تذكرت هذا الفيلم ، الذى تحول بالفعل إلى حقيقة .. ولكن مع إختلاف بسيط فى توزيع الأدوار .. فإذا سألت أحد "إحنا رايحين على فين" ، يكون رده عليك وهو خجول "ماعرفش" .. قد تكون الأولى "مابيعرفش" .. وقد تكون الثانية "ماعرفش" .. وفى النهاية تؤدى إلى نفس المعنى ، بأن الرجولة فى مصر إنتهت .. وكفاية فضائح !! ..
** فى زمن السادات .. عندما زادت شيكارة الأرز خمسة قروش .. وإرتفع سعر بعض السلع الغذائية .. قامت الدنيا ولم تقعد .. وإنطلقت المظاهرات .. وتم محاصرة بعض الأقسام للتعبير عن الغضب ضد الداخلية ، وتم حرق بعض الأقسام .. ويومها كان السادات فى زيارة لأسوان .. وعندما علم بالخبر ، عاد للقاهرة فورا ، وكلف الجيش بالنزول للشارع وحفظ الأمن .. وتم القبض على العديد وإعتقل الكثيرين .. وأطلق على هذا الحدث "إنتفاضة الحرامية" ..
** ولكن فى النهاية .. إنتهت الأزمة .. وألغى السادات الزيادات الضئيلة فى الأسعار ، وإنتهى الموقف .. رغم أن الرئيس "محمد أنور السادات" ، وصف الإنتفاضة الشعبية بإنها إنتفاضة حرامية .. إلا أن الشعب عندما شعر بلهيب الأسعار خرج وثأر وأجبر الدولة على التراجع ..
** فى عهد "حسنى مبارك" .. عندما كانت تحدث أى تجاوزات سواء من بعض ضباط وزارة الداخلية ، أو من وزراء ورجال فى الدولة .. كانت الصحف والفضائيات والقنوات المصرية تتناول هذه المخالفات بالنقد اللاذع .. بل كانت فى معظم الأحوال تضخم من الحدث ، وتؤجج فى النار ، وتوجه نقدا لاذعا لرئيس الجمهورية .. ورغم ذلك كانت هناك بالفعل بعض البلاغات ضد بعض الإعلاميين والمعروفين بتجاوزاتهم .. ولكن لم نسمع عن سياسى أو إعلامى خرج بكفالة 50 ألف جنيه ، أو 15 ألف جنيه .. أو تمت إحالتهم لمحكمة الجنايات ، أو صدر طلب من النائب العام بضبط وإحضار أى مواطن إلا بعد التحقيق معه وثبوت إدانته ، وتحويله إلى النيابة العامة ، وإرسال إستدعاء له أكثر من مرة .. وإذا رفض المثول أمام النيابة العامة .. فكان يصدر قرار بضبط وإحضار المتهم للمثول أمام النيابة لإستكمال التحقيق ..
** الأن .. يبدو أن الجميع أصبحوا نائمين فى العسل .. الذى بدأ أحداث الفيلم "النوم فى العسل" فى 2011 .. بمظاهرة شبابية ، تطالب بالعيش والحرية والعدالة .. وينتهى المشهد ببعض الإحتكاكات بالشرطة وعودة معظم الشباب إلى منازلهم ..
** ولكن تمادى البعض فى المظاهرات لإستكمال الدور التخريبى الذى بدأه أوباما فى مصر ، بتدعيم بعض الشباب بالدولارات لأحداث فوضى فى الشارع المصرى ليسقط النظام وتسقط مصر وتسقط هيبة الدولة .. وإنتهى السيناريو وتحقق الحلم الأمريكى بإسقاط مصر ، وتركيعها ..
** ومع ذلك .. نام الجميع فى العسل .. ولم يعترض أحد .. وعندما سئلوا .. قالوا فى صوت واحد "إحنا مابنعرفش" .. وإختفت الأشناب ، وأطلقت بدلا منها اللحى .. وإضطر الجميع إلى اللجوء إلى الشيخة "زلابيا" ، والشيخ "شنكورة" لمحاولة إسترجاع شئ من الرجولة ..
** عندما وصل محمد مرسى العياط ، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين" لرئاسة مصر .. صمت الجميع ولم يعترض أحد .. وخرجت النساء تضرب الأزواج بالمراكب والشباشب ، وأيضا لم يعترض أحد وقالوا "مابنعرفش" ..
** عندما حرض "محمد مرسى العياط" جماعته وميليشياته المسلحة ، لقتل الشباب وإرهاب الشعب ، والتنكيل بكل المعارضين .. صمت كل رجالة مصر ، وحلقوا شنباتهم ، وأحنوا رؤوسهم ، وقالوا "مابنعرفش" .. 
** عندما إندلعت الفوضى فى البلاد وخطف بعض النساء والشباب والرجال .. وقتلوا فى الشوارع والميادين .. صمت الجميع وأحنى كل شعب مصر رؤوسهم .. ولم يتحرك أحد .. وقال الجميع "مابنعرفش" ..
** عندما أسقط "محمد مرسى" القضاء ، وأهدر هيبته ، وهدد القضاة وتوعدهم ، وحاصر المحكمة الدستورية العليا ، وأصدر الإعلان الدستورى المكبل ، صمت جميع رجال مصر وأحنوا رؤوسهم ، وحلقوا شنباتهم ، وقالوا "مابنعرفش" !!....
** هذه هى الصورة فى مصر .. وأنتم تعرفون أكثر من ذلك .. الذى يتلخص فى أن هذا الوطن تم بيعه وتدميره ، ولا يوجد أى مؤسسة أو صاحب لهذا البلد يدافع عنها .. والجميع أصبح كمن شاهدناهم فى سيناريو فيلم "النوم فى العسل" .. يكررون نفس المشاهد ونفس السيناريو ، ويضربون بالأحذية من أمريكا ، ومن الإخوان ، ومن قطر ، ولم يعد هناك كرامة لهذا الوطن .. والجميع يسير منكس الرأس .. وإذا سئلوا قالوا كالعادة "مابنعرفش" .
** هذه هى مصر .. ولكن الأن ليس النوم فى العسل .. ولكن النوم فى البرك والمستنقعات !!!.....
صوت الأقباط المصريين

CONVERSATION

0 comments: