شكراً لأمريكا/ راسم عبيدات

هناك فريق عربي- إسلامي أدمن على سياسة التفاوض من أجل التفاوض،ويصر على طلب "الدبس من قفا النمس"،ومن وقت المغدور السادات والذي قال بأن 99 % من أوراق الحل بيد أمريكا وحتى اللحظة الراهنة وأمريكا توجه صفعة تلو الصفعة لهذا الفريق وتدفعه نحو الاستجداء والتذلل والخنوع،حتى لم يعد قادراً ليس الدفاع عن نفسه ومواقفه فقط،بل أنه لم تعد هناك ورقة توت تستر عورته،وشعبيته تتآكل يوماً بعد يوم،بفضل مواقف التبعية ورهن الإرادة لأمريكا ومواقفها وسياساتها في المنطقة.

وهذه الأنظمة رغم كل الصفعات الموجهة لها،لا تريد أن تمتلك إرادتها ولو لمرة واحدة،أو أن تستعيد ثقة الجماهير بها،بل توغل في المعاداة للجماهير والتنكر للحقوق العربية،رغم أن أمريكا لم تقدم لها أية مكافأة على تلك المواقف،بل تحتقرها وتستخف بها وتزيد من عزلتها وغربتها،اللهم إلا من وعود فارغة وجوفاء ومبادرات للاستهلاك والضحك على الدقون والقول بوجود حركة سياسية وتحرك أمريكي لحل الأزمة،والغريب أنه رغم كل الوضوح في المواقف الأمريكية في معاداتها للحقوق العربية وانحيازها الأعمى لإسرائيل والذي يصل حد التطابق والتماثل في السياسات والمواقف،إلا أن دعاة "حلب الثور" ما أن يسمعوا عن خلاف تكتيكي أمريكي- إسرائيلي في الجزئيات أو التفاصيل أو في أولويات الأهداف حتى يقيموا الدنيا ولا يقعدونها ويشرعوا في شن حملة دعاية وإعلام تضخم تلك الخلافات وتتحدث عن التغيرات الجذرية في المواقف الأمريكية من قضية الصراع العربي- الإسرائيلي وفي الجوهر منه القضية الفلسطينية،ولكن تأتي المواقف الأمريكية المؤكدة على عمق العلاقة الأمريكية- الإسرائيلية،وأن التحالف الأمريكي- الإسرائيلي غير قابل للاهتزاز ,,الخ كمن "يسكب دلواً من القاذورات على وجوههم" فأمريكا جندتهم خلف مواقفها لحصار العراق ومن ثم احتلاله مقابل وعد بحل القضية الفلسطينية ومن ثم نكثت بوعدها،وجندتهم حول مواقفها بشأن ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد أو الكبير واستعداء قوى المقاومة مقابل وعد من قبل الرئيس الأمريكي الأسبق "بوش"بإقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات،ليغادر بوش ويتبخر الوعد،وليأتي من بعده "أوباما"ووعد آخر بإقامة الدولة الفلسطينية خلال أربع سنوات،وواضح جداً أن هذا الوعد في طريقه إلى التبخر،بانتظار قدوم رئيس أمريكي جديد ووعد جديد.

واليوم وفي ظل إصرار عرب الاعتدال على الرهان على أمريكا،وعدم التعلم من قول "اللي بجرب المجرب عقله مخرب" نجد أن أمريكا تسعى لتجنيد العرب مرة أخرى حول مواقفها وسياساتها من أجل توجيه ضربة عسكرية لإيران من أجل منعها من امتلاك أسلحة الدمار الشامل مقابل نفس الوعود السابقة،وإذا ما تصاعدت الأمور ما بين تركيا وإسرائيل،فعلى العرب أن يصطفوا خلف أمريكا و"إسرائيل"،حيث كما وجدت أمريكا حجج وذرائع تجند خلفها العرب لمعاداة إيران بالحديث عن إيران الفارسية والمجوسية والطامعة في الوطن العربي،فسنجد نغمة تركيا التي احتلت الوطن العربي وعملت على تتريك وتجهيل أبناءه الى غيرها من الحجج والذرائع.

وأكثر من هو مدين بالشكر لأمريكا على بقاء الشعوب العربية وبالأخص الشعب الفلسطيني معاد لها ولسياساتها في المنطقة هو الشعب الفلسطيني،فأمريكا لا تترك أي فرصة أو مناسبة إلا وتظهر عداءها للشعب الفلسطيني،وهي تنحاز للجلاد على حساب الضحية،وتظهر وتصور نضالات شعبنا على أنها أعمال إرهابية وإجرامية،وتشكل الحاضنة والداعمة لإسرائيل في كل ما ترتكبه من جرائم وأعمال وممارسات مخالفة للقانون الدولي،ودائماً تستخدم حق النقض"الفيتو" ضد أي قرار يدين إسرائيل ويجرمها بسبب سياساتها العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني،حتى الجرائم الواضحة والبينة منها تختلق لها أمريكا الحجج والذرائع والمبررات بما فيها استخدام الأسلحة المحرمة دولياً،كما حصل في العدوان على قطاع غزة في كانون أول/2008،واليوم عندما تعترض وتقتحم قوى البحرية الإسرائيلية وتقتل وتصيب عشرات المتضامنين من أسطول سفن الحرية في المياه الإقليمية الدولية والذي ضم مئات المتضامنين الجانب الذين جاؤوا من اثنين وثلاثين دولة لغرض كسر الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ حوالي أربع سنوات وتقديم مساعدات إنسانية لمليون ونصف مليون شخص حرمتهم إسرائيل من أبسط مقومات الحياة البشرية،ورغم أن الجريمة كبيرة وواضحة وبينة حتى أن الأعمى يراها إلا أمريكا طبعاً،وبالتالي رفضت وعطلت الموافقة على القرار ألأممي الداعي الى تشكيل لجنة تحقيق خارجية ومستقلة في هذه الجريمة،وتحميل إسرائيل مسؤولية ما حدث.

ألا تستحق أمريكا الشكر على هذه المواقف؟؟،والتي تظهر الموقف الأمريكي العدائي من قضيتنا الفلسطينية وحقوق شعبنا عارية بدون رتوش وخداع وتجميل،ولا تترك المجال لأي من فريق الاعتدال العربي لكي يمارس دوره في خداع وتضليل شعبنا وأمتنا العربية بشأن المواقف الأمريكية،فحتى عراب تسويق تلك السياسة العرب أصبحوا خجلين من ممارسة دورهم في تسويق تلك الأكاذيب والسياسة الخادعة والبضاعة الفاسدة والكاسدة .

والمأساة هنا أن الأمريكان رغم كل مواقفهم العدائية لشعبنا الفلسطيني وأمتنا العربية ودعمهم اللا محدود وانحيازهم الأعمى لإسرائيل،فهم يتساءلون لماذا يكرهنا الفلسطينيون والعرب ؟

ونحن بدورنا نسأل أمريكا المعهرة للقانون الدولي والساكتة عن خروج إسرائيل عليه بشكل سافر وممارسة إرهاب الدولة،لو ارتكبت دولة عربية أو فصيل فلسطيني ما ارتكبته "إسرائيل" ضد أسطول الحرية من جرائم وقرصنة،ماذا سيكون عليه الموقف الأمريكي والأوروبي الغربي؟ والجواب ببساطة هو ستقوم قيامتهما ولا يقعدان،تنديداً وتهديداً ومطالبة بالمعاقبة والدعوة لفرض عقوبات عليها،وربما تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو لاستخدام القوة ضدها،باعتبارها ارتكبت جريمة حرب بحق الإنسانية،أما وان"إسرائيل"هي التي ارتكبت المذبحة،فهذه الدول تتحول إلى مجموعة من العميان والصم،لأنها شريكة لهذا الكيان في ارتكاب جرائمه والتغطية عليها،مما يفضح كل ما تدعيه من حضارة ودفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان.

هذه الدول وعلى رأسها أمريكا ودول الغرب الاستعماري تؤكد تطويعها واستخدامها وتطبيقها للمعايير والقيم والقوانين الدولية،بما يخدم مصالحها وأهدافها وسياساتها،وبما يثبت ويؤكد سقوطها الأخلاقي المدوي مع كل جريمة حرب ترتكبها "إسرائيل"،وهي بتغطيتها على الجريمة الإسرائيلية الأخيرة،عملية القرصنة وإرهاب الدولة بحق أسطول الحرية،والانتهاك الفظ والسافر للقانون الدولي تصل إلى الدرك الأسفل من هذا السقوط المدوي.

بعد حادثة القرصنة الإسرائيلية وإرهاب الدولة الذي مارسته "إسرائيل" بحق أسطول الحرية،أعتقد أنه من الضروري جداً أن تتعلم أمريكا و"إسرائيل" جيداً أنهما ستدفعان ثمناً باهظاً لمثل هذه العربدات والزعرنات والاستهتار بالعرب والمسلمين،ويجب ان تعاقب أمريكا على مواقفها تلك والعرب يملكون ألف وسيلة ووسيلة لمعاقبتها،فلها من المصالح الشيء الكثير في الوطن العربي.

CONVERSATION

0 comments: