في الأسبوع الفائت بادرت مجموعة من نساء حي عين ابراهيم الفحماوي الى تنظيم يوم عمل تطوعي ، وقمن مع اطفالهن بازالة اكوام النفايات والاعشاب البرية من الحديقة العامة وسط الحي ، وذلك كبادرة طيبة وحميدة لنشر وتعميق قيم التطوع والانتماء ، وانطلاقاً من قناعة راسخة مفادها "ما حك جلدك غير ظفرك".
فرحم اللـه أيام العمل التطوعي حين كانت القوى السياسية والوطنية والاوساط الشعبية والقطاعات الشبابية تتبارى وتتسابق في ميدان العمل التطوعي من خلال مخيمات العمل التطوعي واعراس العمل والكدح والتضحية ، التي انطلقت شرارتها الاولى من القلعة الوطنية ـ الناصرة ، بعد انتصار جبهة الناصرة الديمقراطية برئاسة المناضل الخالد وطيب الذكر توفيق زياد سنة 1976، حيث شكلت هذه المخيمات في فصل الصيف اعراساً كفاحية ووطنية وثقافية وفنية لنشر ثقافة التطوع والفن الملتزم والابداع الاصيل ، وكانت تظاهرات سياسية ضد سياسة التمييز والقهر والاجحاف والاهمال والحرمان وشح الميزانيات.
وكانت هذه المخيمات تستقطب الشباب والفتيات على حد سواء ، وكان المتطوعون يصلون الليل بالنهار على اساس ان الشوارع والساحات والحدائق هي عامة للجميع ، وصيانتها والحفاظ عليها هو واجب اخلاقي وانساني ووطني بالدرجة الاولى.
في الماضي كان العمل التطوعي عبارة عن ايمان عقائدي وفكري ، وأحد مكونات فلسفة اليسار بكل اطيافه والوانه ، المجتمعية ، وبفضل الاعمال التطوعية التي تبغي خدمة المجتمع وتطوره وازدهاره ونهوضه، كانت شوارع وساحات وارصفة قرانا ومدننا نظيفة وانيقة وتحيط بها الازهار واشجار الزينة . بينما اليوم غدت اكوام الزبالة مظهراً عاماً في شوارعنا وحدائقنا ومتنزهاتنا العامة ، وما على المواطن الفحماوي الا القيام بزيارة متنزه "اسكندر" او تنزه "سويسة" للتأكد من صحة قولي هذا.
لقد تراجعت قيم العمل التطوعي في حياتنا الى حد الاندثار والتلاشي، وذلك نتيجة ثقافة العولمة واللهاث وراء المال والثراء ، والانغماس في الحياة الاستهلاكية ، والبحث عن المصلحة الشخصية والمنفعة الذاتية الفردية ، وبتنا نتوق الى تلك الأيام الجميلة البسيطة ،حين كان الناس يأتون زرافات وبايديهم "باكيتات السلفانا"للمشاركة في تحضير الباطون لصب سقوف الدور حديثة الانشاء ، وكذلك قطف الزيتون وجني المحاصيل من الحقول ..!
فتحية من القلب الى نساء حي عين ابراهيم ،ونشد على أيديهن ونثمن عالياً مبادرتهن التطوعية وما قمن به من عمل جبار ومشكور يعمق قيم التطوع ويؤصل لثقافة النظافة واهمية الحفاظ على البيئة . ومزيداً من المبادرات الاجتماعية والشعبية بهدف تنشيط الجهود التطوعية واعادة الاعتبار والانتشار لقيم العمل التطوعي.
0 comments:
إرسال تعليق