** عندما قسم الله الأرزاق ، لم يعجب أحد رزقه .. وعندما قسم العقول ، أعجب كل واحد بعقله .. لقد تذكرت تلك المقوله .. عندما إنتقدنى بعض تلاميذ الصحافة والإعلام .. وقالوا "إننى أهاجم الكل" .. وللرد على هذا الجزء ، قبل أن أتطرق إلى مقالى .. أن الفرق بينى وبين الأخرين .. إنه عندما أكتب مقال ، لا أبحث عمن يعطينى ثمن المقال .. فليست هى وظيفة بالنسبة لى ، ولا تدر علىّ مليم واحد ربح .. بل هو إحساس وشعور داخلى بالخوف على هذا الوطن .. وأحاول أن أنقل الحقيقة ، وأكشف السرطانات التى توغلت فى هذا الجسد .. أما الأخرين فهم عندما يكتبون ، يبحثون عن الثمن .. وهم يوالون وجوههم لمن يدفع لهم أكثر .. أرجو أن تصل هذه الرسالة القصيرة لدعاة البيزنس ، وحانوتية الكلمة ...
** كنت أتابع مثل الملايين مراسم تقديم واجب العزاء فى فقيد مصر البار "قداسة البابا شنودة الثالث" .. وقد توافد على الكاتدرائية ، الألاف من المواطنين .. الجميع تسابقوا .. فضيلة الإمام شيخ الأزهر ، د. "أحمد الطيب" .. ومعه وفد من مشيخة الأزهر ، ورئيس الوزراء ، ووزير الداخلية ، والسادة الوزراء ، ومرشد جماعة الإخوان المسلمين ، وحزب "الحرية والعدالة" ، ونواب البرلمان ، والسادة مرشحى الرئاسة ، واللواء "حمدى بدين" قائد الشرطة العسكرية ، ووفود من الإمارات ، وفلسطين ، وممثلين عن تيار المستقبل اللبنانى برئاسة "سعد الحريرى" ، حزب الأغلبية ، وممثلين عن الفاتيكان ، ودولة كردستان ، وسفراء دول السويد ، والنمسا ، والدنمارك ، وبوركينا فاسو ، وكوتفوار ، والهند ، وإريتريا ، وبولندا ، وألمانيا ، وروسيا ، وجنوب السودان ، والكويت ...
** كما جاء البابا "باولوس" بابا الكنيسة الأرثوذكسية بأثيوبيا ، وكذلك د. "كمال الهلباوى" القيادى بجماعة الإخوان المسلمين ، الذى أكد أن "البابا شنودة" كان مواطنا عظيما ، ونموذجا يحتذى به .. حضر حشد غير مسبوق ، لتقديم واجب العزاء فى "البابا شنودة الثالث" .. وقدمت القنوات المسيحية "c.t.v" ، وأغابى ، وقناة "مارمرقس" هذا الحدث الجليل الذى تناقلته كل وسائل الإعلام عبر جميع دول العالم ..
** ما شاهدناه من إقبال لم يسبق له مثيل ، يجعلنا نتساءل .. هل هذه هى مصر ؟!! ، التى نكتب عنها منذ 25 يناير ؟!!!..
** هل هذه هى مصر التى خسرت ألاف المليارات فى مرفق السياحة ، ومرفق الخدمات والبورصة ، والإقتصاد ؟!!!..
** هل هذه هى مصر التى تضع الداخلية ، الحواجز الخرسانية ، لكى تمنع عنها البلطجية من الإقتراب من مبنى الوزارة ؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى حكمت على كاهن بالسجن 6 شهور ، لمخالفته شروط البناء لكنيسة "المريناب" .. فى الوقت الذى تزرع فيه المساجد فى الطريق الزراعى بين الجيزة ، وبنى سويف .. بلا عدد ولا حصر .. ويتم تجريف الأرض الزراعية ، وليست الصحراوية لبناء زاوية أو جامع ، ولا يتم تحرير محضر واحد ، أو يفكر مسئول أى حى ليسأل لمن يكون هذا الجامع أو هذه الزاوية ؟!!! ..
** هل هذه هى مصر التى حكموا فيها على 8 أسر قبطية ، بقرية الشربات ، بالعامرية ، بتهجيرهم .. بعد حرق منازلهم ، وسلب مواشيهم ، ونهب مدخراتهم ، بزعم تصوير سيدة مسلمة على موبايل ، وتداول صورها؟!!! ..
** هل هذه هى مصر التى يرفض بعض نواب مجلس الشعب من السلفيين ، الذين يمثلون شعب مصر ، أن يقفوا دقيقة حداد ، على روح قداسة "البابا شنودة" ؟!!!...
** هل هذه هى مصر التى يقطع أبناء قنا الطريق البرى ، والسكك الحديدية ، لرفض تعيين محافظ قبطى بالمحافظة ؟!!..
** هل هذه هى مصر التى يتم فيها قطع الطرق البرية ، والسكك الحديدية ، بسبب إختفاء طفلة ، أو طفل من قرية ، أو على أثر حادث مرورى .. أو بسبب مطالب فئوية أو نقص الخدمات ، من إسطوانة البوتجاز ، إلى نقص البنزين والسولار فى المحطات ؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى تهددها أمريكا بقطع المعونة ، التى لا تتعدى مليار دولار أمريكى ؟!!..
** هل هذه هى مصر التى تتطاول عليها أصغر دولة عربية ، وهى دولة قطر ، والتى جعلت من خدها مداس للعسكرية الأمريكية ؟!! ..
** هل هذه هى مصر التى تتلاعب بها أمريكا ، وتدس بالمنظمات الحقوقية ، والمجتمعات المدنية ، وتدعمهم للعمل ضد السيادة المصرية؟!!! ...
** هل هذه هى مصر التى تفتح بعض البرامج الفضائية ، شاشاتها لإستضافة مجموعة من المتخلفين ، والمرضى نفسيا ، ليقوموا بتكفير الأقباط .. وتوجيه السباب والإهانات لعقيدتهم ؟!!! ...
** هل هذه هى مصر التى قامت ، ولم تقعد .. من أجل سيدة ، زوجة كاهن ، نشروا شائعة على إثر خلاف أسرى بينها ، وبين زوجها .. بأنها أشهرت إسلامها ، وخرجت الدقون والجلباب تصرخ وتولول ، وهم يهتفون "عاوزين كاميليا .. عاوزين كاميليا" ...
** هل هذه هى مصر التى سمحت بخروج ألاف السلفيين من مسجد الفتح برمسيس ، متوجهين إلى مبنى الكاتدرائية بالعباسية ، ووجهوا أبشع البذاءات والشتائم لقداسة البابا ، وقاموا بالبصق على صورته ، والبصق على الصليب .. ولم نرى أى أحد من هذه الحشود التى وصلت إلى الملايين ، وهم يودعون قداسة البابا ، لمواجهة هؤلاء السفلة والإرهابيين !! .. وترك الجميع هؤلاء الغوغاء يتفوهون بسفالاتهم ، ولم يعترضهم أى مسئول ، أو أى جهة أمنية ، أو محبى قداسة البابا ، بل تركوهم يهتفون بالبذاءات ، حتى إنصرفوا من تلقاء أنفسهم ؟!!..
** هل هذه هى مصر التى تركت بعض القتلة والسفاحين والإرهابيين يصدرون فتواهم ، بقتل الأقباط بالأسكندرية فى كنيسة القديسين ، بعد خروجهم من الإحتفال بليلة رأس السنة الميلادية فى بداية عام 2011 ؟!!..
** هل هذه هى مصر التى تركت الإرهابيين ، والقتلة يطاردون السياح فى الأقصر ، فى الدير البحرى ، ويزهقون أرواح 66 سائحا ، ثم ينتقلون بجرائمهم إلى منتجعات السياحة فى شرم الشيخ ، وطابا ، ونويبع ، وذهب .. ليشعلوا الحرائق والتفجيرات فى الفنادق ، وأمام التجمعات السياحية ليحصدوا أرواح المصريين ، والأجانب من السياح ، ويكبدوا مصر خسائر فادحة بالمليارات فى الإقتصاد والسياحة ؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى سمحت بهجوم الغوغاء على كنائس إمبابة ، وحرقها ، والإعتداء على الأقباط ، ونهب متاجرهم ، ومنازلهم إثر شائعة لأحد الساقطات ، وهى على علاقة زنى بشاب مسلم بعد أن هربت من زوجها ، وأولادها المسيحيين ، بأنها محتجزة بإحدى الكنائس؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى سمحت ببعض المتطرفين ، بهدم كنيسة "صول" ، وهم يكبرون "الله أكبر .. الله أكبر" ؟!! ..
** هل هذه هى مصر ، التى تهين تاريخها العريق منذ ثورة 23 يوليو 1952 ، وتسمح ببعض الساقطات المأجورين ، للتطاول على رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وجيشنا العظيم ، وهم يحاولون إسقاطه ، بعد أن نجحوا فى إسقاط الشرطة؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى تنتشر فيها جرائم البلطجة ، بإستخدام الأسلحة النارية ، والأسلحة البيضاء ، وزجاجات المولوتوف ، إثر حدوث أى مشاجرة ؟!!! ...
** هل هذه هى مصر ، التى تخسر يوميا المليارات ، فى الوقت الذى تتقدم بالعديد من الطلبات لإقراضنا ثلاثة مليارات من البنك الدولى ، بينما البنك يماطل ، ويضع شروطا قاسية ، لتسديد الدين بفوائد عالية .. فى نفس الوقت ، تعطى جميع الدول العربية ، والأوربية ظهورهم لتقديم المساعدة لها .. ومعهم كل الحق ، لأننا أصبحنا دولة فوضوية ، ليس هناك كبيرا ، وليس هناك إحترام ، وليس هناك قانون .. بل أصبحنا نجد مجموعات من البلطجية ، إنتشروا فى أرجاء مصر ، وكونوا مجموعات عصابية ، أطلقوا على أنفسهم "ثوار" ...
** أقدم أسفى لهذه الإطالة ، ولكن هناك الكثير ، والكثير .. الذى يجعلنا نتحسر على هذا الوطن ، بينما ما شاهدناه بالأمس فى تقديم واجب العزاء ، يجعلنا فى غاية الإندهاش .. فالجميع مبتسمون ، والكل يتبادلوا الأحضان والقبلات .. أعضاء حزب الحرية والعدالة يقبلون الوزراء .. وكل مرشح للرئاسة يتلو قصائد شعر فى قداسة البابا .. علما بأن أحد هؤلاء المرشحين هاجم البابا كثيرا جدا ، وطالب بتفتيش الكنائس والأديرة بحثا عن الأسلحة ، أو من أسماهم بالإخوات المسلمات المختطفات ..
** هذا بجانب فتاوى القتل والإرهاب ، التى تناساها الجميع ، وذهبوا لتقديم واجب العزاء ، فى فقيد مصر الطاهر والوطنى .. قداسة "البابا شنودة الثالث" ...
** خرجت الملايين فى وداع قداسة البابا ، وذهب الألاف فى تقديم واجب العزاء .. ونحن نتساءل ، هل هذا الحب الذى شاهدناه ، والذى تناقلته القنوات المسيحية .. حقيقة .. أم هو العزاء من أجل الحصول على مكاسب جماهيرية ، وشو إعلامى فى معركة الرئاسة القادمة .. هل العزاء من قلوب صافية بالمحبة .. أم هو مجرد ديكور ، ومحاولات الظهور أمام الإعلام لدعاية المرشحين لأنفسهم ، وتحسين صورة بعض أفكار الجماعات؟!!! ...
** أتمنى أن يكون كل ذلك نابع من حب خالص ، ونقاء ، وطهارة القلب .. وليس دموع التماسيح ، وغرام الأفاعى ...
** أتمنى أن تكون كلمات قداسة البابا .. هى النور الذى يضئ ظلمة الجهل ، والتعصب ، والإرهاب .. عندما بدأ البعض يعيد قراءتها ، وسماعها ..
** أتمنى أن يعلم الجميع أن شعب مصر عظيم .. عظيم .. عظيم بحبه ، وعظيم بوطنيته ، وعظيم بتضحياته .. ويحمل فى قلبه كل معانى الحب والأمل ..
** أما هذه الفئة الضالة ، أصحاب العقول المريضة ، والأجندات الخاصة .. اللهم إحمى مصر منهم .. وإحمى شعبها العظيم ، وأزح هذه الغمة التى جثمت على صدورنا .. وإكشف عن قناع هؤلاء الكذابون والمزيفون .. ويهوذات هذا العصر ....
صوت الأقباط المصريين
0 comments:
إرسال تعليق