ما ان انتهت عاصفة التصويت على زعامة حزب العمال يوم الاثنين 27/02/2012 بفوز ساحق لجوليا غيلارد على كيفن راد 71 الى 31 حتى برزت مشكلة ملء الشواغر الحكومية التي خلت بسبب تراجع راد الى المقاعد الخلفية واستقالة السينتور مارك اربيب والذي كان يشغل منصب وزير الرياضة والذي استقال حسبما قال لأسباب عائلية والذي امل ان تكون استقالته نهاية لفترة عدم الاستقرار التي استمرت 18 شهراً اي منذ اطاحة كيفن راد من رئاسة الحكومة في حزيران عام 2010.
بدأت القصة عندما سُربت الى الصحف مسألة تعيين بوب كار مكان السينتور اربيب ومن ثم تسميته ليتولى منصب وزير الخارجية خلفاً لكيفن راد فور تسرب الخبر واجهت رئيسة الوزراء اول تحدي لزعامتها بسبب تحفظ بعض اجنحة الحزب على هذا الاختيار بالإضافة الى رغبة وزير الدفاع ستيفن سميث بالعودة الى وزارة الخارجية التي تخلى عنها لراد عام 2010، ولم يكن سايمون كرين متحمساً لقرار رئيسة الوزراء لأن عينه كانت على منصب سميث وتولي حقيبة الدفاع .ان تكن قضية سميث وكرين قد سويت وراء الكواليس الا ان النائب عن منطقة هانتر جويل فيتزجيبن الناطق باسم الكتلة العمالية و المسؤول عن الانضباط الحزبي في البرلمان قد اصطدم مع رئيسة الوزراء وهدد بالاستقالة من منصبه لانه لم يحصل على منصب وزاري من وزارات الصفوف الامامية.
لكن رئيسة الوزراء مدعومة من اكثرية الفريق الذي دعمها في التخلص من راد خَشيت من تقويض سلطتها واعلنت يوم الجمعة عن التعديل الحكومي متجاوزة وزير دفاعها وزميله وزير المناطق الريفية وأعلنت عن تعيين بوب كار رئيس وزراء ولاية نيو سوث ويلز الأسبق في منصب وزير الخارجية مع اجراء تعديلات اخرى، كان الخاسر الاكبر فيها وزير الطوارئ والاسكان روبرت ماكليلاند الذي اخرج من الوزارة كلياً بالأضافة الى الوزير كيم كار الذي نُقل من وزارة الصناعة الى وزارة اخرى اقل شأناً وزارة الخدمات الأنسانية وكلا الوزيرين من الذين دعموا كيفن راد بينما احتفظ الوزراء الثلاثة الآخرون بمناصبهم وهم انطوني البنيزي، كريس بوين ومارتن فيرغسون.
وكان من أبرز من كوفئوا بتسلمهم مناصب وزارية هم برندن اوكونر وديفيد برادبري وهما من اكبر داعمي جوليا غيلارد.
اذاً استطاعت رئيسة الوزراء تجاوز الاسبوع السياسي الصعب والمارتوني ، لكن هل سيستطيع حزب العمال وغيلارد تجاوز الانقسام ويستطيع اعادة اصلاح الضرر الذي تسبب به الخلاف والذي بلغ ذروته من خلال تصريحات كبار الوزراء والتي وصلت الى التجريح الشخصي؟!
لا شك ان جوليا غيلارد تملك الفرصة الذهبية الآن لتثبت زعامتها وتحسين ظروف حزب العمال للفوز بإنتخابات العام 2013، رغم انها رئيسة الوزراء الأقل شعبية منذ عقود، لذلك فإن لم تتمكن من تغيير وقلب المعادلة فإن استراتجيي الحزب لن يقفوا مكتوفي الأيدي وترك طوني ابوت يربح الانتخابات، مما يقود حتماً الى الطلب من غيلارد التنحي لقيادي جديد سيبدأ اعداده من الآن لقطع الطريق على عودة راد والذي يكّن له زملاؤه كرهاً شخصياً حصوصاً النواب الذين ينتمون الى اتحاد نقابات عمال استراليا والذين لعبوا دوراً محورياً في هزيمته الاسبوع الماضي لقطع الطريق عليه للعودة او حتى التفكير بذلك رغم مغازلته لهم والتراجع عن قراره السابق واعطاء رؤساء الأجنحة في الحزب حرية اختيار وزرائهم.
وفي افتتاحيتها السبت 03/03/2012 الصفحة 19 وضعت صحيفة (س م ه) سيناريو يقول ان وزير التربية الفيدرالي بيتر غاريت هو الوزير الأقل انتاجاً ونجاحاً في الحكومة ومنطقته الإنتخابية ( كينغز فورد- سميث) قريبة من المنطقة التي كان يمثلها كار في الولاية وهي مقعد ماروبرا حيث يفكر معدوا هذا السيناريو بتشجيع غاريت للتخلي من منصبه وترشيح كار مكانه ليدخل الى مجلس النواب حتى يكون بإمكانه تولي منصب رئاسة الحكومة في حال لم تستطع غيلارد تحسين حظوظ الحزب بالفوز في الانتخابات القادمة.
اما بالنسبة الى كار ودوره في وزارة الخارجية سوف تواجهه تحديات عديدة ورثها عن سلفه لكن ابرزها كيفية المحافظة على العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وفي نفس الوقت عدم اغضاب الصين الشريك التجاري الأول والأهم لأستراليا. وكنا لاحظنا أثناء زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما لأستراليا السنة الماضية كيف تفكر الولايات المتحدة بإحتواء الصين حيث تأتي استراليا في صلب تلك السياسة والمعلوم انه قد تم الاتفاق على نشر قوات اميركية على الأراضي الأسترالية.
ويبقى السؤال هل سينجح بوب كار في مهمته في وزارة الخارجية الى جانب ما يعوّل عليه ايضاً في اعادة تحسين صورة حزب العمال انتخابياً؟!
في هذا الصدد يقول زعيم المعارضة الفيدرالية طوني ابوت، ان تولي كار منصب الخارجية يؤكد ان المرض الذي فتك بحزب العمال في نيو سوث ويلز انتقل الى كامبرا مضيفاً انها اخبار قديمة حيث قام حزب العمال بالتخلص من رئيس وزراء قبل ان ينهي دورته الأولى (س م ه) السبت 03/03/2012 ص 4.
وحسب الصحبفة ذاتها فإن معظم ناخبي ولاية نيو سوث ويلز يوافقون ابوت على رأيه.
لكن هل يكون بوب كار وزير الخارجية غير كار رئيس الولاية؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال وما اذا كان هروب غيلارد وحزب العمال الى الوراء كفيل بحل المعضلة.
سيدني
0 comments:
إرسال تعليق