رسالة مفتوحة إلى السيد الرئيس محمد مرسي/ محمد فاروق الإمام

سيدي فخامة الرئيس الدكتور محمد مرسي رئيس جمهورية مصر العربية مع كل التقدير والاحترام لما تفضلت به في كلمتك في اجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الأربعاء 5 أيلول، والتي وجهتها إلى رأس النظام السوري قائلاً: "مازالت هناك فرصة لحقن الدماء، لا تتخذ القرار الخطأ، ولا تستمع للأصوات التي تغريكم للبقاء، فلن يدوم وجودكم طويلا".
وأضفت قائلاً" إن الشعب السوري قال كلمة واضحة، وطالب بالتغيير، فلا وقت نضيعه بالكلام عن الإصلاح الآن، بل هو وقت التغيير ومازال هناك بعض الوقت لحقن الدماء، وإن لم تفعلوا فإن عجلة الوقت ماضية، وإرادة الشعب غلابة، ونحن مع الشعب السوري لأخذ كامل حقوقه دون تدخل في الشأن السوري".
وأكدت أن "علينا أن نفعل فعلا إيجابيا يحفظ للشعب السوري دماءه ولا مجال للتباطؤ وإضاعة الوقت، وعلى الجميع أن يدرك أن الشعب السوري قد اتخذ قراره والنظام السوري عليه أن يأخذ العبرة والدرس من التاريخ الحديث والقديم".
سيدي الرئيس إن كل ما جاء في كلمتك هو تعبير صادق وتشخيص واقع لما يريده الشعب السوري من دفع عجلة التغيير واستبدال نظام مستبد فاسد قتل العباد ودمر البلاد وقنن الفساد واستباح المقدسات وانتهك الحرمات وفجر أنهار الدماء، بنظام مدني ديمقراطي يحفظ البلاد ويحمي العباد ويصون الأعراض ويحقق الرغبات ويجسد الأحلام ويحترم إنسانية الإنسان.. تكون فيه سورية لكل السوريين بمختلف أعراقهم وأديانهم ومذاهبهم وأثنياتهم وعقائدهم، كما كان حالها قبل تسلق مغامري حزب البعث جدران السلطة في دمشق على ظهر دبابة ضالة، أدارت ظهرها للعدو الصهيوني ولا تزال موجهة فوهة مدفعها إلى صدور السوريين منذ العام 1963، وقد قتلت هذه الدبابة الضالة من السوريين حتى كتابة هذه السطور أضعاف أضعاف ما قتله الصهاينة في كل حروبهم مع العرب منذ نشوء دولتهم في فلسطين المغتصبة عام 1947!!
سيدي الرئيس: قلت كلاماً جميلاً يحسب لك.. نريد أن تفعّله على أرض الواقع عملاً ملموساً بخطة طريق واضحة المعالم وفي إطار زمني معقول، لأن ما قدم للنظام المستبد السفاح في سورية من المهل جعلته يتغول بشكل وحشي وهمجي في دماء السوريين لم يسجل له التاريخ مثيلاً لا في شرق الدنيا ولا في غربها، وإن أي مهل جديدة تمنح لهذا الغول الذي لا يرتوي من دماء السوريين يعني إضافة أعداد جديدة من الشهداء والجرحى والمفقودين والمعتقلين والنازحين والمهجرين، وهم كما تعلم قد تعدوا الرقم 30 ألف شهيد و150 ألف جريح ومئة ألف مفقود وربع مليون معتقل وخمسة ملايين نازح يهيمون على وجوههم داخل الأراضي والوهاد والجبال والوديان والأحراش والمدن والبلدات والقرى السورية، وأكثر من نصف مليون مهجر خارج حدود الوطن وعلى حافاته يتعرضون لملاحقة شبيحة النظام المجرم ورصاصم الأعمى، ويعيشون في الفاقة والحرمان والجوع والرعب والخوف من المجهول وقابل الأيام!!
سيدي الرئيس لقد شبعنا كلاماً حتى التخمة من الإخوة والأصدقاء ومعدتنا لم تعد تهضم أي كلاماً منمقاً حتى وإن لامس مشاعرنا وأمانينا!!
سيدي الرئيس إن بإمكانكم فعل الكثير لأشقائكم السوريين الذين كانوا على الدوام سندكم على مر التاريخ يقاتلون من تقاتلون ويسالمون من تسالمون، وكم اختلطت دماؤنا في سوح الوغى في اليرموك وحطين وعين جالوت والسويس، وتذكرون ولا شك البطل سليمان الحلبي الذي قتل كليبر وجول جمال الذي فجر المدمرة جاندرك، وحسن البنا ومصطفى السباعي اللذان قادا بكل جرأة وشجاعة العديد من المعارك المشتركة في فلسطين عام 1948!!
سيدي الرئيس إن ما يسفك من دم في سورية وعلى مدار ثمانية عشر شهراً لا يمكن وقفه بالكلام والتمنيات ولا حتى بوضع النقاط على الحروف، ما يوقفه هو تحرك فعلي على الأرض، ومصر بحجمها وزخمها أهل لذلك، فهي أم الدنيا وأرض الكنانة وكعب العرب وذروة سنامهم، فإذا ما تحركت تحرك العرب كلهم، وهذا يكفينا مؤونة تدخل الغرب والشرق، وأنتم رفضتم في كلمتكم أي تدخل أجنبي، ونحن معكم في ذلك الموقف، وكل ما نريده منكم الآن قبل الغد دعم الجيش السوري الحر ببعض الأسلحة المضادة للطائرات والمضادة للمدرعات وتملكون ذلك، ليتمكن من حماية المدنيين ويحافظ على الأرض التي حررها من العصابات الأسدية، ولينطلق منها إلى قلعة النظام في دمشق ويحررها من مغتصبها ويسقط النظام الغاشم وإلى الأبد.
سيدي الرئيس نريد منكم مواقف متشددة تجاه النظام في المحافل الدولية.. نريد منكم أن توقفوا أي سفينة من عبور قناة السويس وجهتها الموانئ السورية وتدققوا في حمولتها لأنها قد تحمل الموت للسوريين والدمار لسورية.. نريد منكم فرقاً طبية ومستشفيات ميدانية عاجلة لمداواة الجرحى والمرضى والمصابين سواء داخل الأراضي السورية المحررة أو في مخيمات اللاجئين الفارين من الموت إلى دول الجوار.. نريد منكم إغلاق سفارة النظام السوري في القاهرة وطرد سفيرها.. نريد منكم حماية السوريين المقيمين في مصر من الشبيحة والبلطجية.. نريد منكم معاملة السوريين الذين لجؤوا إلى أرض الكنانة معاملة أهل مصر في الطبابة والدراسة والعمل حتى تحل الأزمة السورية بسقوط النظام الفاشي الغاشم.. وألف ألف شكر لكم إذا ما فعلتم هذا، والسوريون أهل وفاء لن ينسوا لكم ذلك!! 

CONVERSATION

0 comments: