لم يمض يومين على وفاة شاب غزواي حرق نفسه الاسبوع الماضي بسبب البطالة والضائقة المادية التي تعيشها عائلته كما باقي سكان قطاع غزة المحاصرة، حتى عمت المظاهرات الضفة الغربية احتجاجا على الاوضاع الاقتصادية السيئة.
بالرغم من وعود رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض بتحقيق ازدهار اقتصادي وحياة افضل لسكان الضفة الغربية، الا ان هذه الوعود قد باءت بالفشل في ظل الأزمة المالية والاقتصادية التي تعيشها السلطة بسبب شح المساعدات التي تعتمد عليها هذه السلطة وانتشار البطالة في صفوق الشباب وغلاء اسعار الوقود والمواد الغذائية.
ان الفكرة التي اتبعها سلام فياض هي بالاصل فكرة اسرائيلية سميت بالسلام الاقتصادي لتحل مكان الحل السياسي للقضية الفلسطينية، والهدف الاساسي من مفهوم السلام الاقتصادي هوالحاق هذا الاقتصاد باسرائيل والاعتماد عليها والغاء الهوية الوطنية الفلسطينية وعدم المطالبة بدولة تقوم على كامل اراضي الضفة الغربية.
تعتبر هذه المظاهرات الغاضبة الاكبر ضد السلطة الفلسطينية منذ نشأتها وربما تشكل بداية لاضرابات تبدأ بمطالب اقتصادية كما حدث في تونس ومصر وتتحول الى مطالب سياسية بتغيير في صفوف هذه السلطة المترهلة وقياداتها التي تحكم منذ سنين وتستولي على مقدرات الشعب الفلسطييني والمتهمة بالفساد المالي والاداري.
ان السلطة الفلسطينية حاولت من خلال سياستها المهادنة لاسرائيل خلق جيل لا يهتم بمقاومة اسرائيل والاعتماد على هذه السلطة ماديا والتماشي مع سياستها، الا ان شعارات المتظاهرين التي رفعها المتظاهرين عبرت عن هذا الواقع المرير الذي اوصلتهم اليه هذه السلطة ومن اهم هذه الشعارات"كنا ندور على فلسطين صرنا ندور على شوال طحين"، فالسلطة حولت القضية الفلسطينية الى مسألة انسانية تعتمد على المساعدات والمعاشات ونسيان لب القضية الا وهو تحرير الارض الفلسطينية.
حاولت السلطة الفلسطينية تحقيق هدف حل الدولتين من خلال المفاوضات العقيمة التي طال امدها، وهي متوقفة منذ زمن، واسرائيل تستمر بمشاريعها الاستيطانية وسرقة الاراضي الفلسطينية وتدنيس المقدسات، دون رد فعل حاسم وجدي من قبل هذه السلطة التي لا تجيد سوى لغة الشجب والاستنكار وما زالت تراهن على المفاوضات وتستمر في التنسيق الامني مع من يحتل الارض وينكل بالشعب الفلسطيني.
السلطة الفلسطينية قامت كنواة مؤقتة للدولة الفلسطينية المقبلة، وهي المسؤولة عن سكان الضفة الغربية وغزة، في البداية كانت السلطة تشكل مصلحة وطنية من حيث وجود كيان يتحمل مسؤولية الشعب الفلسطيني، الا ان فشل المفاوضات بسبب التعنت الاسرائيلي وعدم قيام الدولة الفلسطينية، اصبحت السلطة الفلسطينية هدف بحد ذاته ومصلحة اسرائيلية بامتياز من خلال التمسك الاسرائيلي بهذه السلطة كنتاج اتفاقات اوسلو من اجل حماية امنها.
ان هذه السلطة تعتمد على المساعدات الامريكية والعربية، ومن المعروف بأن هذه السلطة كونت مؤسسات عديدة واجهزة امنية ينظوي تحت لوائها الالاف من العناصر، وكل هذا يحتاج لاموال كثيرة، وان هذه الاموال التي تتسلمها السلطة تبقى مشروطة بالالتزام بالتنسيق الامني مع اسرائيل ونبذ المقاومة.
اما حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 يبدو انها قد تخلت عن الكفاح المسلح من اجل الحفاظ على سلطتها وتعزيزها، ولا تبدو في وضع افضل من سلطة رام الله، والمزاج الشعبي غير راض عن الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة وسلطتها التي تتحكم بكل مفاصل الحياة وتمارس التضييق على حرياتهم، ومما يزيد معاناة سكان قطاع غزة هو الحصار المفروض من قبل اسرائيل ومصر التي اغلقت معبر رفح والذي يفتح 3 ايام من كل اسبوع للحالات الانسانية فقط .
ان ممارسة السلطة ليس هدفه السيطرة على الناس وتنظيم حياتهم وضبط الامن فقط، انما السلطة مسؤولية لتامين ابسط مقومات الحياة للناس وليس قمعهم ومنعهم من التعبير عن ارائهم في حال انتقادهم للسلطات الحاكمة، ويبدو ان حركة حماس وسلطة رام الله لم تتعلما من دروس ما يجري في المنطقة من تحولات نحو الديمقراطية.
0 comments:
إرسال تعليق