حماس واللعب بالنار/ سامح عوده


استطاعت حركة حماس وعلى مدار سنوات ليست بقليلة من اللعب على المتناقضات، فبنت سياسةً خاصة بها تختلف عن الخط العام للإخوان المسلمين، في باقي الدول وخاصة دول الجوار الأردن وسوريا ومصر، فارتبطت ببعد إقليمي لم يكن يوماً إلى جانب الشعب الفلسطيني.

دخلت حماس المحور الإقليمي الغلط ..!! لتضع كل بيضاتها في سلة واحدة، وهذا الأمر ما جعلها رهينةً مربوطةً بخيوط إقليمية تشدها متى شاءت إلى الاتجاه المعاكس. بقيت حماس حتى الآن تعيش شهر العسل مع النظام السوري الذي استطاع أن يحتضن قياداتها ويجعل من دمشق مقراً لهم، ويفتح أبواب الفنادق والمال لهم، في حين أن توأمهم حركة الإخوان المسلمين في سوريا يقمعون منذ ما يزيد عن الأربعين عاماً، النظام الذي التقت مصالحه ومصالح الحركة الفلسطينية التي ولدت من رحم الإخوان المسلمين في التآمر على منظمة التحرير، فعملت الحركة مع النظام السوري على التآمر لإيجاد البديل عن منظمة التحرير الفلسطينية التي كتبت تاريخها بالدم.

الحركة التي بدأت كالدجاجة المذبوحة تتخبط بعدما اشتعلت المظاهرات في كافة المدن السورية، ظن قادة حركة حماس أن الأحداث في سوريا ستكون سحابة صيف، لان النظام في القطر السوري الذي يعتمد على الدعم الإيراني يستطيع بقوة أجهزته البوليسية أن يخمد نار الثورة في القطر المحكوم بالحديد والنار.

بيان حركة حماس وعلى لسان أمينها العام خالد مشعل، الذي مجَّد فيه بطولات سوريا كدولة ممانعة، كما تغنى بوقوف القيادة السورية إلى جانب الحركة، مع المرور باستحياء على حق الشعب السوري في التغيير والمطالبة بالحرية والاستقلال كما حدث في مصر وتونس، وفي نفس الوقت فان بيان الإخوان المسلمين في الأردن، وفي نفس الموضوع – الثورة السوربة - تحدث وبكل وضوح عن الزيف والكذب، في الممانعة التي يدعيها نظام الحكم في القطر السوري، ولم يكونوا وحدهم فأكثر من بيان للإخوان المسلمين في أكثر من مكان هاجم القمع بحق السورين، حماس التي نصبت نفسها خليفة لله على الأرض حاولت أن تكون شاذةً، فاختارت درب مؤلم في نهايته سيوصل الفلسطينيون إلى الهلاك .

أوساط في المعارضة السورية رأت أن النظام السوري الذي احتضن حماس يملي عليها بشروطه ليحرقها في آتون المعركة التي يخوضها ضد شعبه، الدكتور محمود الدغيم المفكر السياسي المعرف ذكر وفي مقابلةٍ خاصة أن أجهزة المخابرات السورية وبإيعاز من بشار الأسد قد طلبت من حركة حماس أن تعمل على استفزاز الجيش الإسرائيلي ليقوم بعدوان على غزة فينشغل الإعلام العربي والدولي بما يحدث في غزة، ويغض الطرف عما يحدث في سوريا، لم يكن الدكتور الدغيم هو من أدلى بدلوه في هذا الموضوع فالعديد من نواب مجلس الأمة الكويتي المحسوبين على الإخوان قد أكدوا حديث الدكتور الدغيم، ومفكرون إسلاميون عبر قنوات صفا ووصال حذروا حماس من هذا النهج.

وبالعودة إلى شريط الأخبار ومنذ الشهر الماضي نلاحظ أنه ومنذ بداية الأحداث في سوريا قد عمدت حركة حماس ومعها حركة الجهاد إلى إطلاق صاروخ هنا وقذيفة هناك، على الحدود مع إسرائيل، وإسرائيل التي تعيش حالة من العزلة على مدار الأشهر الماضية تحاول البحث عن مخرج لهذه الأزمة بافتعال حرب على أكثر من جبهة.

حماس الآن تعيش بين نارين كونها وضعت نفسها بين المطرقة والسندان، فإما أن تنفذ ما يمليه السيد السوري عليها أو أن تفتح أبواب جهنم عليها لعدوان شامل على كامل قطاع غزة، يحرق الأخضر واليابس، مع إدراك حماس إذا ما لجأت إلى مثل هذا الخيار فإن الظرف الدولي والعربي لن يكونا إلى جانب إيقاف عدوان شامل على غزة.

تركيا وقبل شهر استطاعت أن تمنع عدوانا إسرائيليا حتميا على قطاع غزة، وأوصلت الرسالة إلى حركة حماس بضرورة إلا تكون أداة لأي دولة في الإقليم كون الشعب الفلسطيني المحاصر هو من سيدفع الثمن، وأن الثمن سيكون باهظاً هذه المرة.

إن إقدام حركة حماس على مغامرة غير محسوبة النتائج إرضاءً لقوى إقليمية في المنطقة سيكون على حساب جراحات شعبنا النازفة، لأن المواطن الغلبان هو من سيدفع الثمن، ومن الأجدر بقيادات الحركة التي تلعب على الحبال الإقليمية أن تجلس ملياً مع الذات وتفكر في إعادة اللحمة إلى جناح الوطن قبل أن تتاجر بدماء شعبنا في معارك خاسرة.


CONVERSATION

0 comments: