عندما نسأل أنفسنا عن الحب الحقيقي ، تأتي الاجابة سريعة موضحة أن الحب الحقيقي هو الحب المضحي الذي يضحي فيه الأنسان بكل شيء من أجل من يحب .
هذه إجابة سليمة لأن المكمل لكلمة حب هي كلمة تضحية . من هنا نتساءل أيضاً ما الذي يحدث هذه الأيام بين الناس !! . هل مات الحب ودفنت معه التضحية ؟!.
سيجيب البعض بنعم ، وإلا ما رأينا ولا سمعنا ما نرى وما نسمع .العلاقة بين الأخوة والأخوات تكاد تكون غير موجودة . كل يحاول أن يدمغ الآخر بكل عيب مشين . وكأن صلة الدم قد انتهت وتحولت الى صلة عداء . وهذا العداء قد يصل الى القتل والموت . ليس فقط بين الأخوة والأخوات . لا بل وصلت حالة البشر المتردية الى المثل الأعلى للحب والتضحية وهي الأم ، الى أن تقتل وتشرد فلذات أكبادها من أجل شهوة عابرة، لأن الذي ارتكبت من أجله هذا الجرم الكبير بعد أن يحصل على ما يريد سيكون حذراً معها وآجلاً أو عاجلا ًسيتركها . كيف يأتمن إمرأة ، أم .. ضحت بأبنائها من أجله ؟ لذا سيظل الندم والحسرة يلازمانها مدى حياتها .
وهنا أسأل أيضا .. هل مات الحب الحقيقي ؟ وأيضا ستأتي الإجابة بـ لا .. إنه موجود في بلادنا وفي هذه البلاد . سمعت قصة أب احتدم الخلاف بينه وبين زوجته ، وأصبحت الحياة بينهما مستحيلة . أعجبته الحياة الغربية من انطلاق وحرية . وأعجبتها هي أيضا ًنفس الحياة . باتا لا يلتقيان ، كل منهما في وادٍ ، وعندما يلتقيان ، تجدهما اما مخمورين أو مفلسين ويبدأ كل منهما في إلقاء اللوم على الآخر ويعلو صوتهما وتتشابك الأيدي ، وفي كثير من الأحيان يتدخل رجال الشرطة بعد أن يفيض الكيل بالجيران الذين يتصلون بالشرطة للتدخل في الأمر .
هذان الوالدان لهما إبنتان متزوجتان . وكل منهما زوجة لزوج محترم من بني جلدتها ولهما أولاد وبنات . كانتا تحاولان اخفاء الأمر عن زوجيهما ، خشية تأثير ذلك على العلاقة بين كل منهما وزوجها . حاولتا المستحيل . لكن يبدو أن الأمر يحتاج إلى أكثر من معجزة . وفشلت محاولتهما لإعادة الرباط المقدس بين والديهما الى ما كان عليه من قبل .
تأثرت الأبنة الكبرى لما يحدث لوالديها . وأثرعليها ذلك وأصيبت بمرض السرطان . ومع ذلك دأبت مع أبيها الذي تحبه حب العبادة .فكان أحياناً يبكي ويلين قلبه . لكن الأم تعاود من جديد فيبدأ العراك وتتكررنفس القصة .
ذات يوم وهي تحاول مع أمها لتثنيها عن تشبثها برأيها في خلاف جرى مع والدها ، لم تحتمل الأبنة فسقطت على الأرض مغشيا عليها . نقلت الإبنة إلى المستشفى . وهنا عرف الوالدان ما تعاني منه ابنتهما .
في الغرفة التي نقلت إليها الإبنة بالمستشفى ، نظر كل منهما الى الآخر ، ولم يحتملا الموقف فركعا على ركبتيهما عند سرير ابنتهما وأخذا يبكيان ويطلبان السماح من الأبنة .
بقيت الأبنة فترة طويلة بالمستشفى للعلاج . عاشت الأم مع زوج إبنتها لترعى شؤون الأطفال . ولم يترك الأب سرير ابنته لحظة واحدة . نسي كل منهما ما كان يعيشان من قبل . تماثلت الأبنة للشفاء . وحدثت المعجزة التي حيرت الأطباء أنفسهم . لقد برئت الأبنة من هذا المرض الخبيث تماماً . ووضع أسمها في كتاب المعجزات . فقد كان للحب الحقيقي معجزته .
ليست هذه قصة للعظة ، لكنها حقيقة تثبت أن الحب الحقيقي موجود وعلى الأنسان أن يستمر في حبه ولا ييأس . فلا معنى للحياة مع اليأس ، ولا معنى للحياة بدون حب .
0 comments:
إرسال تعليق