الأنبار تتحرك بخفة نمر/ أسعد البصري

قضية مهمة يجب أن لا تنساها ... هذه الحكومة العراقية الحالية جاءت على أساس تحالف أمريكي - إيراني ، بحيث تحرك رجال مثل كنعان مكية و أياد علاوي و أحمد الچلبي بما يملكون من اتصالات مخابراتية ببريطانيا وأمريكا و إسرائيل لإقناعهم بجلب الأحزاب الشيعية الطائفية التي شكلها الخصم التقليدي السابق ( إيران ) لحكم العراق بديلا للرئيس صدام حسين وهكذا تمت الصفقة . منذ ذلك الحين صارت هناك صفقة مع السيستاني وإيران جلبت حزب الدعوة و المجلس الأعلى و غيرها من التنظيمات الطائفية لحكم العراق بعد تفكيك مؤسسات الدولة العراقية خصوصا الجيش والمدرسة والتعليم العالي تماماً كما صمم حسن العلوي في كتابه (( الشيعة والدولة القومية )) حيث بشر بأن الدولة العراقية التي تأسست باحتلال بريطاني منذ ١٩٢٠م و حتى الإحتلال الأمريكي عام ٢٠٠٣ م هي دولة عثمانية قائمة على حكم قومي سني معادي للشيعة .

هكذا تم طرد السنة واجتثاثهم من الدولة والجيش والمؤسسات الأمنية والتعليم العالي .... السنة هم مقاومة لأمريكا يعتبرونهم إرهابيين و قاعدة و أعداء ( ٤٥٠٠ قتيل أمريكي و ٣٢ ألف جريح و ثلاثة تريليونات من الدولارات بسبب المقاومة العراقية الشرسة للإحتلال ) . و السنة أيضاً أعداء لإيران و نواصب يجب إبادتهم لأنهم في نظر إيران مسؤولون عن حرب الخليج الأولى ١٩٨٠-١٩٨٨م التي حصدت خيرة شباب إيران وكلفتهم تعطيل نهضتهم الخمينية . السنة أيضاً أعداء بالنسبة إلى الكويت وعليهم ربما مسؤولية غزوها لهذا تحالفت الكويت مع إيران وساهمت في إقناع الدوائر الغربية بالبديل الشيعي الطائفي ( عقوبة للسنة ) و استقبلت محمد باقر الحكيم عدة مرات على أعلى المستويات في تسعينات القرن الماضي و دعمته بكل الوسائل الدبلوماسية والمالية . السنة العراقيين أيضاً مسؤولون عن العداء مع البعث السوري ، لهذا تحالفت المخابرات العلوية في سوريا مع المخابرات الإيرانية في مشروع تشويه وجه المناطق الغربية و بناء معسكرات في الأراضي السورية للإرهاب والقاعدة و تفجير المواطنين لتأليب الشارع الشيعي ضدهم ، إضافة إلى انشقاق البعث و تضليل البعثيين العراقيين . هذا هو وضع السنة العراقيين من عام ٢٠٠٣م إلى عام ٢٠١١م حين انسحب الإحتلال الذي كان يضرب المناطق السنية بالنابالم والفسفور الأبيض ويداهمهم بفرق الموت ويغتصب ويعذب في السجون . هذا وضع صعب للغاية و مستحيل . سلسلة جهنم الملفوفة على السني العراقي انكسرت عام ٢٠١١م بانطلاق الثورة السورية على النظام العلوي حليف إيران . هنا انشغلت المخابرات السورية بنفسها فتنفست المنطقة الغربية وبدأت التنسيق والإتصال خارج المركز الصفوي القاتل : بغداد . هنا ظهر تغير طفيف في الموقف الإقليمي والدولي . على الأنبار التحرك بهدوء حتى لا تفزع الفريسة وتفلت عزيزي . لو قفزوا على بغداد اليوم لصرخ التحالف الواسع ضدهم أن القاعدة والإرهاب هجمت على النموذج الديمقراطي في بغداد . لو حملوا السلاح ( وهم قادرون ) لصرخت حقوق الإنسان بأن البعثيين عادوا لارتكاب مقابر جماعية جديدة ، و ربما لضرب المدنيين بالسلاح الجرثومي والكيمياوي .... هذا غير النشاط المذهبي الإيراني الذي سيرسل الملالي في الحسينيات والأحياء الشيعية بكل محافظات العراق يصرخون و يمزقون ثيابهم (( واحسيناه ، وامغيثاه ... هل من ناصر ينصرنا ... هل من رجال غيرة يحمون ضريح الحسين من الهدم و نجاسة بني أمية )) نعم كل هذا محسوب مقدما .... على الأنبار أن تتحرك بخفة نمر نحو هدفها ولا بأس تأخذ وقتها في التظلم وشرح مأساة الناس ومخاطبة المنظمات العالمية والعربية وإقناع الرأي العام العالمي والتنسيق مع المخابرات الدولية العظمى ... هذا مهم قبل الشجاعة .... وأرجوك أن تطمئن هناك تنسيق عالي الكلفة والخبرة في درب معقد كهذا ... إنه سير على حبل و سير في حقل ألغام .

السؤال اليوم هو : ما هو تأثير الأزمة السياسية في العراق على أسعار العقارات ، على الحركة التجارية ، على المشاريع ، على الصحة النفسية ، الخوف من حدوث شيء أسوأ من الشيء نفسه أحيانا ... لماذا لا توجد دراسات عن هذا الموضوع ؟ . لماذا لم نعد نسمع بالفعاليات الطائفية ، بالزيارات المليونية ، بتصريحات رجال الدين الشيعة النارية ...... هناك تهدئة شديدة و عدم رغبة بالتصعيد تفضح حجم الذهب و المليارات الدولارية والفائدة التي تحصدها التنظيمات الشيعية من الإستقرار الحالي . الحرب الآن لا تفيدهم ولا تخدمهم . ما زالت الحكومة تطمح بحل سياسي وهو طبعا مفاوضات سرية لشراء شيوخ الأنبار بالملايين والذهب ... هذا ممكن لو كانوا وحدهم لكن هناك مَن يقتلهم لو فعلوا ذلك . 

لقد فشلت الأحزاب الطائفية الشيعية في بناء دولة مشاركة وطنية بل خلال عشر سنوات مزقوا الروح الوطنية الناشئة في العراق بالدعاية الدينية المذهبية في الشارع والمسجد والإعلام ، وبالتبعية الواضحة الصريحة الدينية والوجدانية والرمزية لإيران . لأول مرة ينعزل السني العراقي ويكتشف بأنه مجرد سني مستهدف ، هذا بات صراع أرحام و وجدان لا صراع مصالح و مكاسب . وكأن السني العراقي غير مدعو للمشاركة في بناء بلاده وثقافتها بل هو أصبح كهندي أحمر في كندا ... توفر له الدولة الكحول والمخدرات والمأوى وكل أسباب الإنقراض . لا يوجد حل إلا بالعودة من جديد إلى دولة وطنية بلا محاصصة ولا أحزاب طائفية شيعية مغلقة ولا تركيز على مرجع و حوزة بلا جاذبية واحتلال إيراني ... أو إذا تعذر ذلك : الأقاليم .... كل طائفة في إقليمها .

CONVERSATION

0 comments: