أبو العلاء المعري في بغداد بين المتنبي وشابنهور/ كريم مرزة الاسدي

الحلقة الثانية
رجع الرجل البصير الى مدينته المعرة الطيبة حين سماع نبأ وفاة أمه الحنون سنة (400هـ) , فجزع ,  ثم اعتزل  طيلة نصف قرن , وحدثتْ في عصره  الحروب والفتن بين الحمدانيين والفاطميين , وغزوات الروم ,وحصار أسد الدولة صالح بن مرداس لمعرّته الجميلة ( 417 - 418 هـ / 1026 - 1027 م) , الذي أفحمه بأبياته الرائعة - ذكرناها في حلقة أخرى - بعد إلحاح أهلها لخروجه إليه , وهذه المرة الأولى والأخيرة التي خرج فيها من منزله طيلة اعتزاله  فرجع الصالح خجولا خائبا , فكان هو  الأسد , وكان أسد الدولة هو  الحمام , باعتراف الصالح الهمام !
ومن بعد عاش الكفاف والعفاف برضىً تام , وتغرب نفسي هام , وكنت قد أشرت في الحلقة السابقة , ولا أخالك قد نسيت أنه أحب بغداد وأهلها حبّاً جمّاً , وبادله أهلها حبّاً بحب , وهاموا به وأجلوه أيّما إجلال  لدماثة خلقه , وسعة صدره , وقابلية حفظه , وكثرة رواياته , وجودة شعره , بالرغم من عاهة جسمه التي زادت تعلق الناس به إعجاباً وإكباراً , وشعره الواصل إلينا خير دليل , وأصدق شهيد ! :
يا عارضًا راح تحدوهُ بوارقهُ     
للكرخ سلمت من غيثٍ ونجيتا
لنا ببغداد مــــن نهوى تحيتهُ       
فإن تحملتها عنــّــــــــا فحييتا
يا ابن المحسن ما أنسيت مكرمة ً   
فاذكر مودتنا إن كنت أنسيتا
سقيًا لدجلة والدنيــــــــــا مفرقة ٌ 
حتى يعود اجتماع النجم تشتيتًا
ولما ودّعه جمهور غقير من أهل بغداد أجابهم بقصيدته الرائعة التي مطلعها - وذكرنا عدة أبيات منها سابقاً - :
نبي من الغربان ليس على شرع       
يخبرنا ان الشعوب الى صدع
وظلّ يذكر بغداده , ولم يقرن لها مثيلا , ولا يبحث عنها بديلا :
متى سالت بغداد عني واهلها         
فاني عن اهل العواصم سآل
وأشرت ولم أنسَ أنّ تشككه لعقله الجبار وحيرته , حيرت العلماء حول عقيدته , ومدى إيمانه ,فأشار في لزومياته إلى بعض المضايقات .
ولا أطيل عليك !آخيرا وفي آخر أيامه سنة 449 هـ /1058م , تحدث مساجلات , وتبعث مراسلات بينه و بين داعي دعاة المستنصر بالله الفاطمي , المؤيد في  الدين هبة الله بن موسى بن داود الشيرازي ( ت 470هـ / 1078م ), أكتشفها  المستشرق (مرغليوث) , ونشرها سنة 1902م  , حول نباتيته , وعدم أكله اللحوم ,  ربما عقبى قصيدته :
غدوت مريض العقل والدين فالقني      
لتسمع أنباء الأمــــور الصحائح ِ
فلا تأكلن ما أخرج المـــــــاء َظالما      
 ولا تبغ ِقوتاً من غريض الذبائح
ولا تفجعن الطير وهـــــــي غوافلٌ       
بما وضعت فالظلم شـــرّ القبائح ِ 
ودع ضــرب النحل الذي بكرت له       
كواسب من أزهـــــار نبت فوائح ِ     
فما أحرزته كــــــــي يكون لغيرها        
ولا جمعته للنــــــــــدى والمنائح ِ  
مســحت يدي  من كلّ هذا فليتني         
 أبهت لشأني قبل شيب المســائح ِ
وكان المستنصر الفاطمي قد بذل لأبي العلاء من بيت المال بمعرة النعمان، فلم يقبل منه شيئاً. وكذلك داعي دعاتهم بمصر المذكور آنفاً ,حين بلغهما  أن الذي يدخل لأبي العلاء في السنة من ملكه ثلاثون ديناراً أو أقل ، كتب المستنصر إلى تاج الأمراء ثمال بن صالح بن مرداس (ت 454 هـ / م 1062) , وكان إذ ذاك نائباً عن العبيديين بحلب ومعرة النعمان بأن يجري له ما تعوز إليه حاجته بجميع مهماته وأسبابه، وما يغطي معيشته  من ألذ الطعام، وأن يضاعف حرمته، ويرفع منزلته عند الخاص والعام , فامتنع من قبول ذلك , والحقيقة هو لم يدفعه الزهد عن أكل اللحوم , أو قلة المال , وصعوبة الحصول عليه , وإنما فلسفة الرحمة بالحيوان , فهو عنده خلق كخلقتنا , له غرائز الأمومة , والجوع , والشرب , والجنس , ولذة البقاء في الحياة , والصراع على الوجود فيها , فهو روح يتركب من لحم ودم , يتألم كما أنت تتألم ,فما الفرق بينكما , يقول في لزومياته ( نقلا عن " أبو العلاء المعري حياته وشعره ص 52 مقال المعري النباتي ) :
يكفيك أدما سليط ٍما أريق له          
دمٌ ولا مسّ روحاً إذ جرى ألمُ
بل الرجل ذهب إلى أكثر من ذلك , أقرأ معي  ما يقول عن البرغوث المسكين :
تسريح كفي برغوثاً ظفرت بهِ        
أبرّمن درهم ٍ تعطيه محتاجا
لا نستطيع أن نظلم الرجل , ونقول فيه ما نشتهي ونريد , ونهانا نفسه أن نتقول عن الموتى جزماً وقطعا  بما لا نعرف أو قلّ ما نعلم , ربما يحاججك بعد الممات عند اللقاء أمام حاكم الحكـّام :
لا تظلموا الموتى وإن طال المدى      
إنـّي أخاف عليكمُ أن تلتقوا   
 توفي أبو العلاء ليلة الجمعة، ثالث، وقيل ثاني شهر ربيع الأول، وقيل ثالث عشره، سنة تسع واربعين وأربعمائة عن ستّ وثمانين سنة , وذكر القفطي في إنباه الرواة على أنباه النحاة" عن عبدالله الأصفهاني قال: لما حضرت الشيخ أبا العلاء أحمد بن عبدالله بن سليمان التنوخي الوفاة ، اتاه القاضي الأجل أبو محمد عبدالله التنوخي بقدح شراب فامتنع من شربه، فحلف القاضي أيماناً مؤكدة لا بد من أن يشرب ذلك القدح، وكان إسكنجبيل. فقال أبو العلاء مجيباً له عن يمينه
أعبد الله خيرٌ من حياتي       
وطول ذمائها مـــــوتٌ مريحُ
تعللني لتسقيني فذرني        
 لعلـــي أستريــــح وتستريــح
وكان مرضه ثلاثة أيام، ومات في اليوم الرابع، ولم يكن عنده غير بني عمه، فقال لهم في اليوم الثالث: اكتبوا. فتناولوا الدويّ والأقلام، فأملى عليهم غير الصواب. فقال القاضي أبو محمد: أحسن الله عزاءكم في الشيخ، فإنه ميت فمات في غداة غده .
وكان  المعري قد تأثر   بالمتنبي تأثراً كبيرا ً, وشرح ديوانه ( معجز أحمد) , وكان المتنبي قد توفي ( 354 هـ / 965م ) قبل ولادة المعري بتسع سنوات , وسار على نهجه العقلي , أليس المتنبي هو  القائل :
لولا العقول ُلكان أدنى ضيغم ٍ      
 أدنى إلى شرفٍ من الإنسان ِ
جعله أشرف ما خلق الله في كائناته الحية  , وبدونه يصبح الإنسان أصغر من بهيمة هائمة لا تدري من نفسها شيئاً , وفي موضع آخر يجعله مع العرض الأغلى قيمة في حياة الإنسان  :
يهون علينا أن تصاب جسومنا   
و تسلم أعراض لنا و عقولُ
ثم يضع أحد وجوهه , وهو الرأي  قبل شجاعة الشجعان :
الرأي قبل شجاعة الشجعان       
هو أول وهي المحل الثاني
فإذا هما اجتمعا بنفـس حرةٍ        
بلغت من العليا كل مكـــان
والمتنبي من تجاربه الحياتية , ولما تعرض له من صدمات نفسية , دوافعها الحسد والحقد والتنافس غير المتكافئ , جعلته سيء  الظن بحظوظ عقل العبقري الفطن , فالحياة بقدر ما تعطي تسلب , وكان محقاً بقوله   بقوله :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله        
وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ
ومن هذه التحرشات المتعمدة التي وجهت للمتنبي العظيم ,حين ألقى شاعرتا قصيدته المدوية الميملة العصماء في مجلس سيف الدولة الحمداني ,كان المجلس يغص بمناوئيه أمثال أبي فراس والخالييَن , وحرضوا عليه سيف الدولة حتى رماه بالدواة , وأرتجل البيت الأخير الذي سأذكره  - وأنا لا أميل لرواية الرمي بالدواة  - :
وا حرّ قلبـــــــاه ممن قلبه شبمُ         
ومن بجسمي وحالي عنده سقمُ
مالي أكتم حبّاَ قد برى جسدي          
وتدعي حبّ ســيف الدولة الأممُ
الخيل والليل والبيداء تعرفني      
والرمح والسيف والقرطاس والقلمُ
إن’ كان سرّكم ما قال حاسدنا       
فما لجرح إذا أرضــــــــــاكم  ألمُ
 القصيدة معروفة ومشهورة , وما هي ببيت   القصيد , ولكن يذكر شارح ديوان المتنبي (العسلي ص 264) ما يلي  : "ولما  أنشد هذه القصيدة  وانصرف اضطرب  المجلس وكان نبطي من كبراء كتابه يقال له أبوالفرج السامري  فقال له : دعني أسعى في ذمه فرخص له في ذلك وفيه يقول أبو الطيب :
أسامرّيّّ ضحـــــــــــــكة َكلِّ راءٍ        
فطنتَ وكنتَ أغبى الأغيباءِ
صغرتَ عن المديح فقلت أهجي       
كأنـَك ما صغرت عن الهجاء
وما فكرتُ قبلك  مــــــــن محال ٍ       
ولا جربتُ سيفي في هبــــاء ِ"
من جرأة المتنبي جعل هذا السامري مضحكة  لمجتمع البلاط , وقلل من شأنه , وصيّره أغبى الأغبياء
 لكل هذا وأكثر من هذا ثار المتنبي على مجتمعه الجاهل - على حد رؤيته - في عصر تسوده الفتن والصراعات , وتمرد عليه , ومع كلّ هذا لم يجعله قائداً هماما , ولا والياً مقداما , ولا نبياً إماما ! , فإذن قد خبر الزمان وعرف الناس , فما عليه إلاّ ذمهم :
أذُمّ إلى هذا الزّمـــان ِأهَيلهُ        
فأعلمهمْ فدمٌ وأحزمهمْ وغدُ
وأكرمهمْكلبٌ وأبصرهمْ عم ٍ      
وأسهدهمْ فهدٌ وأشجعهمْ قردُ
  وإلاّ فاجدر به , وأحق لهم - كما يرى - قوله :
ومَنْ عرف الأيّامِ معرفقي بها     
وبالناس ِ روّى رمحه غير راحم !!
كلّ همّه أن يسود , وغاية حياته أنْ يتولى , تم من بعد ذلك الذكر للإنسان عمرٌ ثانِ !
نعود لمعرينا  ونقول : هذا المتنبي  رائده  بشعره وعقله وفلسفته وتشاؤمه المصلحي  , فأخذ منه وزاد بقدر ما  يتسع لهذا وذاك ويطور ما يرتأيه حسب ظروفه الموضوعية والذاتية  , بل يتأمل و يجتهد , فلماذا إذن شيخنا البصير لايقول ؟! :
كذبَ الطنُّ لا إمام سوى العقـ       ـلُ مشيرأٍ في صبحهِ والمساءِ
وما دام  العقل هو الإمام , فلماذا يتبع الشافعي ومالكا ؟!
وينفرُ عقلي مغضباً إنْ تركتهُ     
سُدىً واتبعتُ الشافعي ومالكا
أمّا أبو العلاء له خصوصيته  , وهو أدرى بنفسه  وحدود سلطته الجسدية , ومقدرته التأمرية المادية  والعضوية  , لذلك كان تشاؤمه من الناس و العباد لا يقل عن تشاؤم سابقه أبي الطيب , ولكنه استخدم الكلمة الرادعة , والفكر الملتوي , الشيء ونقيضه , ليجس نبض المجتمع  , وليجعلك في دوامة الحيرة من أمره وأمر هذا الناس , بعقله السديد الرشيد , وتأمله وحكمته لمعرفة المزيد !     
ربما السبب في تشكيل آرائه الفلسفية التشاؤمية , ونهجه الساخط على الحياة وأهلها مثله مثل متنبيه  ( وأذم إلى هذا الزمان أهيله ) أقرأ لمعرينا  :
قد فاضتْ الدنيا بأدناســــها        
على براياها وأجنــــــاسها
والشرُّ في العالم حتى التي        
 مكسبها من فضل عرناسها
وكلُّ حيٍٍٍّّّ فوقها ظــــــــالمٌ         
ومــــــا بها أظلمُ من ناسها
العرناس لمن لم  يسمع بهذه المفردة القديمة تعني المغزل , ترى بوضوح أن تشاؤم المتنبي تولد لأنه لم ينل ملذات الحياة كما يشتهي ويريد من تسلـّط و تأمّر وتسيّد , بينما أبو العلاء بزغ تشاؤمه منذ صيحته الأولى بالحياة :
هذا جناه أبي عليَّ      
وما جنيت على أحد
يقول الأستاذ أحمد أمين في المصدر الذي ذكرناه في الهامش ( أبو العلاء المعري  ...حياته وشعره ص 29) ( فأبو العلاء لا يقول كما قال غيره : "  ليس في الإمكان أبدع مما كان "بل يقول العكس " ليس في الإمكان أسوأمما كان " ), ويؤكد ذلك بقوله :
وليت وليداً مات ساعة وضعه       
ولم يرتضع من أمه النفساء
أما أوجه التشابه بين المعري  والفيلسوف الألماني   الذي ولد بعده بثمانية قرون , وأعني به  آرثر شوبنهور   (المتولد 1788م - والمتوفي 1860م)  , عاش الأخير  ظروفا مشابهة  ما مرر بها شيخنا  ,إنّ أباه مات منتحرا عام (1805م) ,,وهو في ريعان شبابه  , وانحرفت أمه عن الفضيلة ,وكانت نابغة في كتابة القصة , وترفض أي شخص أن يعلو بشهرته شهرتها  ( تذكر تيتم المعري صغيرا , إن جدته عالمة ومحدثة) , ولما علمت أن الشاعر الألماني الأكبر ( غوته), قد نوّه بنبوغ ابنها (آرثر) , وأشاد بعبقريته مبشراً بمستقبله الزاهر , قست عليه , واعتبرته منافساً لها , و عبئا ثقيلا عليها , فتركته الى آخر حياتها , والمعري أيضاً فقد أمه الحنون ولكن بالموت , فالأمر مؤلم حزّ في  نفسيهما إيلاماً , عاش شوبنهور ثلاثين عاما منعزلا , أقل مما قضى معرينا انعزاله ,وكان شوبنهور كئيبا , متغربا , مكروها , خائباً معدوما مع فسحة للشهرة أواخر سنوات حياته ,ولم يتزوج  ,وبقى أعزباً الى آخر يوم  في حياته - كشاعرنا المتفلسف - ,  فكانت رؤيته  عن الحياة  " إنّها جحيم يفوق جحيم دانتي " , فلا يريد لأولاده أنْ يعيشوها , أو يقولوا من بعده " هذا جناه أبي عليّ " , ولم تكن الحروب بعيدة عنه , فنابليون قد اجتاح المانيا عشرين عاما , وعاث بها  تدميرا وخرابا ,  ناهيك عن القلاقل و الاضطرابات التي كانت تسود أوربا والعالم  , نقول على أغلب الظن إن هذه العوامل مجتمعة  قد دفعت الرجلين   الى فلسفة التشاؤم , والنظرة المعتمة  للمجتمع والفرد والعالم والطبيعة ...وأنا أعلم زمانهما مختلفاً , ومكانهما  متباعداً , وبيئتهما متباينة , وعائلتهما غير متشابه , وشخصيتهما متميزيتين  , ولكن ربما الظروف القاسية التي يمر بها العبقري , والفارق الفكري بينه وبين أفراد مجتمعه , وقسوة الإنسان على أخيه الإنسان وقت الحروب , وهيمنة الجماعة على الفرد وسحقها إياه دون رحمة , قد تؤدي الى هذا التوجه المتقارب  , لوضوح الرؤية عند المفكر العظيم ,والفيلسوف الكبير ,على كل حال :
آلا إنـّما الدنيا نحوسٌ لأهلها      
فما من زمان ٍ أنت فيه سعيدُ
 وشوبنهور أيضا يرى  أنّ لكل فرد حوضا من الألم  لابدّ منه , وإذا انتهى يحل محله عناء آخر , وشاعرنا سبقه بقوله :
نمرُّ سراعاً بين عدمين ما لنا    
لباث ٌ كأنا عابرون على جسرِ
وتذبذب شاعرنا في تقييمه للعقل بسبب حساسية شاعريته , ولحظاته القافزة أبان إلهامه , وومضات تفاعلاته الفكرية , في حين أن شوبنهور ,يسير  بخط مستقيم , وتقويم متين  ,وتحكم عقله الشديد  لتكوينه الفسيولوجي...وتأثره بالفيلسوفين صومائيل كانت وهيغل , والحقيقة  آرثر الالماني يعتبر إرادة الحياة أقوى من العقل  , وهي التي تسيره , ويذهب الى أن العقل غير مادي , لانه هو الذي يعلمنا المادة , ومع ذلك دوره ثانوي في الحياة , أما المحرك الأساسي لجميع الكائنات الحية  الحيوانية والنباتية هو إرادة الحياة , ويرجع المعري كل الصعوبات  والأتعاب مصدرها الحياة , ولكنه لم يجعل إراداتها  مسيرة للعقل  :
تعبٌ كلها الحياة فما أعــجب إلا من راغبٍ في ازديادِ
مهما يكن من أمر الدنيا تحكمها الأنانية والهواجس والظن الآثم والألم الدائم , وما السعادة إلا وهم تقطع الألم , والشقاء فيها سيان كما يرى شوبنهور أنه غاية الحياة وحكمتها أو كما يتفلسف المعري أنه من واجباتها :
قالت لي النفس أني في أذى وقذى            
فقلت صبراً وتسليماً كذا يجبُ
ولا بأس أن نعرج  قليلاّ على (دانتي وجحيمه ) , لنختم به عظمة المعري , فمن هو (دانتي ) , وما هي قصة جحيمه ؟ ( دانتي ) شاعر ايطالي  كبير , ولد في فلورنسا بعد وفاة شيخ المعرة  بأكثر من قرنين (1265م - 1321م) , نظم أروع ملحمة في اللغات اللاتينية , فكرتها اسلامية ,أقتبست , أمّا من ( رسالة غفران المعري  ) , أو من قضية ( المعراج) ,التي ترجمت للغة الإيطالية في عصر السيد دانتي  , وهي تتكلم عن  الحياة الآخرى , بشقيها ,  الفردوس والجحيم ...قد تكون الأفكار مقتبسة , والتراث العالمي  ملك الإنسانية , وربما توارد خواطر , والله أعلم بالسرائر , ما بين فيلسوف  وشاعر !
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
(1) الأعلام  : خير الدين الزركلي   ج 8 ص 75 - 76 دار العلم للملايين - 1980 - ط 5  بيروت
(2) أبو العلاء المعري : دفاغ المؤرخ ابن العديم عنه - دار سعد للطباعة والنشر عنه - 1945 م - مصر
(3) ذكرى أبي العلاء : د. طه حسين - تصحيح توفيق الرافعي - مكتبة الهلال ط 2 - مصر
(4) تاريخ الأدب العربي : حنا فاخوري ص 678 - 700 ط 11- 1983 -منشورات المكتبة البولبسية - بيروت -
(5) شرح لزوم ما لا يلزم : د.طه حسين و إبراهيم  الأبياري ج1      دار المعارف مصر المقدمة للدكتورين والشرح
(6) أبو العلاء المعري حياته وشعره : مجموعة من المؤلفين ص 59 - 60 , 131 - 132 - المكتبة الحديثة - ط1 1986م  - بيروت -
(7) أشهر المعاقين : زياد الطراونة ص 26 - 31   ط1 - 2010م  دار الطريق - عمان
(8) إنباه الرواة في أنباه النحاة ) : القفطي جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف - دار الفكر العربي 1986م-القاهرة
(9) أبو الطيب المتنبي ...حياته وشعره :بإقلام عدة كتاب - المكتبة الحديثة - بيروت - بلا
(10) ديوان المتنبي : المتنبي - شرح علي العسيلي - مؤسسة النور للمطبوعات - 1997 - بيروت           

CONVERSATION

0 comments: