محمد دحلان والاصفار الكبيرة/ عطا مناع

كان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح قد وصف نتائج المفاوضات الغير مباشرة بالصفر الكبير، ويعلن السيد دحلان عن استعداد الفلسطينيين الانتقال للمفاوضات المباشرة إذا توفرت العناصر الايجابية التي طالبت بها الجامعة العربية.

لم يأت السيد دحلان بجديد عندما وصف نتائج مفاوضات التقريب بالصفر الكبير، لكنة فتح الباب واسعاً لتقيم التجربة التفاوضية الفلسطينية والأداء الفلسطيني الداخلي الذي يدور في دائرة الصفر الكبير.

إن الصفر الكبير هو النتيجة الطبيعية والمنطقية للمفاوضات الغير مباشرة والمباشرة وكل الجولات التفاوضية التي خاضها الفلسطينيون مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وعلى المفاوض الفلسطيني الإقرار بان اللقاءات أو ما يسمى بالجولات التفاوضية منذ توقيع اتفاقية أوسلو التي ولدت ميتة باعتراف فلسطيني وإسرائيلي لم تخرج عن إطار العلاقات العامة، لا بل تعامل معها الإسرائيليون كقميص عثمان واتخذوا منها مبررا للمضي في تنفيذ سياستهم التضيقية والعنصرية التي تميزت بتصفية القضية الفلسطينية وتفريغها من مضمونها التحرري.

لقد وضع القيادي في حركة فتح محمد دحلان إصبعه على الجرح، ولكن السؤال المطروح على المؤسسات القيادية للشعب الفلسطيني؟ هل يكفي الاعتراف بفشل المفاوضات الغير مباشرة؟ ماذا بعد هذا الاعتراف؟ وما المتغير في المشهد الإسرائيلي الذي يدفع الفلسطينيين للذهاب الي المفاوضات المباشرة؟ ألا يحتاج المفاوض الفلسطيني لوقفة تقييميه ومراجعة نقدية للأسباب التي قلدتهم الي الصفر الكبير؟

بصراحة لا اعرف على ماذا نعول، لقد اعترف نتناهو بأنة افشل اتفاقية أسلو، ولا زال عتاة اليمين الإسرائيلي ينادوا بالمضي في الاستيطان في الضفة الغربية بشكل عام والقدس المحتلة بشكل خاص، واليمين الإسرائيلي أعلن بصلافة تنكره للحقوق التاريخية والمشروعة للشعب الفلسطينيين على ماذا نفاوض وهم يتنكرون لحق العودة!! ولماذا نذهب للمفاوضات المباشرة أو غيرها وهم لا يعترفوا بحقنا في الحياة ؟؟؟ أين الدولة الفلسطينية القابلة للحياة وأين حدودها وحدودها؟؟؟ ماذا عن المياه والمعابر وحرية الحركة؟

إن الاعتراف بفشل التجربة يقصر الطريق على القيادة والشعب، القيادة الفلسطينية التي لم تقدم لشعبها إلا الاصفار الكبيرة، قيادة تتصارع على مناطق النفوذ وتقسيم الكعكة، قيادة غلبت التكتيكي على الاستراتيجي والفصائلي على الوطني، قيادة قسمت الوطن وحولته لمزارع يسيطر تسيطر عليها مراكز النفوذ الفصائليه والشرائح المستفيدة من الانقسام، قيادة لا هم لها سوى امتهان كرامة المواطن الفلسطيني مرة بالعصا وأخرى بالجزرة، قيادة حولتنا إلى مجرد كائنات تنتظر لقاء ربها بأكفان الصمود القادمة من دول"الدعم والتصدي" العربية، قيادة لم تعد ترحم ولا تفتح المجال لرحمة اللة.
إن الصفر الكبير لا يميز المفاوضات الغير مباشرة فقط، الديمقراطية الفلسطينية الكذابة صفرُ كبير، وشعارات التشدق بحقوق المواطن الفلسطيني صفر كبير، وادعاء المقاومة صفر كبير، والضحك على الشعب باستنكار الانقسام صفر كبير، والحديث عن الوحدة الجغرافية بين الضفة والقطاع صفر كبير، هي أصفار تميز الوضع الفلسطيني الراهن الذي اتخذ من المواطن الفلسطيني رهينة لسياسات الاصفار الكبيرة التي تتمسك بالقشور وتتناسى مضامين الأشياء، أصفار كبيرة لم تعد تبالي بمصي الشعب ومستقبلة، ولو كانت غير ذلك لاختلفت أحوال البلاد والعباد.

قد يعرف السيد دحلان ماذا يختبئ لنا المستقبل من أصفار كبيرة، أصفار تحمل معها المزيد من الدمار لشعبنا الفلسطيني والاضمحلال لقضيتنا الوطنية، وقد يعرف السيد دحلان بحكم موقعة القيادي في حركة فتح إلى أين نحن ماضون، سواء بالنسبة للمشهد الداخلي أو التفاوضي، وإذا كان يعرف تفرض علية وعلى غيرة من قيادات الشعب الفلسطيني المكاشفة والوضوح ووضع الأسباب الكفيلة بالتخلص من الاصفار الكبيرة التي تميز الحالة الفلسطينية، فمفاوضات الاصفار الكبيرة ليس قدرنا، فنحن شعب يستطيع الصمود في وجه العنصرية الإسرائيلية، ونحن شعب لا يقبل الاصفار كانت كبيرة أو صغيرة، لأننا شعب القيادات الكبيرة التي دفعت حياتها ثمناً لتحرجنا من تيه الاصفار والتبعية.


CONVERSATION

0 comments: