الناشطة المقدسية عبير ابو خضير امرأة تستحق التكريم/ راسم عبيدات


...... في هذا الزمن الرديء يختلط الحابل بالنابل،حيث تقرأ وتسمع كل يوم عن رجال ونساء يتم تكريمهم/ن لدورهم/ن الانساني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي والوطني..الخ في خدمة شعبهم ووطنهم وقضيتهم وقدسهم،وأحياناً كثيرة وانت تقرأ الأسماء أو تسمع عنها، لا تعوزك الفطنة أو الذكاء لكي تدرك ان المكرمين/ات ولجوا ونالوا شرف التكريم ليس من خلال تلك الأبواب المذكورة،بل جزء منه له علاقة بالنفاق والتزلف الاجتماعي وفي إطار ترتيب و"تسليك المصالح" وأحياناً تلعب الاعتبارات الشخصية والحزبية والفئوية دوراً لا بأس به في هذا المجال،وبما يفرغ عمليات التكريم تلك من مضمونها ومحتواها،وبما يجعل احتفالات التكريم تلك عرضة "للتنكيت والتطقيس" من قبل الكثيرين من الناس العارفين ببواطن وخفايا الأمور والناس الذين جرى تكريمهم.

ولكن بما أن هذا الزمن على رأي الراحل الكاتب الجزائري الكبير الطاهر وطار هو زمن حراشي فكل شيء ليس بالمستغرب او غير المعقول،ومن هنا فإن مناضلة كالسيدة عبير ابو خضير التي وهبت نفسها واسرتها هي وزجها الاسير المناضل ناصر ابو خضير للوطن والقدس فهما لا تنطبق عليهما معايير ومقاييس تكريم هذا الزمان،فعبير وبدون شهادة من احد حاضرة في كل المناشطات والفعاليات الوطنية والجماهيرية والشعبية في المدينة ومدافعة شرسة وعنيدة ليس عن حقوق المرأة الفلسطينية فقط من زاوية الجندر،بل عن حقوق كل المظلومين والمضطهدين،ففي مسيرة للدفاع عن الجدار تجدها ،وأخرى للاحتجاج على مصادرة ارض او الاستيلاء على بيت أو عقار،او مسيرة تضامن مع الأسرى،أو مسيرات وطنية دعماً لصمود المقدسيين وبقائهم على أرضهم وفي قدسهم هي حاضرة،حاضرة وبشكل فعال ليس مجرد مشاركة عادية،بل تتقدم وتتصدر الصفوف،وهذا عرضها للاعتقال والقمع والتعذيب أكثر من مرة،وفي المرة الأخيرة يوم الأربعاء24/8/2011 عندما عادت عبير هي وأبنائها وبناتها (أصالة وصمود وديار) من زيارة زوجها ناصر الموقوف في معتقل عوفر،وما تحمله تلك الزيارة من مضايقات وتفتيشات مذلة ومهينة من قبل ادارة المعتقل بحق الأهالي،وبالذات لعبير وأسرتها،حيث أنهم كأسرة مستهدفين من قبل الاحتلال وأجهزة مخابراته،وما أن دخلت عبير البيت عصراً حتى اقتحم جنود الاحتلال وأجهزة مخابراته البيت،الذي تعودوا على اقتحامه عشرات المرات،من أجل اعتقال عنان ابن الأربعة عشر ربيعاً بتهمة المشاركة في القاء الحجارة على القطار الخفيف المار من أراضي شعفاط المصادرة لصالح قطار يستخدم أرض محتلة وفق القانون الدولي ولخدمة سكان المستوطنات المقامة أيضاً على أراضي شعفاط وبيت حنينا المصادرة،حضرت لاعتقاله مدججة بالأسلحة والعصي والهروات والغاز،حضرت بطريقة وحشية واستفزازية،من أجل ان تبث الرعب والخوف بين أفراد الأسرة،ولكن أسرة تعودت على ذلك لم يرهبها لا رصاص ولا غاز ولا هروات ولا غطرسة وعنجهية ولا ما تثيره القوة المقتحمة من جلبة وضوضاء،وقد طلب ضابط المخابرات المرافق للحملة العسكرية الكبيرة القادمة لاعتقال طفل بعمر الورد من عبير احضار بطاقتها الشخصية ومفاتيح سيارتها لمرافقتهم الى مركز تحقيق المسكوبية من أجل حضور التحقيق مع طفلها عنان،وقد أدخل عنان الى غرفة لكي يرتدي ملابسه كانت شقيقتاه أصالة وصمود تحاولان مرافقته والشد من أزره وحثه على عدم الخوف والصمود "انت بطل وأبوك بطل وطول عمرنا رافعين روسنا" وفي هذا الأثناء انهالت احدى المجندات عليهما بالضرب بالهراوة وساعدها أحد جنود الحملة حيث أمسك صمود من رقبتها وحاول خنقها،وتصف عبير هذا الموقف بالقول"تم احتجازي في زاوية المنزل ومنعت من الاقتراب من ابنتاي اللتان تتعرضان للضرب بشكل عنيف ووحشي وبعد نقاش وشد وجذب وصراخ أخلي المنزل واعتقل عنان،وأثناء حديثي مع القوة المهاجمة والمقتحمة،فجأة عاد الجنود الى المنزل من أجل اعتقال ابنتي صمود،وهنا بدأت بالصراخ والسؤال عن الحجة والذريعة لاعتقالها،وخلال ذلك حدثت مشادات ومشاحنات بيني وبين القوة المقتحمة،وقام الجنود بسحبي وجري من شعري لمسافة طويلة،لإبعادي عن صمود،رغم أنني كنت أقول الجندي اتركني أستطيع المشي لوحدي،ولكنه لم يكترث وفقدت على أثر ذلك الوعي،وخلال ذلك حضرت ابنتي أصالة لإسعافي والإطمئنان علي إلا أن الجنود سحبوني واعتدوا على ابنتي بوحشية بالضرب،وتضيف عبير بعد أن استعدت وعيي كانت أصالة معتقلة في سيارة شرطة وصمود في سيارة أخرى وكذلك ابني عنان في سيارة ثالثة،وأنا وضعت في سيارة أخرى"

ولم يتقف المسلسل الى هنا فمن شعفاط الى مركز تحقيق المسكوبية تعرضت أسرة ناصر ابو خضير الزوجة عبير والبنات أصالة وصمود والابن عنان الى الضرب بالهروات والأيدي على يد المخابرات والجنود والشتم والسب بألفاظ جارحة وبذيئة،وليستكمل الجنود والمخابرات طقوسهم السادية بالاعتداء على أسرة عزلاء في المسكوبية،حيث قام ثلاثة من رجال المخابرات بسحب عبير من شعرها وضرب رأسها بالحائط،ثم تم وضعها بين خزانتين والقيت عليها حاوية مليئة بالنفايات ،وبعدها وضعت الحاوية على رأسها،أما كريمتاها أصالة وصمود فقد تعرضن الى الضرب المبرح من قبل المجندات والجنود ورجال المخابرات،ناهيك عن السب والشتم بكل ما تتفوه به تلك العصابة من قذارة وأوساخ،وكذلك محاولة الاستهزاء من والدهن الاسير القائد ناصر ابو خضير الموقوف في معتقل عوفر.

هذا غيض من فيض مما تعرضت له عبير وأبنائها عنان وبناتها أصالة وصمود من تعذيب وتحقير قبل أن يفرج عنهم بالكفالة المالية والحبس المنزلي لحين المحاكمة.

أبناء وبنات يضربون أمام والدتهم،ودون مراعاة لأية مشاعر إنسانية،يضربون من أجل كي وعيهم ومن أجل ردعهم عن أن يكونوا عنواناً ورمزاً للصمود والمقاومة والتحدي.

أسرة بهذه المواصفات في هذا الزمن الرديء والحراشي،لا تستحق أن تكرم؟،أما الذين/تي لم يقدموا/ن للمجتمع او الوطن او القدس واحد بالمائة مما قدمت هذه الأسرة المناضلة تصبغ عليهم النياشين والأوسمة والالقاب فرسان الوطن والقدس ورموز التضحية والعطاء؟.

الاحتلال لا يفزعه أن تصبغ وتمنح الالقاب والنياشين والأوسمة والدروع لأناس لا يستحقونها،بل هذا مصدر سعادة للا حتلال،أما ما يفزع الاحتلال ويرعبه أن تمنح تلك الالقاب والأوسمة والنياشين لمن يستحقونها عن جدارة واستحقاق،ومن هنا رأينا كيف كان الاحتلال مرعوباً من مجرد تسمية دوار وإقامة نصب تذكاري للشهيدة دلال المغربي في رام الله،وكذلك رفض مجرد ان تقيم عائلة الحكيم جورج حبش بيت عزاء له في القدس،هؤلاء الذين يخافهم الاحتلال ويرهبهم أمثال الشهيدات شاديا ابو غزالة ولينا المغربي والمناضلة ليلى خالد وغيرهن من مناضلات وشهيدات شعبنا،فمجرد منح الأوسمة والنياشين والالقاب لمثل هؤلاء المستحقين/ات لها عن جدارة واستحقاق كابوس للاحتلال.

ومن هنا من واجب كل القوى والمؤسسات الاهلية والمجتمعية في القدس ان تكرم مثل هذه الأسرة،وفي المقدمة منها المناضلة عبير ابو خضير،هذه المناضلة هي وعائلتها مصدر فخر واعتزاز لهذا الشعب وهذا الوطن، وبمثل هؤلاء تسمو وتفخر القدس وفلسطين.


CONVERSATION

0 comments: