الديالكتيك بما هو فنّ الحوار!/ شوقي مسلماني

وقعتُ على منتدى يحاول فكراً وحواراً ديموقراطيّاً، لكنّ ذوي الأفهام يُقرّون بأنّ العبرة هي في الخاتمة. فإلى ما نقلتُه "أميناً ـ حرفيّاً"!.

ـ "يا عزيزي، أسلوبك يصيب الإنسان بالملل، لقد قلتُ لك مراراً إنّ الديالكتيك الهيجلي هو حالة خاصة من الديالكتيك بالمعنى الفلسفي العام! وأنت مصرّ على أن أقرّ لك أن الديالكتيك الهيجلي هو ذاته الديالكتيك بالمعنى الفلسفي العام ويبدو إنك تريد أن تجادل من أجل الجدال" .

ـ "الحقيقة هي إنّ الملل متبادل، تقول إنّ محاورات أفلاطون تطبيق للديالكتيك؟. نحن نتكلّم عن الديالكتيك كمبدأ فلسفي لوصف حركة تطور الفكر. افهموا يا بشر"!.

ـ "الفلاسفة يتكلمون عن الديالكتيك منذ أفلاطون وقبله، وهيجل يتكلم عن الديالكتيك بالمعنى الخاص، وماركس يطبّق هذا المفهوم على معنى أخص، ونحن نفهم ما يقصده كل واحد منهم، والبعض ممن يُحسَبون على البشر أشبه بالأصمّ فى حفل زفاف صاخب".

ـ "وصفتَ غيركَ بما فيك، فمفهوم ماركس عن الديالكتيك هو نفس مفهوم هيجل تماما، وهو مخالف للإستخدام اللفظي لأنه كان، ولأوّل مرة فى تاريخ الفلسفة، يصف حركة تطور الفكر. فأنت تتكلم عن شيء تجهله. وأحيلك إلى أي كتاب تبسيطي للفلسفة لكي تعرف خطأك".

ـ "الزميل البليغ أهلاً بك. لا أعرف لماذا تصرّ على تخطئة الدكتور على رغم كلّ الشروحات من الزملاء؟. عزيزي! إن الجدل كعلم عُرِف عند اليونان منذ زمن هيراقليطس، وهو كما ورد في المعاجم الفلسفية، وكما ورد في اللغات الأوروبية مشتقّ من أصول لغوية يونانية معناها "فنّ الحوار" ونجد بداية هذا الفكر ـ كما أسلفت ـ في الفلسفة اليونانية القديمة عند هيراقليطس، كما نجد جوانب منه في الفلسفة الحديثة مثل التي عند ديكارت أو سبينوزا وحتى عند كانط في نظريته الخاصّة بنشأة المجموعة الشمسية. يمكنك مراجعة دائرة المعارف الاشتراكية - محمد عبد الجواد ص 112 ـ مادّة: "الجدل". كلّ ما فعله هيجل إنه طبّق هذا المنهج الفلسفي في دراسة الظواهر الطبيعية والإنسانية بطريقة ديناميكية متطوّرة كما يقول الدكتور صابر طعيمه في كتابه "الإلحاد الديني في مجتمعات المسلمين". وقد تسلّح كارل ماركس وإنجلز بهذا الديالكتيك الهيجلي ولكن على أساس مادّي، ويمكنك التوسّع في المسألة بقراءة موسوعة الهلال الإشتراكية ـ مادة: "ديالكتيك". والآن أرجو ألا يتم تخطئة كل هؤلاء لمجرّد العناد. وأرى أن الأمر قد صار واضحًا للغاية، زميلي المحترم، وهناك أمر أهم من الخوض في هذه المسألة ألا وهو تفسيرك لتطوّر المادّة بناءً على المفهوم حول أزليتها. هل تعتقد بقوانين الجدليّة المادية الماركسية كقانون وحدة الأضداد في تفسير ذلك؟. أرجو أن أعرف ردّك".

ـ "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ، إِنّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمّ لَا تُنصَرُونَ. وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ".

ـ "عن "رأس المال" لماركس ـ المجلد الأول. يقول ماركس: يرى هيغل أن حركة الفكر التي يشخّصها ويطلق عليها إسم الفكرة، هي الإله الخالق، الصانع، أما أنا فإني أرى العكس: إن حركة الفكر ليست إلا انعكاساً لحركة المادة منقولة إلى دماغ الإنسان ومتحوّلة فيه. وقال انجلز: إننا كلينا، ماركس وأنا، كنا وحدنا تقريبا اللذين عملا لإنقاذ الديالكتيك الواعي بما فيه الهيغلية ذاتها وذلك بإدخال الديالكتيك في المفهوم المادي للطبيعة. فالديالكتيك هو إذن في نظر ماركس علم القوانين العامة للحركة سواء في العالم الخارجي أم في الفكر البشري. إنّ هذا المظهر لفلسفة هيغل هو ما تبنّاه ماركس وطوّره. ودخلتْ فكرةُ التطور في الوعي الاجتماعي ولكن عن غير طريق فلسفة هيغل، فهذه الفكرة كما صاغها ماركس وانجلس هي أوسع، في محتواها، من الفكرة الشائعة عن التطور".

ـ "ويرى هيجل إن الديالكتيك هو مبدأ الوجود الأساسي (الروح هي الوجود) وهو الشكل الذي تطوّر فيه الروح المطلق تاريخياً فينتقل في الإندماج بالوجود الى التحقق الكامل. أما بالنسبة لماركس فإن ّالديالكتيك هو حركة المادة ذاتها وليس حركة الروح. وهذه المادّة تتحرك وفقاً لقانون وحدة وصراع الأضداد، وهذه الحركة تؤدي الى تجاوز الحالة الأولى الى حالة أرقى للمادة، ويؤدي الصراع الطبقي في المجتمع، كما في المادة (وهو صراع الأضداد) الى تجاوز التشكيلة الإجتماعية السابقة الى تشكيلة أرقى. (قاموس المصطلحات السياسية، سامي ذبيان وآخرون ـ رياض الريس للكتب والنشر ـ الطبعة الأولى ـ لندن ـ 1990 ص 432).

ـ "للحقّ وجه واحد، ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ، ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب. "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذ هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ".

ـ "عزيزي! الاختلافُ بين هيجل وماركس ليس فى الديالكتيك ولكن فى الشق الآخر من الفلسفة وهو المادية فى حالة ماركس والمثالية فى حالة هيجل، وهو ما يشرحه النصّ الذى اقتبسته. الديالكتيك واحد بالنسبة لماركس وهيجل، فهيجل يبدأ من الروح وليس المادة، ولهذا فهو مثالى، أما ماركس فيبدأ من المادة، ولذلك فهو مادي، وأما طريقة التطور فواحدة: "الديالكتيك" وعلى هذا تكون فلسفة هيجل مثالية ديالكتيكية، أما فلسفة ماركس فمادية ديالكتيكية. وأكرّر: إنّ الاختلاف هنا هو فى الشق الثانى من الفلسفة: مادّي أم مثالي؟. أما الديالكتيك فهما لا يختلفان عليه".

ـ "مَن نقلَ النصّ بتسرّع لم يفهم إنه يتحدث عن الفرق بين هيجل وماركس. أسبقية الفكر على المادة أم أسبقية المادة على الفكر؟. وأعتقد إنه يتحدث عن ديالكتيكين مختلفين. يا إخواني لا يصحّ ما أنتم فيه. إن العلم يستلزم الدراسة الحقيقية والدقة والأمانة فلا يكفي أن تذهب إلى موقع على الانترنت وتقرأ سريعاً بهدف أن تنتصر فى حوار فتخطئ".

ـ "الزميل البليغ، أراك ما زلت تلفّ و تدور، هل في كلامك خلاف لما عليه كلام الأخ؟. إذا كنت تعتبر أن نقل ماركس لإستخدام الديالكتيك في المفهوم الهيجلي المثالي إلى مفهوم مادي ليس تطويرًا فما التطوير من وجهة نظرك؟ أوليس كلاهما يبحثان في دراسة الظواهر الطبيعية والإنسانية؟ أوليس استخدام المفهوم المادي للجدل بدلاً من المثالي يعتبر تطويرًا لدراسة تلك الظواهر باستخدام هذا النهج الفلسفي؟. والخلاف، منذ أول الشريط، هو حول معنى كلمة ديالكتيك، وأصلها، وأول من استخدم هذا العلم؟ وأنت تلف وتدور رغم وضوح المداخلات، مع كتابة المصادر والأدلة، وتجاهلتَ مداخلتي الأخيرة، ولا أعلم لماذا"؟.

ـ "دعنا يا عزيزي من مناقشة هذا اللغو ولنبدأ في ما هو أهم، فللمرّة الثانية أسألك ما هو تفسيرك لتطور المادة بناءً على المفهوم حول أزليتها؟. هل تعتقد بقوانين الجدلية المادية الماركسية كقانون وحدة الأضداد في تفسير ذلك؟. أرجو أن أعرف ردّك".

ـ "إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ".

ـ "عزيزى! ما الذى قدمتَه منذ أتيتَ إلى المنتدى سوى التمسّك بمفهوم ضيق جداً للديالكتيك، لا تفهم مغزاه، وهو تعريف نقلتَه أو حفظتَه مع لتّ وعجن وتكرار وسوء خلق وتشبّث أطفال".

ـ "يظهر إنه هذا ولد تايه يا جماعة الخير. والذي ألاحظُه إنه لم يفهم من الشيوعيّة الا مفهوم التناقض والصراع، وها هو يطبّقهما هنا بالكامل، فيقول: هيغل مثالي وروحاني وماركس مادّي وملحد، ومع ذلك يقول إنهما لا يختلفان، وجعل المادية الملحدة، والتي هي نقيض الروحية، والمثالية متساويتين ولا اختلاف بينهما ولا بين الرجلين. والكلام الذي اقتبسته ونقلته له كله عن الديالكتيك. ويقول إنّ الاختلاف بين هيجل وماركس ليس فى الديالكتيك ولكن فى الشقّ الآخر من الفلسفة وهو المادية فى حالة ماركس والمثالية فى حالة هيجل مع إنّ كلّ الكلام هو عن الديالكتيك، والاختلاف فيه بين ماركس وهيجل".

ـ "يبدو إنك لا تفهم، أي لا تتّهم غيرك إلاّ بما فيك. يا بني آدم! أنا لم أقل إنهما لا يختلفان، أنا قلت إنهما يختلفان فى شقّ من فلسفتهما ، ويتفقان فى الشق الآخر، هما يتفقان حول الديالكتيك ويختلفان حول المادية أم المثالية؟. أنت لا تفهم شيئاً عن الفلسفة ولا عن أي شئ نتحدث، وتُلقي الاتهامات الجاهلة. هل تفهم العربية أم أترجمها لك بالصيني"؟.

ـ "أنت قليل الذوق والأدب، تقول إنه لا يفهم شيئا عن الفلسفة وتستنكر ذلك، يعني أنت طبعا ضليع فيها وملمّ بها، أستطيع أن أفتح لك رابطاً وأناقشك فى الفلسفة ونشأتها وموضوعها وغاياتها ومنهجها، فهل تقبل ذلك؟. أرجو الإجابة بنعم أو بلا ودون مزايدات".

ـ "شوف يا أبو مريم، أنا مهذّب مع المهذّب وقليل الذوق مع قليل الذوق،
لقد أجبتُ على من قال إننى ولد تائه وخلافه، فهو من بدأ بقلة الأدب، وأنا أفعل السنّ بالسنّ والعين بالعين، وهذا حقي، فلا تجعلنى أمارس حقّي هذا معك أيضا"!.
Shawki1@optusnet.com.au

CONVERSATION

0 comments: