يلعن أبو الخوف الذي سكن في قلوبنا وعقولنا وحولنا لكائنات تنتظر ساعة الخلاص، وينعل أبو المصالح المغمسة بدم الفقراء الذين تحولوا من حطب للثورة إلى ضحايا للانقسام والتشتت والتشظي الذي ينهش كرامتهم كل يوم.
جاءني الصوت من مخيم جباليا واضحاً، الخوف يسيطر على الناس، والخوف في زمن الانقسام ليس إحساسا بعدم الأمان، الخوف في زمن الانقسام ليس زنزانة أو عصا تنهال على راسك، والخوف ليس عيون تراقب تحركاتك وضجيج نبضك الرافض للحالة التي أوصلتك للدرك الأسفل، الخوف أعمق من كل هذا، إنهم يحاولون احتلالك والسيطرة على أنفاسك.
الخوف تحول لسيف مسلط على أسرتك وكرامتك، يختارون ما شاءوا من التهم حتى التي لا تتناسب مع مقاسك، فأنت حشاش في نظرهم، أنت داعر، أنت المواطن الغير صالح طالما رفعت صوتك ضدهم، فحذار من رفضك، وحذار من صوتك، فصوتك عورة.
مسموح لك المشاركة في المسيرات والاحتجاجات التي تتقاطع مع مصالحهم، لقد حددوا لك المساحة، بايعهم كما شئت، وسبح باسمهم ليل نهار، العن الطرف الأخر، فالأخر هو المخرب والمنقلب والجاسوس وصاحب الأجندة السوداء، لكن عليك البقاء في المساحة المخصصة لك، فأنت في نظرهم كما البغل الذي تقيده الشوافات، ممنوع عليك النظر إلى الأمام، وتحرك كما شئت في مساحتك المحددة، وعليك الحذر من اقتحام المحرمات.
لك الحق أن تكون بطلا في بلعين والمعصرة والنبي صالح، اهتف كما شئت، والعن الاحتلال، تنشق الغاز المسيل للدموع، ولا باس من المياه الوسخة والرصاص المطاطي، فأنت سيد المساحة، وسيد المقاومة الشعبية، أنت هنا سيد الموقف أيها الحر، ولكن عليك احترام المساحة والحدود.
احذر شوارع غزة ورام للة، هي ليست لك، لا تأخذك العزة بالرأي، ولا تصدق كل ما يقال، ولا تصدق أنهم يريدون إنهاء الانقسام، يا سيدي هذا كلام فضائيات، وتكتيك يا "جاهل"، وإذا كنت لا تصدق حاول مرة أخر، سيخرجون لك من حيث لا تحتسب، وستكون أنت المخرب المتمرد على قوانينهم، لذلك عليك أن تحترم المساحة، تستطيع أن تخرج في شوارع غزة لتلعن رام للة كما شئت، فأنت في مساحتك بطلاً، ومن حق رفع الصوت في شوارع رام اللة ضد غزة أيها البطل.
اللة يلعن أبو الخوف والصوت الواطي والابواق الكذابة وثقافة المساحة المسموحة والشوارع المحرمة على ساكنيها، ولكن تذكر انك تصنع خوفك، وانك تصنع قدرك، الم تسمع بالذي قال أن الشعوب أذا هبت ستنتصر، وان الشعوب وحدها قادرة على صناعة تاريخها بالطريقة التي تريد، يا سيدي آنت تسكن الخوف والخوف يسكنك، فتمرد على خوفك وأعلن عصيانك، فما أحوجك إلى العصيان على ذاتك، وتذكر أن عليك قرع جدران خزانك.
فلسطين لك، والعلم لك،والتاريخ والمستقبل، أنت لست عبداً في مزارعهم، ولست ملكية خاصة للناطق الرسمي، فالناطق كذاب، والناطق رقاص، والناطق عبدا لمصالحة التي بناها على فقرك وقهرك وكرامتك يا عامل الحصمة ويا أيها الميت الحي في الأنفاق وأنت الذي تمارس العمل الأسود في المستوطنات، صدق حدسك ومن سبقوك إلى الشارع، فالشارع كرامة، والشارع وطن، والشارع هو العصيان ورفض الاستكانة للقائم.
أعلن عصيانك، وارفع رايتك السوداء، لتتشح بلدك بالسواد احتجاجا، ولتغلق عينيك فأنت لا ترى ولا تسمع تضليلهم، ارفع صوت المكتوم في وجه الموت الساكن قي داخلك، طالب بحقك في حريتك فالحرية تأخذ ولا تعطى، افرض عليهم سلطة الشعب، لا تصلي وراء الإمام القاتل، ولا تصفق للقائد القاتل، وقاطع الفاسد والجاحد، عد إلى شارعك وأعلن صحوتك، واصرخ بأعلى الصوت فليسقط الانقسام، وقلها بالفم المليان لا صوت يعلو فوق صوتك فانت الشعب صاحب البوصلة.
العن خوفك، وأعلن رفضك، وجاهر بعصيانك، وقلها لا كبيرة لقمع الحريات، انزل لشارعك وتوحد معه، فبعصيانك تعود إلى بلدك وتعود إليك، كن معك ولا تكن معهم، ففلسطين لك لا لحماس ولا للسلطة، فلسطين لكل الفلسطينيين، للأموات منهم قبل الأحياء، فلسطين للقادمين بعد مئة عام، احفادك الذين لهم الحق في الحياة، حياتهم بين يديك لا تساوم على حق احفادك في الحرية والكرامة.
تذكر أيها الموطن الذي هو أنا، أن الانقسام أنفاق ابتلعت المئات من إخوتك، والانقسام عمال حصمة يجابهون الموت من اجل رغيف الخبز الذي تحول لرصاصة، الانقسام فساد ومحسوبيات، والانقسام مراكز قوى وعصابات، تذكر أن الذي يقتل في الشارع باسم الوطن ليس فلسطيني، وتذكر أن الذي يعتقل ويشبح ويعذب ويغتصب ويفرط لا ينتمي إلى مساحتك، فمساحتك هي الوطن ومساحتهم أيضا، لكنهم ضلوا الوطن وأضاعوا البوصلة التي هي فلسطين وليس انقسام.
0 comments:
إرسال تعليق