لم يكن التناغم بين تيارات وشرائح المجتمع الفلسطيني سابقا كما هو اليوم ومن اجل أن تصبح ( وزيرا فسطينيا ) عليك أولا أن تتخلى عن انتمائك التنظيمي وتتجرد من أي صفه تنظيمية وتلتحق بإحدى مجموعات المستقلين في غزة او الضفة الغربية .. وهنا لا بد من الإشارة الي أن جماعات المستقلين في غزة هي ولدت من ( رحم حماس في ظل الانقلاب ) حيث شجعت الحركة العديد من الاتجاهات ودعمت اطر المستقلين وعملت علي تشكيل اطر أخرى تحت مسميات وجمعيات مختلفة تأخذ علي عاتقها متابعة أمور الحركة علي المستوى السياسي او الإعلامي او الجماهيري او قضايا المصالحة المختلفة ضمن أفكار وأيدلوجيا حركة حماس وبما يخدم إستراتجيتها القادمة وللمستقلين في الضفة الغربية أشكال أخرى فهي مجموعات عملت ضمن أطار مؤسسات دولية نشطت في الآونة الأخيرة تحت اسم المستقلين ومن خلال ذلك يمكن أن نستنتج أن لا وجود للمستقلين سوى ( الاسم فقط ) وان الجميع يدور في فلك معروف وخدمة أيدلوجيا معينه سواء كانت يسارية او أسلامية ..
اليوم وبعد ( إعلان الدوحة ) نشطت ما يسمى بجماعات المستقلين وهيئات تحت أسماء مختلفة وأصبحت تنشر أسماء وزراء وتقترح أسماء آخرين وتسوق أسماء لشغل مناصب وزارية من اجل خدمة أطار المستقلين وتوجههم وباتت ( عملة المستقلين ) عملة نادرة وأسواق رابحة في المجتمع الفلسطيني بعد أن انحصرت الخيارات الوطنية في هذا النطاق علي حساب الجهد الوطني .. وأصبح العديد من الأشخاص والسياسيين التفكير بإطلاق صفتهم تحت مسمى مستقل لكي يسوق نفسه بعيدا عن الأحزاب السياسية سواء اليسارية او الإسلامية وهذا يعكس مدى تورط الكل في المستنقع السياسي الذي أصاب أصحابة بورطة كبيرة يصعب تجاوزها بعد أن أصبحت تعكس مردود سلبي علي القيادات العاملة بها ..
ومن اجل أن تصبح مستقل عليك أن تعمل علي إعلان وفتح صفحة جديدة لك علي الفيس بوك وتقيم موقع إعلامي وتصدر كل يوم بيان سياسي تعلق فيه علي مجريات الأمور وان تكون معارض للجميع وان تعلن انك شخصية مستقلة لا تنتمي الي فتح او حماس او التوجه اليسارى وبذلك تصبح شخصية مستقلة وان تتصل بالسفارات الأمريكية او القطرية او المصرية او الأردنية او بعض الدول الأوروبية المهتمة بالشأن الفلسطيني الإسرائيلي وان تتصل بجهاز المخابرات العامة المصرية او المخابرات العامة في الأردن لتقدم موقفك السياسي بشكل مرن وبسيط وتفتح سلسلة من العلاقات وتنسق بعض اللقاءات وعليك أيضا استرضاء حماس في غزة لتسوق مواقفك تجاه قضايا المصالحة والتهدئة مع إسرائيل ..
في ظل هذا التناقض الواضح ندعو الله أن يساعد الرئيس محمود عباس علي مهمته الصعبة وان يوفقه الله في اختيار المرشحين للوزارة الجديدة بحكم انه أصبح رئيس الوزراء القادم لحكومة الكفاءات الوطنية الفلسطينية وان يأخذ بيده ويعاونه في تحديد الموقف والتنسيق للخروج من هذا الموقف الصعب ..
ونحن نعترف هنا بان هذه المهمة في غاية الصعوبة والتعقيد وليس من السهل أن يتمكن شخص ما من اختيار حكومة وطنية بعد ست سنوات من الانقسام والمعاناة تأخذ علي عاتقها المضي بالشعب الفلسطيني نحو بر الأمان وتحمي الشعب وتشرف علي انتخابات حرة نزيه وطنية مستقلة بعيدا عن التزوير وتحدد المستقبل للشعب الفلسطيني ..
ان تشكيل الوزارة في ظل هذا الكم الهائل من الأسماء ومن المستقلين يدفع الجميع بان يكون أمام خيار صعب أما أن نكون او لا نكون نتمكن من القفز عن المصالح الشخصية والفئوية وان يتنازل الوزراء المستقلين لبعضهم البعض من اجل إتاحة الفرصة نحو تشكيل وزاري قوي وأشخاص فعلا مستقلة وحكومة كفاءات بعيدا عن ( الاستزوار ) او اللهث وراء الوزارة من قبل تيارات المستقلين المختلفة والتي تفوق التنظيمات الفلسطينية بعدد قيادتها المتجددة ..
إننا أمام خيار صعب وللحقيقة وجه واحد لا وجهين حيث أن أول مهام أمام الوزارة هي وحدة الضفة وغزة وإعادة بناء ما دمره الانقسام وتكوين مؤسسة فلسطينية واحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء مؤسسة مدنية او أمنية او شرطية وهذا يعني أن الجميع أمام مسؤولية ليست بالعادية بل هي مسؤولية وطنية تعكس قوة وحضارة الشعب الفلسطيني بعيدا عن إرهاصات الأحزاب السياسية القائمة او اللغة الضيقة والفئوية والنظرة السطحية لمعالجة الإشكاليات القائمة ومن اجل وطن فلسطيني لكل الفلسطينيين ..
رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق