الخوفة ""
يحدث أحيانا، أن لا يتمكن الرجل، لسبب من الأسباب، من الدخول بزوجته، ليلة زفافها إليه، فيعطونه فرصة للمحاولة مرة أخرى، ويتم وضعه تحت المراقبة، والسؤال المستمر من الأم والأب. فإذا ثبت للأهل، عجزه عن ذلك، فإنهم يعزون السبب، ابتداء، إلى الرهبة والخوف، وهو ما يسمى في العرف الشعبي " الرهبة" أو"الخوفة" . و يقصدون بذلك، أن الرجل " الزوج "، أصيب بالذهول الشديد، أو الصدمة الكبرى، لأنه لأول مرة في حياته، تنكشف له امرأة، ويخلو بها، فلا يدري ما عساه أن يفعل معها، ولكنه يريد أن يعبر عن فرحته ودهشته. وقد تكون تلك الزوجة، جميلة، فيرتخي الرجل أمامها، من فرط إعجابه، وتعجبه مما رأى، الأمر الذي يذهب بقوته وقدرته، على الدخول بزوجته. تقول العامة : .. شاف إشي عمره ما شافه ! .
و تبدأ مراحل علاج هذه الظاهرة، بتشجيع الزوج على تكرار المحاولة، مرة تلو مرة. فإذا عجز عن ذلك، فإن الأب، والأعمام، والأخوال، يتدارسون الأمر فيما بينهم، ويعمدون إلى معالجة الزوج، بالطرق المختلفة. وقد وقفنا على بعض الطرق الشعبية، المتبعة بخصوص هذه الظاهرة. ففي قرية ما، شمال الأردن، طلب الأب من ابنه " الزوج " أن يرافقه إلى المدينة، لقضاء بعض الحاجات، وصعد معهما في السيارة نفسها " البكب "، اثنان من أعمام الزوج، وخاله، وفي أثناء الطريق، انتهز العم فرصة شرود ذهن الزوج، وعدم انتباهه، وأطلق رصاصة من بندقيته، بين قدمي الزوج، ثم شده من شعره، واخذ يهزه من كتفيه، بعنف، وهو يصيح به : .. صير زلمة ! لا تخاف ! .. الخوف للنسوان ، انت بدك تفضحنا ؟!.. شو يقولوا علينا الناس؟ مش قادر لمرة؟. ثم أفصحوا له عن أمرهم، ونصحوه .
وذكر لي آخرون، في قرية جنوب الأردن، أن جماعة عمدوا إلى إلقاء ثعبان، بين فخذي رجل، عجز عن الدخول بزوجته. و مثل ذلك كانوا يفعلون، في القرى والأرياف، والبادية، وإن اختلفت الطرق، فإن الهدف هو، مقابلة الخوف والرهبة، بخوف اكبر منه، يطرده، ويفجر طاقات الرجل العاجز، ويمنحه القوة، و الثقة بالنفس، عند حصول المفاجأة . وكانوا يعمدون إلى معالجة الرجل المصاب بالعجز الجنسي، بالغذاء المفيد، فكانوا يطعمونه خصي التيس، أو الكبش، أو البعير، باعتبارها أكثر فحولة من غيرها، فهم يريدون الشخص فحلاً مثلها، وعلى ذلك فهم يداومون على إطعامه هذه ألخصي، حتى يبرأ . أما إذا لم يتماثل للشفاء، فقد كانوا ينتخبون من بين الدجاج ديكاً، ذا عرف طويل، مشهود له بالممارسة الجنسية، فيذبحونه، ويطبخونه مقلياً بالبصل، وزيت الزيتون الأصلي، ويضعون عليه التوابل، والبهارات بكثرة، ويطلبون من الشخص المصاب، أن يأكل الديك كله، ولا يبقى منه شيئاً .
وكانوا يذهبون بهذا الرجل إلى العطارين، فيصفون له غذاء ملكات النحل، فإذا لم يتوافر، فالعسل، والزنجبيل، أو ينصحونه بتناول أنواع المكسرات، كاللوز ، والجوز ، والفستق ، والبندق، والصنوبر، و غيرها. و كانوا يشيرون عليه، بسحق هذه المكسرات، وهرسها، وخلطها بالعسل، ثم تناولها باستمرار كل صباح و مساء.
أما العرافون، وصناع الحجب، فقلة من الرجال من كان يذهب إليهم، وكأن الناس اتفقوا فيما بينهم، أن هؤلاء من اختصاص النساء فقط . وإذا حصل أن ذهب الرجل إلى العرافين، فانه يكون مدفوعاً من قبل امرأة، لها تأثيرها البالغ عليه، كأن تكون أمه، أو جدته، فيتقبل الأمر على مضض، ويذهب غير مؤمن بما يقوله العراف، أو ينصح به .
وفي المدن أيضا، كانوا يفعلون كما يفعل الناس في القرى، والأرياف، والبادية، غير أنهم اخذوا يلجئون إلى الطبيب، لمعالجة هذه الظاهرة و غيرها .
ولا يعدم هذا، وجود بعض المعتقدات الشعبية، التي يؤمن بها الناس، على الرغم من ثبات بطلانها، بدليل أن العرافين، والعطارين، وصناع الحجب، لهم سوقهم، و يجدون إقبالا عليهم من الناس .
0 comments:
إرسال تعليق