إن تولى مرسي الرئاسة ... لا أمان
وإن تولى شفيق الرئاسة ... لا إستقرار
الشارع المصري في حالة هيجان وغضب وعدم إستقرار . تتقازفه تيارات كثيرة وكلها متضاربه فيجد المواطن المصري البسيط نفسه حائرا بين التيار الأسلامي الذي له في قلبه ووجدانه مكانة تعمقت عبر سنوات وسنوات منذ دخول الإسلام مصر وتعاقب الحكام المسلمين على حكم مصر وازداد الفكر الإيماني المسلم في تفكيره وتصرفه وتعامله مع مقتضيات الحياة اليومية ، وأصبح المسجد هو المصدر الأساسي لتوجهاته اليومية ومعيشته . لذلك كان ومايزال إمام المسجد هو المؤثر الحقيقي في تكوين شخصية الشارع المصري . ومن الطبيعي إلى جانب الإمام يكون وجود مشايخ الفقه والفتوى تأثيرات مباشرة على الناس خاصة في أيامنا هذه التي أصبح فيها العالم قرية صغيرة يمكن معرفة كل شيء ومتابعة آي شيء قد يحدث أو يحدث في أي شارع أو حتى حارة صغيرة في أي قرية أو مدينة أو بلد في العالم . ومن الطبيعي التكنولجيا الحديثة عبر الأثير إن كان تلفزيونياً أو إذاعياً عبر فضائيات قربت الوصال والمشاهدة بصورة إعجازية مما أصبح فيه الأنسان يشاهد ويسمع ويقرأ أي شيء لحظة صدوره مهما كان بعد المسافة بين قائل الخبر ومستمعه أو مشاهده .
مع كل هذه التغيرات التي أثرت تأثيراً فعلياً وجوهرياً في حياة وتفكير وتصرفات شعوب كثيرة آمنت بالديمقراطية وحقوق الأنسان في العالم الغربي ومن سار على نهجهه . نجد عكس هذا يحدث في الدول العربية بالتحديد التي تعيش مدنية الحياة الجديدة لكنها لا تطبق شيئاً من الديمقراطية ، ولا تعترف بما يطلق عليه حقوق الأنسان ويعتمدون على ما تنص عليه التشريعات الدينية السماوية في طرق معيشتهم . بل أنها إزدادت بزيادة مشايخ الفتاوى الذين أصبحوا العقل المفكر للإنسان العربي مهما إرتقت درجاته العلمية .
لذا أصبحت الديمقراطية رجس من عمل الشيطان يجب إبعاده والبعد عنه فلماذا نحتاجه وعندنا شريعتنا الإلهية السماوية التي حددت للإنسان المسلم طريق حياته الذي ينقله إليه رجال الفقه والفتوى من مشايخ وعلماء دين ؟! . هذه حقيقة .. لماذا الأحتياج إلى الديمقراطية وكل هذه الهرطقات !!
هذا الفكر الرافض للديمقراطية وحقوق الإنسان أوجد الشخصية المزدوجة التي تتبع السلف الصالح علناً وتؤيده بل وتكون أشد تطرفاً وتشدداً عن من ينادون به ، وفي الخفاء يتمتعون بالديمقراطية ويؤمنون بحقهم في الحياة والتمتع بها . وهذا في قسم كبير من رجالات السلطة والمال وبدون شك بعضا من رجال الفقه والدين في جميع البلاد العربية المسلمة ومعظم البلاد الإسلامية غير العربية .
هذا يأخذنا إلى ما يعاني منه الشارع المصري حالياً من هيجان وغضب وعدم إستقرار بسبب تصارع من يريدون حكم مصر بعد سقوط نظام مبارك والإعتقاد بسقوط الجمهورية الأولى من حكم العسكر بحكم إسلامي تطبق فيه الشريعة ويكون الدستور فيه إسلامياً وتتحول مصر إلى دولة إسلامية " على الرغم أنها كذلك منذ دخول العرب " . لكن المقصود هنا هو التأكيد على أن تكون مصر إسلامية في كل مناحي الحياة وبالقانون ومن يخالف أو تخالف يطبق عليع وعليها حكم شرع الله . وتصبح مصر إيراناً أخرى أو بنجلادش أو الصومال أو أفغانستان ومن الطبيعي لا بد وأن يخضع كل من هو غير مسلم مهما كان دينه أو فكره أو إنتمائه الفكري. الحجاب لجميع نساء مصر واللحية والسروال لجميع رجالها ويكون لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سُلطة رجال الأمن يوجهون الناس الوجهة التي تروق لهم . لا فن ، لا بنطال للمرأة ، لا تعليم لها ولا مكان لها في إدارة شئون البلد والنقاب أفضل لها من الحجاب والمنزل هو مكانها والعودة إلى ختان البنات وزاجها في سن صغير . أما عن الأقليات إن كانت مسيحية أو نوبية أو بدوية سوف تكون تحت نير الظلم من الجماعات الأسلامية المتشددة .
وهذا بدون شك سوف يتم لو أن الأخوان والسلفين أصبحوا القوة الحاكمة في مصر بعد أن تكتمل سلسلة الحكم بفوز الدكتور محمد مرسي بكرسي الرئاسة . سنجد أنفسنا نحكم بنظام رفضه الشعب فإذ بنا نراه في صورة الأخوان والسلفين .. الرئيس منهم ، نواب الرئيس .. منهم ، البرلمان بشقيه ... منهم ، رئيس الوزراء والوزراء ... منهم ، المجالس المحلية ... منهم ، المحافظين ... منهم ، ومن الطبيعي لا وجود لغيرهم من الشعب المصري مسلماً أو مسيحياً . إن كان مسلماً أن ينضم لهم ويصير عضوا في جماعة الأخوان أو السلفين ، أما المسيحي فعليه السمع والطاعة ولا مكان له في إدارة شؤون البلاد ولا يحق له الألتحاق بالقوات المسلحة أو الشرطة ، ولا رئاسة أي عمل حكومي . وبهذا لا أمان سيكون في مصر لأحد إلا لأتباعهم من المسلمين و لأصحاب الشخصية المزدوجة التي أشرت إليها سابقاً .
وهذا ظهر واضحاً وجلياً في الفترة التي تولت فيها التيارات الأسلامية السيطرة على أول برلمان منتخب بعد سقوط نظام مبارك فقد أظهروا وجههم الحقيقي وما سيقمون بفعله دون مواربة وبكل بجاحة وصراحة مما جعل كل مصري يتوجس الخوف منهم ويفقد الثقة بهم وبدأت المعارضة ونجاح الدكتور مرسي في الجولة الأولى للأنتخابات لم يكن من غالبية الشعب المصري بل كان من التنظيم الأخواني فقط وبدون مساهمة السلفين الذين إصطفوا وراء الشيخ حازم أبو إسماعيل ثم الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح . وطبيعي ليس من الأقباط المسيحيين الذين تيقنوا من خديعتهم عندما وضعوا نائباً لرئيس الحزب " الحرية والعدالة " الإخواني نصرانياً " على حسب قولهم " لا يهش ولا ينش ولا صوت أو كينونة له .
وهنا حقيقة أقول دون تردد :
إن تولى مرسي الرئاسة ... لا أمان في مصر .
والأن بعد أن تحدثنا عن ما يمكن أن يحدث لو أن الدكتور محمد مرسي تولى كرسي الرئاسة لمصر . وأعتقد أن ما كتبناه هو الحقيقة .
نأتي لو أن الفريق أحمد شفيق هو الذي سيتولى كرسي الرئاسة لمصر ما الذي يمكن أن يحدث .
الفريق أحمد شفيق مرشح الفلول لكرسي الرئاسة والمستبعد من قبل التيارات الأسلامية الذين أصدروا قانوناً أطلق عليه قانون العزل السياسي الذي أعتمد فيه من أصدروا القانون على أنه كان رئيساً للوزراء كما عينه الرئيس السابق حسني مبارك بعدما قامت ثورة 25 يناير عام 2011 .
قيل الكثير عن سبب إختيار الرئيس السابق مبارك للفريق شفيق لتولي رئاسة وزراء مصر في أدق وأحرج فترة واجهها مبارك في حكمه .
لن أذكر شيئا مما قيل ففيه مديح عنه ، على عكس ما حاولت التيارات الأسلامية من تشويه صورته أمام الشارع المصري الذي إن دل على شيء إنما يدل على خوف هذه التيارات من وجوده خصما في سباق الرئاسة .
إنتهت إنتخابات الرئاسة بإعادة بين كل من الدكتور محمد مرسي عن حزب " الحرية والعدالة " الذراع السياسي للأخوان المسلمين . جاء في الترتيب الثاني بفارق قليل الفريق أحمد شفيق .
تمت الأنتخابات .. إنتخابات الأعادة وأعلن منسقي حملة الدكتور محمد مرسي أنه فاز وهو الرئيس .. رئيس مصر .
قيل الكثير عن تلك المبادرة المستعجلة لأعلان مرسي رئيسا لمصر وبدأ الحديث عن قسم اليمين وأين سيكون . إختار البعض ميدان التحرير ليؤدي د. مرسي اليمين هناك وسط الشعب على الرغم من أن نتيجة الأنتخابات لم تكن قد أعلنت بعد .
نفس الخطأ وقع فيه منسقي حملة شفيق بإعلان فوز شفيق بالرئاسة مع فارق أنهم لم يقوموا بما قام به أتباع مرسي .
تقدم كل جانب بطعونات بلغ عددها 440 طعنا لمخالفات حدثت من كلا المتنافسين . تم تأجيل إعلان نتيجة الأنتخابات إلى حين الأنتهاء من النظر في تلك الطعونات من قبل اللجنة العليا للأنتخابات الرئاسية المسؤلة عن ذلك .
الشارع المصري في حالة غليان بعد صدور المجلس الأعلى للقوات المسلحة للأعلان الدستوري المكمل ، وحل البرلمان ومليونية اليوم الجمعة التي ستتجه إلى ميدان التحرير مطالبين بإلغاء الأعلان الدستوري المكمل وحل البرلمان .
لو فرضا فاز الفريق أحمد شفيق . ماذا سيكون عليه الوضع في مصر ؟
بدون شك دون تردد أقول:
إن تولى شفيق الرئاسة ... لا إستقرار .
ونسأل .. ما العمل ؟!
مصر أصبحت بين سندان الأخوان ومطرقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأصبح الصراع بينهما علنيا ونخشى ما نخشاه أن يؤثر هذا الوضع على الأوضاع المتدهورة في مصر . ولا أحد بيده زمام الأمور والقدرة على العمل الفعلي لتهدئة الأمور وإصلاح ذات البين وتجنيب مصر حرباً أهلية غير المجلس الأعلى للقوات المسلحة .
أمام هذه الصورة المحزنة والمؤسفة التى وصلت إليها الحال في مصر . إذا كانت نتيجة إنتخابات الأعادة لصالح د. مرسي بدون شك لا أمان . إذا كانت النتيجة لصالح الفريق شفيق بدون شك لا إستقرار. فأين المفر ؟؟!!
زد على ذلك ما يحدث على حدود مصر مع إسرائيل ، والتهديد بالتحكم في مياه نهر النيل كما جاء في هذين الخبرين .
إسرائيل بدأت التحرك والتحرش في سيناء .
إثيوبيا تهدد ببناء سد النهضة ، أو ربما تكون قد بدأت بالفعل البناء . وهذا سيؤثر تأثيرا كبيرا على مصر .
كلمة أهمس بها في أذن السيدة هيلري كلينتون مسؤلة الخارجية الأمريكية .. نرجوكي .. نرجوكي لا دخل لأميركا بالشأن الد اخلي لمصر . لا نريد تدخل أحد بإملاء ما نفعله أو ما لانفعله .
وأختم بالدعاء الذي يردده كل محب لمصر..
إحفظ بلادنا يارب .. إحمي أراضيها ..
0 comments:
إرسال تعليق