الشهيد بيار أمين الجميل انتقل من الموت إلى الحياة/ الياس بجاني


اللبنانيون أبناء رجاء وإيمان وتقوى وشجاعة وصمود وشهادة وهم لن يدعوا تحت أي ظرف قوى الشر والإرهاب أن تنجح في قتل وطنهم واستعبادهم وقهر إرادتهم الحرة مهما كانت التضحيات. ووطناً كلبنان شبابه على استعداد دائم ليفتدوه بأنفسهم هو محراب أزلي لن تقوى عليه قوى الظلامية.
لبنان وطن الرسالة والقداسة ورغم كل العثرات والصعاب باق، باق، بفضل تضحيات شبابه، وكل شهيد يقدم نفسه على مذبحه هو قرباناً يقوي صموده ويعزز وجوده ويصون عزة وكرامة أهله. نحن نؤمن أننا لا نموت بل نرقد على رجاء القيامة بانتظار يوم الحساب الأخير، والرب هو الذي وهبنا نعمة الحياة وهو وحده الذي يقرر متى يستردها وليس أي مخلوق بشري وترابي.
اليوم ونحن نصلي في الذكرى السادسة لراحة نفس الشهيد الشيخ النائب بيار أمين الجميل نردد بإيمان وخشوع مع النبي أيوب: "عرياناً خرجت من بطن أمي، وعرياناً أعود إلى هناك، الرب أعطى والرب أخذ تبارك اسم الرب". (ايوب01/21).
بيار أمين الجميل لم يمُت لأن الشهداء لا يموتون وإنما باستشهادهم ينتقلون من الموت إلى الحياة الأبدية حيث لا ألم ولا عذاب، بل فرح وسعادة وهناء. فالشهداء الأبرار هم حبة الحنطة التي تموت لتعطي الحياة: “إِنْ لم تَقَعْ حبَّةُ الحِنطةِ في الأَرضِ وتَمُتْ بَقِيَتْ وحدَها، وإِذا ماتَتْ أَخرَجتْ حَبَّاً كثيراً، مَنْ أَحَبَّ حياتَهُ فَقَدَها، ومَنْ أَبْغَضَها في هذا العالمِ حَفِظَها للحياةِ الأَبديَّة." (يوحنا 12/24 ).
إن تعلقنا بلبناننا الحبيب حتى الشهادة يعزينا ويقوي إيماننا ويرسخ الرجاء في نفوسنا ويساعدنا على تقبل غياب الشهداء الأبرار برضوخ كامل لمشيئة أبينا السماوي وهم لا يموتون بل يبقون أحياء في وجداننا وضمائرنا وقلوبنا وعقولنا.
إن الله هو محبة، والمحبة بجوهرها تتميز بالعطاء والبذل والتفاني سواء من الناحية الجسدية أو الناحية الروحية. لذلك فإن الشخص المؤمن والمعطاء والصادق هو بطبيعته إنسان نقي وتقي وشفاف وصادق ومحب يخاف الله الذي حلقه على صورته ومثاله. والإنسان المحب يجهد بفرح كبير ليكون خادماً لغيره ولوطنه في كل المجالات، لا لأنه مطالب بهذا، وإنما لأن الخدمة هي في صلب طبيعته ونفسيته وثقافته، ومكون أساسي من مكونات كيانه الإيماني. ففي خدمة الآخرين يشعر بالحب ويتغذى روحياً من تقديم الخدمات أكثر مما يغذي غيره بها. وإذا كانت الخدمة هي من عمل الملائكة (عبرانيين14:1)، فكم بالأولى البشر. "ومن أراد أن يكون الأول فيكم، فليكن لكم عبدا، وهكذا ابن الإنسان جاء لا ليخدمه الناس، بل ليخدمهم ويفدي بحياته كثيراً منهم". (متى 20/27 و28)
قال أبينا غبطة البطريرك صفير في أحدى عظاته: "إن الوطن الذي لا يفتديه شبابه بأرواحهم لا يستمر ويزول"، ونحن نؤمن بأن "ما من حب أعظم من هذا: أن يضحي الإنسان بنفسه في سبيل أحبائه". (يوحنا 15/13).
الشهيد لا يطلب شيئاً لنفسه من مقتنيات هذه الدنيا الفانية، وإنما يسعي لنيل بركات الله ليستحق عن بجدارة أفعاله وإيمانه العودة إلى منزل أبيه السماوي. "ماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه". (متى 16/26). الشهيد هو قربان طاهر يقدم نفسه طواعية على مذبح الوطن والحق بمحبة واندفاع وفرح من أجل أحبائه تماماً كما هو حال كل شهيد من شهداء وطن الأرز الأبرار. عرفاناً بجميل شهداء ومنهم النائب الشهيد بيار الجميل نقول أنه وبفضل استشهادهم بقينا، وسوف نبقى بإذن الله طالما بقي الشباب اللبناني مؤمنا بلبنان وبرسالته وعلى استعداد تام ودائم للشهادة.
ولأن الشهيد لا يموت وإنما ينتقل من الموت إلى الحياة فإن الشهيد بيار أمين الجميل لم يمت لأنه باق في كل جهد وعمل يقوم بهما أي لبناني من أجل الحفاظ على سيادة واستقلال وحرية وطننا الحبيب لبنان، ولصون كرامة وعزة شعبنا اللبناني، كما أن عائلة الجميل هي نبع معطاء لا ينضب في دفق الإيمان والوطنية والشهادة للحق والشهداء من أجل لبنان الرسالة والقداسة والقديسين.
نصلي من أجل أن يسكن الله روح الشهيد بيار الجميل وأرواح كل شهداء وطن الأرز فسيح جناته إلى جوار البررة والقديسين.

CONVERSATION

0 comments: